بعد ليلة دامسة الظلام .. لإنقطاع التيار الكهربائي .. (فجأة) .. نظرت إلى السماء والنجوم الجميلة .. تتبعتها بنظري .. هناك حركة (ما) في الأفلاك البعيدة زادت المنظر جمالاً وتوهجاً .. وشدة لمعان .. مما جعلني أسرح .. وأمرح هناك بعيداً .. بعيداً عن كوكب الأرض .. وما فيه من حروب ..وتطاحن .. ونيران مشتعلة .. وغلاء وأرتفاع في أسعار كل شيء .. ما عدا (دم الإنسان) .. الذي أصبح رخيصاً جداً .. هنا وهناك .. وخصوصاً .. سائر المنطقة العربية .. والمنطقة التي تسمى إسلامية ..!؟!
*تتبعت بنظري (نجمة) .. ونجمة نجمة الليل نعدو .. في رحلتها حتى إختفت عن ناظري أين ذهبت. .. لا أحد يستطيع أن يدري .. نسبة لعظمة الكون .. و إتساعه .. و لله في خلقه شئون .. والأفلاك بضع خلقه ..!!
*(نجمة) أخرة تتحرك .. الأحلام تزداد .. و صوت التلفزيون في آخر (البرندة) يعلو .. أحد الشباب يتابع أخبار تلك الحشود في الساحة الخضراء .. بمناسبة إنتهاء موسم الحوار .. وأقتراب موعد الحصاد .. الذي ينتظره البعض .. لأن الكثرة والسواد الأعظم لا تعرف عنه شيئاً .. سوى أنه موسم لإستعراض بلاغة اللغة .. مع قليل من القوة .. لزوم ديموقراطية ما .. قد يصدقها بعض الناس .. بعد ٢٧ سنة ..!!
*أثناء غفوة قصيرة .. قبل موعد العشاء .. وما زال الظلام دامساً .. والنجوم تلمع في الفضاء البعيد .. رأيت منظر العاصمة المثلثة .. والتي صارت متكرشة جداً .. نعم .. ما هذا الجمال .. وهذه الأناقة .. إختفت أرتال القمامة .. شباب الأحزاب و على رأسهم شباب الحزب الحاكم .. وشباب الحركات .. وشباب باقي الأحزاب الشظايا نزلوا إلى كل شوارع العاصمة .. تصاحبهم الموسيقى الوطنية .. و في بضعة ساعات فقط توفرت الميزانيات .. وصارت العاصمة نظيفة جداً .. ومغسولة بالماء جداً كأيامها الخوالي .. قل ذلك اليوم .. وذلك الشهر .. و ما حدث في تلك السنة ..!!
*بضعة أيام فقط .. والعمل جار على قدم وساق من الجميع .. ومعهم الكبار تواضعاً إنتشرت الحدائق الغناء .. والأشجار المثمرة بشتى أنواع الفواكة .. بفضل بركة ذلك المشروع الحضاري .. بعد أن طبقوه على أنفسهم .. والزهور والرياحين إنتشرت في أرجاء المدينة .. بروائحها العطرة .. التي تصل إلى المواطنين حتى و هم داخل مركباتهم العامة والخاصة .. خاصة الصاعدين إلى جسر الجقور في شرق المدينة .. و بفضل الشباب أياه .. والكبار إياهم .. أصبحت المدينة مضيئة ليلاً و حتى فجرها .. و عادت نغمة الخرطوم بالليل .. و يا جمال النيل .. وأختفت من شارع النيل كل تلك الممارسات القبيحة .. والتي كانت تجعل بعض السيارات المظللة والمركونة على بعد من الأرصفة .. تتنطط لوحدها ..!!
*عادت المزارع حول المدينة .. بعد أن تم الرفض بتغييرها من زراعي إلى أسمنتي .. عادت ترفد المدينة ..بالخضروات والفواكة .. والألبان واللحوم .. وعسل النحل الأصلي .. وعادت العافية إلى صحة المواطن .. أصبح يسير في الطرقات قفزاً .. والحوار مستمر بيني .. وتلك النجمة المضيئة .. التعليم عادت له سيرته الأولى .. وأصبح المسافر يسوح في ربوع بلاده .. لا يخشى إلا الله .. ولا يخشى رصاصة طائشة من و في مكان ما ..!!
*أصبحت البلاد رخيصة .. انخفضت الأسعار .. خاصة أسعار الدواء .. النواب جمعوا سياراتهم .. وأعادوا أموالها إلى خزينة الدولة .. وتبعهم في ذلك كل كبار المسؤولين خجلاً .. تبع كل ذلك المزارع الخاصة .. والحسابات الخاصة .. وقطع الأراضي الخاصة .. وفجأة أصبح الدولار بجنيه .. واحد فقط ..!!
*هنا أوقفت الحلم .. والحوار مع تلك النجمة البعيدة ..!!
*تحسست جيب العراقي .. ٥٠٠ دولار تقبع هادئة .. أرسلها أخي من بلادها الأصلية .. يعني بقت علي لوحدي ..
*اللهم .. أجعله خير ..!!
مفارقات – صلاح أحمد عبدالله
صحيفة الجريدة