بدا أن كثيرين رأوا في حوار الرئيس إجابات غير كافية .. ولم يفِ ما هو منتظر ومرتقب . > اللائمة موضوعة على عاتق من أجرى المحاورة وهو الصحافي المعروف حسين خوجلي .. قيل إنه لم يطرح على رئيس الجمهورية أسئلة حول ملفات ساخنة . > ومن قالوا لعلهم يريدون الأسئلة المحرجة جدا ًوهذا طبعاً مزاج سوداني قديم . .والمزاج السوداني مهتم باللوم والعتاب أكثر من التحقق والمبادرة .. لمعالجة المشكلات . > شعب غريب .. يتكل على فرد واحد هو الحاكم .. و يحمله مسؤولية مشكلات بعيدة عن أفقه مثل المشكلة الاقتصادية .. و الخبراء الاقتصاديون يحتاجون لوصف حالهم إلى معكوس المثل القائل (:الخيل تجقلب و الشكر لحماد) .. و هنا ( الكلاب تخرب واللوم على حماد). > والرئيس هل كان سيقول بأنه اجتهد في اختيار الوزراء والولاة ومديري المؤسسات الحيوية لكن النتائج لم تعجب؟. > النتائج التي لم تعجب هي واحدة من القضايا التي كانت مطروحة على لجان الحوار الوطني .. وكل الأمور نوقشت .. حتى تجنيب المال العام والنشاط التجاري لبعض المؤسسات المهمة . > ليس هناك ما يدعو الناس إلى انتقاد الحوار الأخير مع رئيس الجمهورية .. والأسئلة الأهم هي التي ينبغي أن تكون حول القضايا الأمنية والتنموية . > أما القضايا المعنوية مثل الحريات .. فهي التي كانت الألمع في الحوار .. والحريات لا قيمة لها ما لم تكن متاحة في مناقشة سياسات المؤسسات المالية والاقتصادية و التنموية . و نشير هنا إلى سياسات بنك السودان و وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ووزارة التجارة الخارجية .. وكل وزارات القطاع الاقتصادي في مجلس الوزراء . > حوار حسين مع الرئيس كشف اطمئنان الأخير للأوضاع في البلاد . . ويمكن القول بأن جهود القوات المسلحة وقوات الشرطة والمخابرات قد جعلت المشكلات الأمنية محصورة في بعض المناطق الحدودية مع جنوب السودان .. وهي حرب غير مُعلنة بين جنوب السودان والسودان يقودها قطاع الشمال الذي يتلقى الصرف بكل بنوده من خزينة جنوب السودان .. فقوات قطاع الشمال تابعة للجيش الشعبي بقيادة سلفا كير . > وياسر عرمان حسب كلام الرئيس في حواره أمس الأول .. يريد أن يغير الأوضاع في السودان لصالح مد مشروع السودان الجديد من هناك إلى هنا .. بحروبه القبلية التي نشاهدها كل يوم . > و حينما تحدث الرئيس عن الزراعة كان يمكن أن يقول لو فشلنا في تطوير الزراعة لإنعاش الاقتصاد .. فإن المستقبل سيعالج هذا الفشل بالمياه التي سيحبسها سد النهضة الإثيوبي . > لم يتحدث الرئيس عن سد النهضة كهبة إلهية للسودان .. فهو سيحل مشكلة ري مليوني فدان . > وجزء مهم مما تسبب في تراجع مشروع الجزيرة سيعالجه سد النهضة .. وهو تعاظم الأطماء . > ومليونا فدان لم يحظ بالإشارة إليها في حوار الرئيس محور الزراعة . كان يمكن أن يسأل عن مشكلة تدني العملة .. وعدم تشجيع الشباب السوداني على الإنتاج .. لكنه خاض في حديث الذكريات .. والذكريات مهما كانت صادقة وجميلة وتوحي إلى الأحباب أشياء جميلة.. فإنها ستكون أحلى بعد إصلاح سبل العيش . > وسبل العيش هي التي تعود بنا إلى معكوس ذاك المثل الشعبي (الخيل تجقلب…).. و قلنا (:الكلاب تخرب . …).. > في أجواء انعقاد الجمعية العمومية للحوار الوطني .. كان الأفضل أن تكون معظم محاور الحوار في اتجاه القضايا التي سببت خلافات حادة داخل اللجان لدرجة الملاسنات الغشيمة والاشتباك بالأيدي . > كان يمكن أن تصاغ الأسئلة بصورة تحمل روح التوافق الوطني .. وليس بالضرورة أن تحمل إحراجا ًقاسياً .. فالحوار يعني خذ وهات .. ولكن هناك من ينظر إليه بمعنى إنه يعني (خذ) فقط لأنه حوار الرئيس. > ويمكن بعد ذلك أن نتساءل : هل خدم حوار الرئيس وحسين الحوار الوطني .. أم كان أنسا ًجميلاً تخللته القفشات والضحكات ؟. > حسين لم يتوجه بنفسه إلى مكتب الرئيس ليطلب موعدا ًمعه لإجراء حوار تبثه قناة أم درمان .. فهو مالكها .. ومعها إذاعة المساء .. أو تنشره صحيفة ألوان التي يترأس مجلس إدارتها .. وكان يمكن أن يكون الحوار فيها قبل أن يتنحى عن رئاسة تحريرها ..ليكون هو حواره الأخير .. وهو رئيس التحرير . > حسين دعا إلى إجراء الحوار مع الرئيس .. وظن بعض الناس إنه وجد محاوراً ليست لهذا الحوار .. وهذا ما جعله مبتسراً في مناخ الحوار الوطني وتدني العملة الوطنية رغم انتصارات الجيش التي وفرت على البلاد فاتورة الحرب الباهظة . غدا ًنلتقي بإذن الله ..
خالد كسلا
الانتباهة