حوسبة العقول الكبيرة أولاً

* أخيييراً جداً أعلنت وزارة التعليم العام، البدء في إجراءات إعادة السلم التعليمي “القديم”، لتكون المرحلة المتوسطة ثلاث سنوات، بعد ست سنوات ابتدائي، ثم ثلاث سنوات ثانوي، بدءاً من العام القادم بالولايات.
* وهو الأمر الذي حاول معظم السودانيين إقناع المسؤولين به لسنوات دون أن يجدوا إلتفاتة منهم، حتى تجاوز عدد الأميين في بلادنا الـ9 ملايين شخص، بجانب بقية الأسباب المعلومة للجميع من (ضغوط إقتصادية) تسببت في إدخال الأطفال الى السوق بدلاً عن المدرسة، إضافة إلى إشكالات نزوح ولجوء وغيرها من الأسباب الجوهرية التي أقعدت بالعملية التعليمية.
* أمر مؤسف جداً لدولة ترصد ثلاثة أرباع ميزانيتها للأمن والتسليح، وتجلس عارية في قارعة الطريق تربوياً وتعليمياً.
* السيدة الوزيرة رغم هذه الحقائق الصادمة إلا أنها لا زالت تصر على إبدال المناهج القديمة وإدخال مناهج جديدة وحوسبتها بتكلفة 67 مليون جنيه، في الوقت الذي أعلنت فيه أن نسبة توزيع الكتاب المدرسي في المدراس الثانوية بولايات دارفور 0%، وهو رقم كارثي ويؤكد أن ما تسمى وزارة التعليم العام مجرد لافتة ووزيرة وموظفين دون أعباء حقيقية.
* هذا إذا ما أضفنا الى هذه الكارثة الإستقالات الجماعية لمئات المعلمين والذين سيتجاوز عددهم مع نهاية العام لما لا يقل عن 4 ألف معلم، والسبب الطبيعي ضعف الأجور وسوء البيئة التعليمية من إنعدام الكتاب والإجلاس وحتى الفصول الدراسية رغم أننا دولة قوامها رئيس ونواب ومستشارون ووزراء ووزراء دولة وولاة ونوابهم ومعتمدون، ونوابهم و… الخ.
* الترهل الواضح في هيكل الدولة يشير بوضوح الى اتجاه بوصلة الدولة، وإلى أين تذهب أموال التعليم والصحة وبقية الخدمات الأساسية المفترض توفرها في أقل دولة من دول العالم الثالث.
* نظام حكم مترهل جداً، وقائم على سياسة الولاء والانتماء أولاً ثم الموازنات ثانياً، الترضيات والمجاملات ثالثاً، طبيعي جداً أن يصل فيه حجم الأمية ألى هذا الرقم المخيف، وطبيعي جداً أن يختفي الكتاب المدرسي وأن يجلس التلاميذ أرضاً في العراء وفي أفضل الأحوال تحت (راكوبة) في عدد كبير من ولايات السودان خاصة ولايات دارفور.
* ورغم ذلك تصر الست الوزير أن المناهج ستعدل لأخرى جديدة ستتم (حوسبتها)، ولا أدري عن أي حوسبة تتحدث إذا كان الطالب غير قادم على شراء الكراس والقلم هل سيكون بإمكانة شراء اللابتوب والآي باد؟؟
* وهل جميع الوزراء والعاملين بالدولة يفقهون في علم الحاسوب أم أن العبارة المفخخة (الحكومة الإليكترونية) مجرد ألفاظ فضفاضة الغرض منها المزيد من ممارسة التضليل على المواطن، ولزوم البوبار؟
* المناهج الحالية فاشلة، وظهر ذلك في تخريج اجيال من الجامعات تنقصهم الكثير من المعرفة، وكما ذكر الوزير السابق محمد الشيخ مدني أساتذة الجامعات يشتكون من (جيل ضعيف في اللغة العربية والإنجليزية) وهي أساس العملية التعليمية.
* المنهج محتاج تعديل فعلاً، ولكن ليس المنهج الذي يحتاجه التلاميذ فعلاً، ولا يحتاج للحوسبة على الأقل في الوقت الحالي، على الأقل بعد أن نقلل من نسبة الأمية الطاحنة بالبلاد.
* وقبل ذلك المحافظة على المعلمين، وتحسين أوضاعهم وزيادة مرتباتهم ومخصصاتهم، بعد أن فضل الألاف منهم الهروب واللجوء للعمل في سوق ليبيا وقيادة الركشات والحافلات، والآخرون فضلوا الاسترزاق من التلاميذ الأثرياء على حساب التلاميذ الفقراء وأسرهم مما فاقم المشكلة وجعلها أكثر تعقيداً.
* وقبل ذلك دعونا نحوسب العقول الكبيرة لكبار المسؤولين.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة

Exit mobile version