انتخابات 2015 في تقريرين !!

تلقيت من المفوضية القومية للانتخابات تقريرين نهائيين لانتخابات 2015م، التقرير الأول وهو التقرير العام النهائي، والثاني التقرير النهائي للجنة التقويم. والتقريران اشتملا على جهد كبير من العمل والرصد والتبويب والمعلومات، وإذا جاز أن نطلق عليها إذا ما ضما في جزء واحد يمكن أن يكون رسالة علمية لما احتواه من معلومات لتلك الانتخابات التي دار طويل جدل حولها، خاصة وأن انتخابات 2015م، جاءت بعد انفصال جنوب السودان، إضافة إلى ضعف المشاركة من قبل الأحزاب السياسية التي قاطعت تلك الانتخابات واعتبرت أن المؤتمر الوطني استأثر بكل شيء، فليس هناك داعٍ لخوض الانتخابات معه في ظل الظروف الاقتصادية التي تعاني منها تلك الأحزاب، ولكن التقارير ممتازة جداً، إذ حوى الأول على نبذة تاريخية عن الانتخابات التي جرت بالبلاد منذ العام 1948م، وحتى آخر انتخابات أجريت في العام 2015م، وقدم التقرير شرحاً وافياً للقاءات التي أجريت وورش العمل التي أقيمت وتبادل الزيارات مع المؤسسات النظيرة في عدد من الدول الشقيقة والإجراءات التي اتخذتها المفوضية والتدابير التي قامت بها والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية وقيامها في الموعد الذي حدد لها رغم اعتراض بعض الأحزاب التي كانت ترى تأجيلها لما بعد الحوار الوطني، ولكن يبدو أن التحديات كانت أكبر لقيام تلك الانتخابات، وبالفعل قامت وتمت في جو صحي خالٍ من كل التوقعات التي يتشكك فيها البعض، سواء كان بالداخل أو الخارج، كما أن تلك الانتخابات اختلفت عن انتخابات 2010م، التي كان ينظر لها المجتمع الدولي باعتبارها من الأهم بمكان، إذ أنها جاءت بعد اتفاقية 2005م (نيفاشا)، ووجدت انتخابات 2010م، زخماً إعلامياً مكثفاً، واهتماماً دولياً لم تحظ به أي انتخابات أجريت بالسودان خلال الفترات الماضية. المفوضية في تقريرها لم تغفل صغيرة أو كبيرة إلا ضمتها في هذا التقرير من التدريب الداخلي والخارجي والتثقيف ومراكز الاقتراع والفرز وإعلان النتائج. وعرض التقرير الصعوبات والتحديات التي واجهت العملية الانتخابية وتعذَّر إجراء الانتخابات في بعض الولايات، واشتمل التقرير على نتائج الانتخابات والفائزين وعدد الأصوات التي حصل عليها الأفراد أو الأحزاب التي شاركت، وتناولت التقرير وسائل الإعلام التي شاركت في التغطية سواء كان على مستوى الإذاعات والفضائيات أو الصحف، وأفردت حيزاً كبيراً لذلك، أما التقرير الذي قام بعملية التقييم والذي شارك في الإعداد له نخبة من الإعلاميين المحايدين فتناول البيئة التي أجريت فيها الانتخابات، خاصة وأن تلك الانتخابات جاءت بعد انفصال الجنوب، مما اعتبرتها بعض الأحزاب تحصيل حاصل، بمعنى أن المؤتمر الوطني هو الفائز ولا منافس له في ظل مقاطعة الأحزاب الكبيرة، وتعرَّض التقرير إلى المنظمات المختلفة وبعثات الرقابة لها، كما تعرَّض إلى دور الإعلام الداخلي والخارجي لانتخابات 2015م، ورغم رؤية الأحزاب المقاطعة، ولكن الإعلام كان محايداً وتناول قضية الانتخابات من منطلق عمله الذي يعكس من خلاله إلى القارئ أو المشاهد أو المستمع الصورة المجردة وبحيادية تامة، دون تأثير، ولذلك جاءت الانتخابات نزيهة رغم القيل والقال عنها. فعموماً التقارير تصلح -وكما ذكرت- لرسالة علمية إذا ما أضيفت لها بعض الأبواب الأخرى، وجاء التقرير متناسقاً ومترابطاً مما يؤكد أن الذين قاموا بإعداده على درجة عالية من الكفاءة العلمية.

المجهر

Exit mobile version