أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن أسفه لإبداء ثلاث دول أفريقية نيتها بالانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية.وقال إن تلك الخطوات قد توجه رسالة خاطئة حول التزام تلك الدول تجاه العدالة.
وقال بان كي مون في مستهل كلمته في جلسة مجلس الأمن حول التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين،الجمعة “قام العالم بخطوات هائلة على مسار بناء نظام عالمي للعدالة الجنائية الدولية، تقع المحكمة الجنائية الدولية في مركزه. إن تلك المحكمة وغيرها من المحاكم الدولية أصدرت إدانات غير مسبوقة. ولكننا نعلم أن تلك المكاسب وغيرها، صاحبها تراجع وقصور.”
وتابع ” أن النظر في بعض القضايا قد يستغرق سنوات طويلة، وإلى عدم قبول بعض الدول للولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية”.
وكانت جنوب أفريقيا أخطرت مجلس الأمن الأسبوع الماضي بالإنسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، كما قررت كل من بوروندي وغامبيا الانسحاب من المحكمة، التي مقرها لاهاي،بينما رحبت دول السودان وأثيوبيا بقرارات الانسحاب من الدول الثلاثة.
وقال بان كي مون يشعر البعض بالقلق لأن المحكمة قد أدانت فقط مواطنين أفارقة على الرغم من الأدلة على وقوع جرائم في مناطق أخرى من العالم. بالفعل، في الأيام الأخيرة أبدت ثلاث دول أفريقية نيتها بالانسحاب من المحكمة. مردفا “أشعر بالأسف إزاء هذه الخطوات، التي قد توجه رسالة خاطئة بشأن التزام هذه الدول تجاه العدالة.”
وأردف ” إن أفضل سبيل لمعالجة التحديات هو تعزيز المحكمة الجنائية الدولية من الداخل، لا تقليص الدعم لها.
وأضاف الأمين العام أن منع الفظائع التي قد تقع في المستقبل، وضمان تحقيق العدالة للضحايا، والدفاع عن قواعد الحرب بأنحاء العالم، كلها أولويات مهمة يتعين عدم المخاطرة بإلحاق أي تراجع بها في عصر المحاسبة الذي عمل العالم بجد من أجل بنائه وتكريسه.
وذكرت الخارجية السودانية إن قرارا صدر من القمة الأفريقية في رواندا يقضي بالجلوس مع مجلس الأمن الدولي لبحث انشغالات الأفارقة حيال “سلوك” المحكمة الجنائية الدولية.
وقال وكيل الوزارة عبدالغني النعيم لـ”سودان تربيون” الخميس “القمة أقرت إنه إذا لم تراعى قضيتي الرئيس عمر البشير ونائب الرئيس الكيني فإن الدول الأفريقية ستنظر في الانسحاب من المحكمة”.
وطالب الزعماء الأفارقة المجتمعون في نهاية قمة الاتحاد الأفريقي في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، في يونيو 2015، بوقف ملاحقة الرئيسين السوداني عمر البشير والكيني أوهورو كينياتا من قبل المحكمة الجنائية الدولية، كما بحثت قمة أفريقية بأديس أبابا في يناير الماضي بشكل مفصّل مراجعة مواقف الدول الأفريقية الموقعة على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية.
وأصدرت محكمة الجنايات الدولية مذكرتي توقيف بحق الرئيس السوداني في عامي 2009 و2010 تتهمه بأرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتدبير إبادة جماعية بدارفور.
وتقول حكومات أفريقية إن المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست عام 2002 أظهرت انحيازا ضد قادة القارة، كما تعاني من نقص تعاون بعض الدول ومن بينها الولايات المتحدة التي وقعت على ميثاق تأسيس المحكمة إلا أنها لم تصادق عليه.
وبينما يبحث برلمان كينيا اتخاذ قرار بالانسحاب، تصاعدت المخاوف الدولية من انتقال عدوى الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية إلى دول أخرى، خصوصا في القارة الأفريقية.
ودعا وزير العدل السنغالي صديقي كابا – الذي يرأس جمعية الدول المشاركة في معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية – إلى التوصل لتسوية مع الدول الأفريقية المعترضة.
وقال صديقي إن المجتمع الدولي “سيتخذ مبادرات قوية” لجعل بوروندي وجنوب أفريقيا تعيدان النظر في خطوتهما، وأكد أن “هناك حاجة كبيرة لقضاء عالمي اليوم أكثر من أي يوم مضى”.
وتضم المحكمة 124 عضوا، وهي أول هيئة قانونية ذات اختصاص قضائي عالمي دائم للمقاضاة في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، لكنها لم تصدر سوى خمسة أحكام على أساس معايير موضوعية خلال 14 عاما كلها ضد أفارقة، ما جعلها عرضة لانتقادات بأنها تستهدف أفريقيا على نحو جائر.
وقدم الرئيس الكيني أوهورو كينياتا مقترحا لقمة الاتحاد الأفريقي في يناير الماضي لإنسحاب جماعي من المحكمة، وأيد المقترح الرئيس التشادي إدريس ديبي الرئيس الحالي للقمة الأفريقية.
وتواجه المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست عام 2002 اتهامات بتنفيذ أجندة للاستعمار الجديد في أفريقيا، حيث تركزت جميع تحقيقاتها العشرة في هذه القارة باستثناء تحقيق واحد.
سودان تربيون