*فرقة اسكتلندية أنتجت أسطوانة جديدة..
*وبعد تسويقها انتبه قائدها إلى خطأ فادح بها..
*فقد كانت أغنية موسيقى (القرب) مسجلة بالمقلوب..
*فأسرع إلى شركة التوزيع من أجل تلافي الفضيحة ما أمكن..
*ولكنه فوجئ بأن الأسطوانة غزت السوق..
*وبيع منها في اليوم الأول وحده نحو مليون نسخة داخل بريطانيا..
*فكان رد مدير الشركة (دعوها، الناس تريدها هكذا)..
*وأتخيله يتبسم ويضيف قائلاً (المقلوب في نظرهم أحلى)..
*والمقلوب هذا عندنا منه كثير هنا في بلادنا..
*فالفتاة تشاهد الكحلاوي يتغنى برائعته (شقي ومجنون) على الشاشة..
*فتقف مشدوهة تبحلق في الشاشة باستغراب..
*ثم تصيح (هي شوفوا الراجل الكبير ده بيغني لنانسي عجاج)..
*وقبل أيام أرى صورة لخرطوم السبعينيات..
*وبجوارها صورتان لعاصمتين عربيتين تبدوان في منتهى البؤس..
*أما الخرطوم فكانت بينهما كعروس ليلة زفافها..
*ثم صورة أخرى للخرطوم – والعاصمتين- في الألفية الثالثة..
*فبدت عروس الأمس مثل شمطاء بين حسناوين..
*وتسير أمورنا – سريعاً- بالمقلوب..
*ومدارس زمان كانت مناهجها قوية وتخلو من (تحرش الأساتذة)..
*وبدلاً من أن يدفع الطالب كان يُدفع له..
*فهو يُسلم كتباً وكراسات وأدوات ومعينات ثم (يُطعم)..
*أما مدارس الآن فصار كل شيء فيها بالفلوس..
*بل الشهادات نفسها صارت بالفلوس، من الثانوي وحتى الدكتوراه..
*وبعد كل هذه الفلوس الشهادات غير معترف بها..
*وتدحرجت جامعة الخرطوم إلى خارج تصنيف قائمة الألف عالمياً..
*وشهاداتنا العليا يُفعل بها مثل الذي كنا نفعله في اللبن..
*فقد كنا (نموصه)- تحت إشراف أساتذة طابور الصباح- ثم (نشربه)..
* وتسير أمورنا بالمقلوب كأسطوانة (القرب)..
*وقبل نحو ثمانين عاماً- وأكثر- أشاد إدوارد عطية بقطاراتنا وبواخرنا..
*قال إنها الأجمل التي رآها في حياته..
*سواء من حيث المظهر أو النظافة أو الخدمة أو أناقة العاملين فيها..
*والآن نحن لا سكة حديد عندنا، ولا نقل نهري..
*وسفريات شمسنا المشرقة غربت شمسها فلا نملك ولا طائرة واحدة..
*وبعنا آخر سفينة بأسطولنا البحري قبل فترة..
*وبالمقلوب نهرول بأسرع من باخرتنا (الثريا) التي باتت تحت (الثرى)..
*والمسؤول بالأمس كان راتبه يكفيه و(زيادة)..
*وكذلك أغلب العاملين في الدولة- كبيرهم وصغيرهم- كانوا (مستورين)..
*اليوم يجأر اتحاد العمال (الحكومي) بالشكوى..
*ويقول إن أجر العامل لا (يغطي) سوى حوالي (20%) من احتياجاته..
*أما كبار المسؤولين فقد (تغطى) بعضهم بمال التجارة..
*ولجأوا إلى (الاستثمار) في ظاهرة دخيلة على بلادنا ويحرمها الدستور..
*ثم يرونه حلواً (كل المقلوب هذا!!!).
صحيفة الصيحة