لا ولا للغلاء

* لأول مرة أجد نفسي عاجزة عن الكتابة في زاويتي المحببة (بلا حدود) لتعانق أسطري عيون القارئ العزيز كالمعتاد، ولأول مرة أشعر بالعبرة تخنقني والإحتقان يكاد يفقدني معظم حواسي، ورغم ذلك سأجتهد في إيصال صوتي للقارئ، وليجد لي العذر إن لم تكن أحرفي كما عهدها أو كما كان يتوقعها.

* ولعل سبب ذلك كان الإستفزاز المستمر من قبل النظام الحاكم الذي أكد أنه يعمل لصالح رفاهية فئة معينة على حساب المواطن الصابر.

* فالزيادات المستفزة والتي تم التمهيد لها قبل أسبوع لم يكن أسوأ المتشائمين يتوقعها بهذا الحجم، حيث بدأت بتعويم الجنيه ورفع سعر الدولار المصرفي لتأتي الزيادات التي ستكون هي بداية النهاية للسودان ولمواطنه إن لم تكن هناك معالجات أخرى من قبل الحكومة.

* الزيادات(الفورية) والتي تم تطبيقها منذ مساء أمس الأول جاءت تحت عبارة (تحرير الاسعار)، وشملت الأدوية والوقود والكهرباء، لتقابلها زيادة بائسة في المرتبات بنسبة 20% وهي بالطبع فقط للعاملين بالدولة، أي أن القطاع الخاص غير معني بها، خاصة وأن نسبة العاملين في الدولة لا تتجاوز ال 60% فقط من تعداد السكان.

* مفاجأة صادمة للشعب الذي ينتظر معالجات لتحسين وضعه من قبل الحكومة في ظل الانفاق على حروب مستمرة دمرت البلاد، ودمرت الإنتاج بكافة أنواعه.

* الحكومة وبدلا عن إجراء إصلاحات إقتصادية ومعالجات طارئة تبدأ بتقليل الإنفاق الحكومي والصرف البذخي خاصة لكبار المسؤولين بالدولة وشاغلي المناصب الدستورية، إستمرأت ركوب ظهر المواطن لتوفر مرتبات ومخصصات وحوافز وسفريات (الأكابر)، ليستمر الضغط علي المواطن الذي لن يجد ثمن الدواء، ولن يجد ثمن تذكرة المواصلات، ولن يجد الكهرباء ولا الغاز، لتبدأ رحلة الجوع والشقاء التي لم ولن يسمع بها تاريخ السودان .

* الحكومة تضاعف أسعار المواد الغذائية والأدوية، وتبقي على سيارات ومخصصات وبدلات ونثريات المسؤولين التي تكلف خزينة الدولة ما لايقل عن مئات المليارات سنويا، وهي كفيلة بإستعادة العديد من مشاريع التنمية والنهوض بالاقتصاد مرة أخرى وتجنيب المواطن هذا العنت والشقاء.

* المضحك المبكي أن وزير المالية الذي يراوغ في تقديم إستقالته كما وعد، يؤكد أن بعض القرارات الاقتصادية التي إتخذها منعت استيراد الحيوانات واللحوم وزهور الزينة.

* ليقفز السؤال الطبيعي، وهل نحن في حاجة لإستيراد اللحوم وزهور الزينة؟
* وهل هذا الحديث معني به المواطن العادي أم أثرياء اللحظة من المسؤولين؟ وهل المواطن قادر علي إطعام نفسه وأهل بيته ليطعم الحيوانات المستوردة، أم أنه إستخفافا بعقول المواطنين وصرفهم عن القضية الاساسية.

* الأمر الواقع الذي يأبي أن يعترف به هذا النظام هو أن مصروفات الحكومة وأذرعها تفوق مصروفات الدولة بنسبة خرافية.
* هذه الزيادات ستترتب عليها الكثير جدا من المواقف التي لن يصمت حيالها المواطن الذي إفترضوا فيه (الطيبة والكرم)، وفي نفس الوقت (تسلحوا له) بنشر القوات النظامية في الشوارع وطلمبات الوقود، وجعلوها في حالة إستنفار قصوي تحسبا لأي رفض أو إحتجاج يمكن أن يطيح بهم، وعلي أسوأ الفروض يطيح بكرسي السلطة الذي يجلسون عليه، ونسوا أن عناصر هذه القوات النظامية هم أبناء الاسر البسيطة وليسوا من سكان الأبراج والفيلل الفارهة.

* على المواطن أن يكون حازما وحاسما تجاه هذه الزيادات، ورفضها حق مشروع كفلته له كل القوانين، وهو ليس معني بالحصار المفروض لأنه لم يتسبب في أي سياسات غير حكيمة قادت لهذا الحصار، وعلي الحكومة أن تراجع قراراتها إن كانت تطمح في البقاء أطول فترة ممكنة.
نواصل

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة

Exit mobile version