الذين يصرون على أنه لا شيء قد حدث إطلاقاً سوى حفل خطابي وحشد وسندوتشات، في قاعة الصداقة ثم في الساحة الخضراء.. هؤلاء أنفسهم أغضبهم موقف دكتور نافع وامتناعه عن الإدلاء بأية تصريحات وتعليقه (أمشوا لأهل العرس نحن معازيم)، فوصفته بعض المواقع والمقالات بأنه إقصائي ولا يتحمل الآخر.. وهذا الوصف وحده يؤكد أن هناك قناعة ما في دواخلهم بأن شيئاً قد حدث.. وأن هناك آخر ما، له وجود ودور في صنع الحدث غير المؤتمر الوطني الحاكم أو معه.
إذا لم يكن هناك شيء قد حدث وكانت مخرجات هذا الحوار – غض النظر عن تقييمها وتقييم أوزان من صنعوها – لكنها بنظرهم ما هي إلا صناعة إنقاذية وكيزانية خالصة و(زيتنا في بيتنا).. إذا كان هذا صحيحاً فلماذا يتم وصف امتناع دكتور نافع عن التصريحات واحتمال احتفاظه ببعض التحفظات لماذا يوصف ذلك بأنه سلوك إقصائي أو سلوك يعبر عن توجه أو شخص إقصائي داخل الحزب الحاكم.
هل يريد نافع مثلاً أن يقصي نفسه عن نفسه ويقصي فكرته بنفسه..؟!
أم أن المنطق يقول بأن هناك فعلاً تنازلات محددة سيفرضها واقع ما بعد الحوار في حالة أن يتم تنفيذ مخرجات هذا الحوار على أرض الواقع إذ سيكون مطلوباً من الحزب الحاكم تقديم هذه التنازلات، وبالتالي قد يكون هناك تباين في وجهات النظر داخل الحزب الحاكم حسب ما يعتقد وتعتقد قياداته ما بين شرعية وجود الحزب حالياً في الحكم وقيادته للدولة بحسب نتيجة الانتخابات وما بين شرعية جديدة لوثيقة الحوار ومخرجاته..
القضية ليست كما يعتبرها البعض (اذهب للقصر رئيساً وسأذهب للسجن حبيساً) لأنه ببساطة هناك أطراف أخرى شاركت في إنتاج هذا الحوار وليس مجرد تنظيم واحد وضع سيناريو محددا ثم قام بتوزيع الأدوار على الممثلين.
هناك من المشاركين في هذا الحوار من ينتظرون ويأملون وينافسون على منصب رئيس الوزراء مثلاً وبعض هؤلاء المشاركين في الحوار يتمسكون بقوة وبحساسية عالية جداً بضرورة تفكيك القبضة الشمولية للإنقاذ وتنفيذ المتفق عليه بحذافيره وبالسرعة الفائقة.. وبالفعل قد ينجحون في تحقيق ذلك وبالتالي سيستحقون التمتع بالمكاسب التي لو كانت جميع الأطراف الأخرى الممانعة قد شاركت في الحوار أو التحقت به اليوم أو غداً لكان لها نفس الفرصة والحق في ممارسة دورها من مواقع سلطة أو مواقع عمل سياسي داخلي تكمل به نواقص الحوار وتسهم في تطوير الواقع السياسي.
لكن الذي يحدث دائماً هو أن أولئك الذين يتعاطون بإيجابية مع الأحداث ينالون فرصة وحظاً أكبر من غيرهم مهما يكن حجمهم ووزنهم وتاريخهم وبذلك سيحلم الطيب مصطفى وكمال عمر والتجاني سيسي وغيرهم بمنصب رئيس الوزراء لهم أو لأحزابهم بينما يواصل الرافضون للحوار كبر أو صغر حجمهم يواصلون تأليف المناحات ورسم الكاريكاتيرات وشتم الحكومة ومن حضر.
اليوم التالي