السؤال
سيدي مرضت والدتي بسرطان المريء في العام ٢٠٠٦، ولعلمي بشدة تأثرها النفسي بالمرض أخفيت عنها حقيقة مرضها وصرت أكذب عليها عندما تسألني عن حقيقة مرضها وهي تثق فيما أقول ثقة عمياء، كثيراً ما تسألني عن هل هي مريضة بالسرطان فأجيبها بالنفي وأختلق لها أعراض أمراض أخرى، فما حكم ذلك وهل يجوز لي الاستمرار في خداعها؟ علماً بأن ذلك يجدي نفعاً معها حيث أن مقاومة السرطان تعتمد على الحالة النفسية للمريض، كل ما أخشاه وأتألم بسببه هو أن يتوفاها الله دون أن أقول لها الحقيقة، ولفائدة الجميع أرجو أن أسرد قصتي مع هذا المرض حيث تقول الحقيقة الطبية أنه وبعد جراحة سرطان المريء يجب أخذ علاج إما كيميائي أو إشعاعي وقد سألت الله أن لا تحتاج له، وفعلاً حتى الأن لم تخضع لهذا العلاج وقبل شهرين تقريباً أكد الأطباء عودة المرض، وكنت قد هديت لحديث نبوي يقول داووا مرضاكم بالصدقة فعملت به وسافرت معها إلى الأردن حيث أجرى الأطباء العديد من الفحوصات ولم يجدوا بفضل من الله أثر لعودة المرض فقد أكرمنا الله بشفائها وصدق نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام، عفواً للخروج من موضوع السؤال وهو هل يجوز لي أن أستمر في إخفاء حقيقة مرضها عنها وما حكم ما حدث من تضليلها خلال هذه السنوات الماضية؟ وفقكم الله وجزاكم عنا خيرا.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإنني أسأل الله تعالى لوالدتك شفاء عاجلاً غير آجل، وأن يجعل ما أصابها كفارة للذنوب والخطايا ورفعاً للدرجات، وأن يحسن لنا ولها الختام، وأن يرزقها صبراً على بليته وتعجيلاً لعافيته؛ إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، وأوصيك بها خيرا.
وجواباً على ما سألت عنه فإنني أقول: إن الغرض الذي من أجله أخفيت الحقيقة عنها غرض مشروع؛ وقد قرر علماؤنا رحمهم الله في شرحهم لحديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها «ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في الكذب مما يقول الناس إلا في ثلاث: في الحرب، وإصلاح ذات البين، وكلام المرأة لزوجها والرجل لامرأته» قال أهل العلم: كل مقصود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً فالكذب فيه حرام، فإن كان لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فإننا ننظر فإن كان المقصود مباحاً كان الكذب مباحاً، وإن كان واجباً كان الكذب واجباً، وإن كان مندوباً كان الكذب مندوباً.
وعليه فلا إثم عليك إن شاء الله فيما صنعت؛ لأن مرادك إقبال الوالدة على تناول الدواء وتعلق أملها بالشفاء، والله الموفق والمستعان.
د.عبدالحي يوسف