يوم الجمعة الماضية كنت استمع بإنصات لخطيب مسجد الشيخ حسن متولي بالخرطوم بحري..الإمام المستنير ، كان ينتقد إخوته في المنابر الذين يكثرون من الدعاء الذي يستهدف تحطيم أمريكا وتدمير روسيا ..في خطبته أكد الشيخ السموأل خلف الله أن الواجب أن ندعو الله أن يعز الإسلام بإحدى القوتين ، كما كان رسولنا الأكرم يسأل الله أن يعز الإسلام بأحد العمرين..بل مضى إلى أكثر من ذلك ، مجتهدا في تفسير الحديث الشريف الذي يدعو إلى تضييق الشارع على غير المسلمين ..حسب شيخ السموأل أن ذاك جاء عقب خرق اليهود لوثيقة المدينة التي تكفل التعايش السلمي بين جميع المواطنين.
في ذات الجمعة وفي مسجد الخرطوم العتيق كان الشيخ كمال رزق يصوب مدفعيته تجاه أهداف داخل نطاق الطوائف الاسلامية، زرق اتهم وزارة التربية والتعليم بالمساهمة في نشر التشيع لأن أحد كتب المطالعة كان يصف الشعر الشيعي بأنه صادق لأنه يخرج من تحت مظلة عقيدة دينية..أغلب الظن أن الشيخ لم يقرأ النص ببعض التروي..النص كان يفسر صدق النص لا صدق العقيدة ،هنا يمكن استخدام شعر (حميد) كمثال لقوة النص المسنود بمعتقد سياسي.
لم تمض غير أيام حتى رفع المركز القومي للمناهج براءته على أسنة الرماح..الأمين العام للمركز أكد أن المنهج تم تعديله منذ العام ٢٠١٤..إمعان النظر في التاريخ يجعل تعديل المناهج في ذات عام إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية بالسودان..قبل ذلك كان شباب المؤتمر الوطني يرفعون شعارات كلنا شيعة في احتفالاتهم الرسمية..بل ان الخرطوم كانت مهبطا للرئيس رفسنجاني ومن بعده أحمدي نجاد.
على منحى مقارب كان مجمع الفقه الإسلامي يحتج على اجتهادات وزارة العدل ، ودفعها بمقترح تشريعي يبدل عقوبة الزاني المحصن بالإعدام بدلا عن الرجم..المجمع اعترض وأكد أنه لم يمنح الحكومة الضوء الأخضر ،وأن أي من أقسامه المتخصصة لم يدرس هذه التعديلات..إلا أن مسؤولا آخر فضل حجب اسمه أوضح أن لجنة قانونية درست هذا التعديل ، وكان من بين أعضائها رئيس مجمع الفقه الإسلامي نفسه.
الملاحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع صوت التيار الذي يحتكر الحكمة ، ويجعل الاجتهاد حكرا على طائفة من الناس..هكذا كانت الدولة البابوية تبيع للأتباع صكوك الغفران ،وقتها كان المسلمون يضعون أساس علم الجبر وابن سينا يعتبر من الرموز التي أسست لبنات علم الطب الحديث.. كل ذلك حدث حينما كان سقف الإبداع مرتفعا، وقتها لم يجد الخليفة الراشد غير أن يقول أصابت امراة وأخطأ عمر.
بصراحة.. مطلوب صحوة شاملة تعيد للتدين عافيته ..الإسلام لم يكن أبدا دين كهنوت ..الإيمان الصحيح يجب أن يرتكز على قاعدة أن في الاختلاف رحمة،لو شاء الله لجعلنا أمة واحدة تتحدث بلسان واحد.
اليوم التالي