قطع الطريق .. وعزل الرئيس !

في مقابلة أجرتها هذه الصحيفة مع القيادي في المؤتمر الوطني الشيخ جلال المراد ، وهو عضو هيئة علماء المسلمين ، وعضو مجمع الفقه الأسلامي ، وكان قد شغل منصب وزير الشئون الاجتماعية بولاية جنوب كردفان ، الشيخ المراد إنتقد ( عدم تقدير الحكومة للعلماء بكونها تضعهم في الكراسي الخلفية ولا تسمع لكلمتهم ) ، المراد استثنى السيد رئيس الجمهورية وقال: ( إنه استمع لهم مرة ، وطلب سماعهم مرة ثانية ، لولا من أسماهم ” قطاع الطريق” ، الذين قطعوا الطريق بينهم وبين رئيس لجمهورية ) .

دون الخوض فطبيعة اللقاء الأول ، أو الأهداف التي توخاها الطرفان ، أو المكاسب التي تحققت لكليهما ، إلا أن أحد الاطراف إشتكى من تعذر اللقاء الثاني و المدهش أنه كان بطلب من الرئيس ، على كل حال فإن الرؤساء والملوك في كل الدول درجوا على اجراء مقابلات مع كثير من الهيئآت الحكومية والشعبية للإطلاع عن قرب على المشكلات والأداء ، وربما إتخاذ إجراءات فورية تصدر كتوجيهات رئاسية واجبة النفاذ ، وفي بلادنا ومنذ عهد حقبة الاستعمار كان الحاكم العام الانجليزي يلتقي القيادات الأهلية والقبلية من وقت لآخر ، ودرجت على ذلك الاسلوب الحكومات الوطنية ديموقراطية كانت أو عسكرية انقلابية ، ويذكر التاريخ أن الزعيم الأزهري كان يشارك في المناسبات الاجتماعية ،اتراحاً وأفراحاً ومشى على ذلك الدرب رؤساء البلاد المتعاقبين ، ورؤساء مجالس السيادة ورؤساء الوزارات حتى الرئيس البشير ، ولعل حضور الرؤساء ورؤساء الوزارة في المناسبات الاجتماعية ظل الميزة السودانية الأكثر بروزاً على المستوى الرسمي ، وهي بشكل أو بآخر كانت أحدى وسائل التواصل المباشرة بين الحاكم والمحكومين ، ودون النظر لمردودها السياسي والاجتماعي تظل تقليداً وجب التمسك به دون إعتبار لخليفة الحاكم وسواء كان قريباً من الناس أو بعيداً ، وان كان ظالماً أو عادلاً ، وبالطبع ان كان حكمه ديموقراطياً شفافاً أو شمولياً قابضاً .

ويلاحظ المراقب أن الرئيس البشير يحرص على الظهور في مناسبات الزواج بصفة وكيل للزوج أوالزوجة ويشهد مراسم عقد القرآن ، وربما تشهد هذه المناسبات محاولة بعض المواطنين التحدث مع الرئيس أو محاولة تسليمه ورقة ، تنجح أحياناً وتفشل في الغالب بفعل الطوق الأمني المضروب حول الرئيس ،ولعل الحالات التي نجحت لاحظها الرئيس شخصياً وأمر بالسماح بها .
يأتي أهتمامنا بهذا الأمر من زاوية مسئولية الرئيس الدستورية عن كل الناس دون تمييز حزبي أو قبلي ، فضلاً عن مسؤوليته عن المؤسسات والهيئات الرسمية أو شبه الرسمية والشعبية ، و من منطلق أن هناك من القرارات التي تفقد قيمتها بعد تطاول الأمد عليها ، و منها ما لا يمكن له انتظار عجلة الروتين، أو التقاضي الذي يتطاول لسنين عدداً، و على الأخص في تعديات الحكومة على الحق الخاص ، أو افراطها و تعسفها في استخدام القانون ، أو في المسائل التي نص فيها القانون على استرحام الرئيس فيما يتعلق بالحق العام،

ماورد في حديث الشيخ مراد يكتسب أهمية بسبب أن الكثير من الجهات التي تسعى الى مقابلة السيد رئيس الجمهورية تواجه بقدر كبير من التعويق والعراقيل ، لدرجة ان وصف (قطاع الطريق) ربما يكون أهون ما يوصف به من يقفون بين طلاب الحاجات و أصحاب المظالم أو الناصحين وبين السيد الرئيس ، والمسألة ربما تبدو في غاية التعقيد ، فهناك حتى من بين المسئولين وقيادات الحزب الحاكم والحركة الاسلامية ممن لا يجدون الطريق سالكاً لمقابلة الرئيس ، وتأتي ملاحظات الشيخ مراد الذكية في إطار استنكار ضرب سياج عازل حول الرئيس وتقليل مساحة التواصل بينه وبين المجتمع ، يلاحظ في هذا الجانب أن مكتب الرئيس قلص القائمة المسموح لها بالمقابلة دون مواعيد مسبقة ، وكان شحيحاً في منح مواعيد للقائمة المسموح لها بالمقابلة بعد الإذن ، والبعض يلقي باللائمة على الفريق طه ، وفي أنه غير التقاليد المتبعة في مقابلات الرئيس وذهب البعض الى ان فترة الفريق طه اتسمت بالمزاجية ، والانتقائية ، فمن يرضى عنه طه يمكن أن يقابل الرئيس ، ومن لا يرضى عنه طه ، فليبحث عن مدخل آخر، ربما سيكون أخوان الرئيس، هذا الموضوع لا يحتاج الى اثبات او دليل ، أنا شخصياً حاولت مقابلة السيد رئيس الجمهورية ( مكررا ) منذ خمسة سنوات ولم أنجح في ذلك ، والموضوع كان يخص قرار جمهوري أصدره السيد رئيس الجمهورية منذ عام 2009م ولم ينفذ حتى الآن ، هل يعلم السيد رئيس الجمهورية أن بعضاً من قراراته لا تنفذ ؟ الله أعلم .

ماوراء .. الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة

Exit mobile version