نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز تقريرا عن انسحاب بعض الدول الأفريقية من المحكمة الجنائية الدولية واحتمال اتساع الانسحابات، وتطرقت لموضوع التركيز على استهداف القادة الأفارقة فيما يبدو وتأثير الانسحابات على وضع المحكمة.
وأشار التقرير إلى إعلان دولتي جنوب أفريقيا وبوروندي الأسبوع الماضي انسحابهما من المحكمة، قائلا إن ذلك أثار المخاوف وسط المدافعين عن حقوق الإنسان من انسحابات جماعية من المحكمة التي تمر بورطة.
ونقل عن أستاذ القانون في جامعة كارلتون الكندية كاماري كلارك الذي ظل يدرس أنشطة المحكمة بأفريقيا قوله إنه من المتوقع تماما أن دولا أخرى ستقتفي أثر جنوب أفريقيا وبوروندي.
انسحاب مؤثر
وقال التقرير إن انسحاب بوروندي اعتبر على نطاق واسع محاولة من قادة البلاد لتفادي التحقيق في العنف السياسي الذي استمر أكثر من عام بعد أن قرر الرئيس بيير نكورونزيزا الترشح إلى الرئاسة لفترة ثالثة، أما انسحاب جنوب أفريقيا -الدولة القائدة في القارة وأقوى المؤيدين للعدالة الدولية- فيمكن أن يكون أكثر إضرارا بالمحكمة.
وذكر أن المسؤولين بجنوب أفريقيا يقولون إن معاهدة تأسيس المحكمة أصبحت تتعارض مع جهودهم في التوصل إلى حلول سلمية للصراعات في القارة والتي تستلزم استضافة الخصوم في هذه الصراعات، بينما تلزمها المحكمة بالقبض على بعضهم وتسليمهم إياها.
وأكد التقرير أنه ومنذ بدء عمل المحكمة قبل أكثر من عقد لم تحاكم إلا قادة وغير قادة من أفريقيا، لافتا الانتباه إلى أن محاكمة الرئيس اليوغسلافي الأسبق سلوبودان ميلوسوفيتش تمت على يد محكمة خاصة وليس المحكمة الجنائية الدولة، مشيرا إلى أنه ومن بين عشر قضايا كانت تسع في أفريقيا.
“جيمس غولدستون: المشكلة الرئيسية هي أن المحكمة تعمل في عالم أعضاؤه ليسوا على قدم المساواة سياسيا واقتصاديا، وهذه المشكلة لا تستطيع المحكمة علاجها لكنها تتعرض لكثير من اللوم بسببها ”
انحياز المحكمة
وقال إن هذه الحقيقة أدت إلى اتهامات بانحياز أول محكمة دولية دائمة أنشئت لمحاكمة أسوأ الانتهاكات في العالم، جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية.
وللإجابة عن سؤال بشأن التركيز الخاص من قبل المحكمة على أفريقيا أورد التقرير أن السلطة القضائية للمحكمة محدودة، فهي تستطيع التحقيق في الجرائم التي تتم داخل الدول التي صادقت على معاهدة تأسيسها ومحاكمتها فقط ولا تتدخل في دول أخرى إلا بموافقة مجلس الأمن الدولي.
وأشار التقرير إلى أن القادة الأفارقة كانوا بين أكثر القادة تأييدا للمحكمة جزئيا بسبب الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في رواندا عام 1994، وإلى أن 34 دولة أفريقية بين 124 دولة في العالم صادقت على معاهدة تأسيس المحكمة.
اختلال أصيل
وذكر التقرير أن مجلس الأمن الدولي استخدم سلطاته لإحالة بعض القضايا المتعلقة بدول ليست أعضاء في المحكمة مثل السودان وليبيا، لكن دولا كبرى مثل أميركا وروسيا والصين ليس من المحتمل إحالة قضايا ضدها للمحكمة لأنها تتمتع بـحق النقض في المجلس.
وكانت روسيا والصين قد استخدمتا حقهما في النقض لمنع إحالة قضايا تتعلق بسوريا إلى المحكمة.
وقال المدعي السابق في مكتب الادعاء بالمحكمة جيمس غولدستون إن المشكلة الرئيسية هي أن المحكمة تعمل في عالم أعضاؤه ليسوا على قدم المساواة سياسيا واقتصاديا، وإن هذه المشكلة لا تستطيع المحكمة علاجها لكنها تتعرض لكثير من اللوم بسببها.
وعن احتمال إضرار هذه الانسحابات بالمحكمة، قال التقرير إن محاولات لانسحابات أفريقية جماعية من المحكمة قد هزمت في الاتحاد الأفريقي في يوليو/تموز الماضي إلا أن انسحاب جنوب أفريقيا وبوروندي حاليا من الممكن أن يدفع دولا أخرى لمغادرة المحكمة على انفراد.
محاولات للإصلاح
وأورد التقرير أن أقرب الدول للانسحاب قريبا هي كينيا وناميبيا، وفي نفس الوقت ذكر أن هناك دولا مثل بوتسوانا والسنغال وتونس تدافع عن المحكمة الجنائية الدولية بقوة.
وذكر أن هذه الانسحابات ربما تدفع المحكمة لإيلاء اهتمام جدي ببعض الإصلاحات التي يبحث فيها الاتحاد الأفريقي حاليا، مثل منح الحصانة لرؤساء الدول أثناء توليهم المنصب، والسماح للجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت بشأن ما إذا كان من الممكن إحالة أكثر الجرائم بشاعة إلى المحكمة.
الجزيرة نت