عادة ما يتقدم المسؤول في الأنظمة الديمقراطية باستقالته إما لشعوره بقصور في أدائه الوظيفي نتيجة لمرض أو عجز ما،أو لفشله في القيام بمهام أساسية أسندت إليه،أو لرفع حرج اجتماعي قد أصابه، وأن الاستقالة قد ترفع أو تخفف الحرج الذي وقع فيه ،وهذا ما يسمي “أدب الاستقالة” والنظام الديمقراطي الذي يعمل المسؤول “المستقيل” في مؤسساته يتفهم دواعي الاستقاله فلا يجبره على التراجع عنها ولا يمارس عليه أي نوع من الضغوط بل يحترم خياره ورغبته وموقفه لأنه نظام ديمقراطي قائم على حرية الاختيار واحترام المواقف والرأي ،ولأنه يدرك أن مسؤوله “المستقيل ” لا يناور ولا يراوغ بهذه الاستقالة وأن هذه الخطوة مطلوبة لترسيخ الديمقراطية .
أما في الأنظمة الشمولية فالأمر يختلف كثيراً ،فالمسؤول في النظام الشمولي يحرم من شرف الاستقالة،وليس له من الأمر شيء حيث نجد هذه الأنظمة تمارس الضغوط على المسؤول الذي يتقدم باستقالته،فلا يلبث إلا قليلاً حتى يتراجع تحت وطأة تلك الضغوط، فيضطر لسحبها أو ترفض وتمزق أمامه، بل ربما ينظر زملاؤه إلى استقالته على أنها “هروب” أو قفز من مركب أوشكت على الغرق.
المسؤولون في الأنظمة الشمولية ليس لهم حق الاستقالة ،وإذا حدث أن تقدم أحدهم باستقالة وتم قبولها فمن المرجح أنها إقالة
لبست قناع الاستقالة حتى بدت للناس كذلك، بعض المسؤولين غير المرغوب فيهم في مثل هذه الأنظمة تمارس عليهم الضغوط ويتم إجبارهم على الاستقالة وقد حدثت أمثلة ونماذج كثيرة لذلك ، فمنهم من أقر بعد فترات طويلة بأنه أجبر على الاستقالة ولم تكن بمحض إرادته ، وأنه طلب منه أن يستقيل،وهي في الواقع إقالة،وقد تحدث الإقالة بشكل واضح وصريح دون أن يطلب من المسؤول “التغطية” بالاستقالة،لكن تحدث مثل هذه الحالة عندما يكون المسؤول “المقال” خارج منظومة التنظيم الحاكم، كأن يكون مشاركاً فيه نتيجة لصفقة أوتحالف ما ،فهنا تتم إقالته مباشرة ولن يطلب منه التغطية بالاستقالة.
لكن السؤال الجوهري الذي يتبادر إلى الذهن، هو لماذا لماذا لا تمنح الأنظمة الشمولية مسؤوليها شرف الاستقالة بل تسرع إلى إقالتهم عندما يكونون أشخاصاً غبر مرغوب فيهم؟…لا أرغب في الإجابة عن السؤال بقدرما أردت أن يفكر ويجتهد كل قاريء في إجابة خاصة به…ترسل الإجابات على البريد الإلكتروني الخاص بكاتب هذه السطور…اللهم هذا قسمي فيما أملك ….
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله،وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين..
أحمد يوسف التاي
الصيحة