آخر شطحات رئيس الفلبين: كلمني الله وأنا في السماء

يبدو أن الرئيس الفلبيني، رودريجو دوتيرتي، الذي عرف بتصريحاته البذيئة دون أن يتوقف قليلاً لكي يفكر ما الذي يتفوه به، قرر أخيراً أن يتوب إلى الله ويقول قولاً حسناً، إذا كان صادقاً في النوايا، بعد أن كال الشتائم يميناً ويساراً من بابا الفاتيكان الذي وصفه بـ”ابن العاهرة” ثم عاد للاعتذار، إلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي نعته بالوصف المقزز نفسه وقال له اذهب إلى الجحيم. وغيرها من الصفات القبيحة التي لا تنتهي.

وقد أصبحت الشتائم علامة تجارية مميزة للرجل، وهو يكلل حروبه الكلامية بهجومه على تجار ومتعاطي المخدرات في بلاده الذين وعد بأن يقطعهم إرباً، كجزء من حربه على تلك التجارة غير المشروعه، إذ صرح في سبتمبر، مشبهاً نفسه بهتلر وأنه سوف يكون سعيداً بذبح الملايين من متعاطي المخدرات في الفلبين. وخلال الفترة السابقة قتل أكثر من 3 آلاف شخص معظمهم من تجار المخدرات ومتعاطيها في عمليات للشرطة.

وأخيراً ومنذ أن تولى الرجل حكم البلاد في 30 يونيو الماضي يبدو أنه قرر أخيراً أن يكون سليم الذوق واللسان، إذ وعد الله بألا يتكرر منه أي قول قبيح أو شتائم، حيث أطلق وعوده هذه مع وصوله يوم الخميس 27 أكتوبر إلى مسقط رأسه جنوب مدينة دافاو في الفلبين، وكان قادماً في المساء من رحلة إلى اليابان تفوه على ما يبدو فيها بآخر الأقوال المقززة إذا كان سوف يلتزم فعلياً بما تعهد به.

وكان دوتيرتي قد زار اليابان في أول زيارة رسمية له منذ توليه حكم الفلبين، حيث أجرى مباحثات مع رئيس الوزراء، اليابانيشينزو آبي، الأربعاء، ومن ثم تفقد تدريبات خفر السواحل الياباني في يوكوهاما باليابان الخميس، ووعد بمناورات مشتركة بين البلدين.

ولدى لقائه آبي كان قد قال بالحرف الواحد إنه مستاء من الولايات المتحدة، وإن واشنطن تعاملت مع الفلبين وكأنها “كلب بمقود”، وإن رده عليهم بحرب على المخدرات بلا هوادة ليعلمهم كيف تكون حقوق الإنسان، مع التأكيد بأن العلاقة لم تقطع بين البلدين، لكنه يريد أن يلقن أميركا درساً ويسعى لعلاقة خارجية مستقلة دون تدخل من أحد.

انتهت الزيارة وحملت الطائرة الرئاسية الرئيس الفلبيني إلى بلاده ليقرر أن يقضي الليلة في مسقط رأسه وليس في العاصمة، ليحدث الأمر المفاجئ.

فقد قال للصحافيين في المطار وهو يروي ما حدث معه بعد هبوط الطائرة في المطار بمسقط رأسه: “وأنا عائد بالطائرة وكنت في حالة استرخاء.. كنت أتأمل السماء تبدو صافية من نافذة الطائرة، وكان الهدوء يخيم على الأشياء تماماً في تلك اللحظات، وقد نام الجميع نوماً عميقاً، بل إن بعضهم بدأ في الشخير”. وأضاف شارحاً للمستمعين شطحته المجنونة المتخيلة، مؤكداً أنه سمع صوتاً يطلب منه أن يتوقف عن الشتم وإلا سوف تهوي الطائرة الآن وتتحطم.

واستمر الرجل يروي للصحافيين قصته المتخيلة: “قلت لنفسي، من يكون هذا”.

ثم صمت قليلاً ليجيب عن نفسه: “قلت قطعاً إنه الله”.

واستمر يقول: “لهذا فأنا أعد الله ألا أشتم مرة أخرى، أو ألقي بالكلمات البذيئة أو أي شيء من هذا القبيل، لذلك أيها الرفاق اسمعوا لي جيداً، إن الوعد لله يعني وعد لكافة شعب الفلبين”.

ووصل الرئيس مسقط رأسه حيث استقبل بالتصفيق، وهو يطلق هذه التصريحات، وقد أشار فجأة للمصفقين بأن يتوقفوا عن المزيد من التصفيق قائلاً بحزم: “لا تصفقوا كثيراً وإلا خرجت الأمور عن مسارها”.

وتقول صحيفة “واشنطن بوست”، التي نشرت هذه القصة في عدد الجمعة 28 أكتوبر، إنه ليس من المؤكد إن كان الرئيس الفلبيني، البالغ من العمر 71 عاماً، سوف يلتزم بهذا “التعهد مع الله” أم لا.

وتشير الصحيفة إلى أن الرجل سبق أن قال بعد فوزه بالرئاسة، إنه سوف يوقف التصريحات القبيحة التي كان قد أطلقها أثناء الحملات الانتخابية في مايو، حيث ذكر بالحرف الواحد: “عندما أصبح رئيساً للبلاد وأؤدي اليمين الدستورية فإن القصة ستكون مختلفة تماماً، سيحدث تحول واضح لي”.

ولكن لم يمر سوى وقت وجيز إلا وعاد الرجل إلى أفعاله. وابتدأ مرحلة جديدة من الشتائم على العالم الخارجي من أوباما إلى بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، إلى سياسيين شرقاً وغرباً ودعاة حقوق الإنسان، فقد كان يشيد بقادة الصين وروسيا.

ورغم أن خطابه الأخير الخميس خلا من الشتائم وكان بمثابة إعلان للتوبة والرغبة في التكفير إلا أن الوضع لا يزال متأرجحاً على الحافة إلى أن يثبت العكس، وفق الصحيفة.

فعندما سئل عن ملكة جمال الفلبين التي فازت بمسابقة ملكة جمال العالم، قال الرجل إنه يشعر “بالفخر”.

وعقب بعدها: “هناك الكثير من الفلبينيات الجميلات، ولكن إذا ما تعلق الأمر بحقوق الإنسان فالكل هنا قبيح”.

ورداً على سؤال من صحافي، هل انتهى زمن توجيه التقريع للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لم تكن إجابة الرجل واضحة، إذ قال: “لا أريد لأي شخص أن يعرف ما يدور برأسي، لأن ذلك لن يمكنني من اتخاذ أي خطوة ذكية في المستقبل”، مضيفاً: “كل شيء يخضع للفحص والأمر برمته يتعلق بالوقت المناسب”.

العربية نت

Exit mobile version