في عام 1969، ادعى رواد مركبة الفضاء “أبوللو 10” تمكنوا من سماع أصوات موسيقى غريبة وغير مبررة أثناء مرورهم حول الجانب المظلم للقمر، وفق ما كشفته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا.
وكانت وكالة الفضاء الأمريكية قد قامت أخيرًا برفع ستار السرية عن تسجيل صوتي يلتقط اللحظة التي سمع فيها رواد فضاء المركبة أبوللو أصواتا غريبة خلال رحلتهم حول القمر.
أصوات غريبة
وقد تم الكشف عن هذه التجربة الغريبة والمذهلة التي خاضها رواد الفضاء بعدما تم رفع السرية عن تسجيلات المحادثات الصوتية التي تمت بينهم خلال رحلتهم حول القمر التي شهدت أبعد مسافة يقطعها البشر بعيدًا عن سطح الأرض في ذلك الوقت على بعد حوالي 333 ألف كيلومتر.
ففي عام 1969، دخلت مركبة الفضاء الأمريكية “أبوللو 10” إلى مدار القمر ليقوم باجتياز والمرور من أمام الجانب البعيد (يطلق عليه البعض الجانب المظلم) للقمر. في ذلك الوقت انقطعت الاتصالات بين رواد الفضاء وبين الأرض لمدة ساعة كاملة دون أي قدرة على مراقبة أو التواصل مع المركبة الفضائية من قبل مركز التحكم الأرضي، وهو أمر طبيعي عند المرور بالجانب البعيد للقمر لأن الموجات الكهرومغناطيسية تسير في خطوط مستقيمة.
وطبقًا للتصريحات الرسمية لناسا آنذاك فإن البعثة الفضائية سارت أمورها على أفضل حال ولم يتم الإعلان عن أي أمر طارىء.
لكن وبعد مرور 47 عام تقريبًا فقد ظهرت تسجيلات صوتية لأحاديث رواد الفضاء والتي كشفت عن وجود ما يقلقهم عند مرورهم بالجانب المظلم للقمر. فقد تضمنت التسجيلات أصوات محادثة بين الرواد الثلاثة والتي ضمت صوت موسيقى غريبة وغير معتادة تلتقطها أجهزة اللاسلكي.
حديث الرواد
وبالنسبة لما قاله رواد الفضاء فقد ذكر أحدهم “هذه الموسيقى تبدو كما لو أنها من الفضاء الخارجي”، ثم تسائل “هل تسمع ذلك؟ صوت الصفير هذا؟”.
وهنا ذكر يوجين سيرنان، طيار المركبة الفضائية، في ملاحظاته “يا أولاد، هذا بالتأكيد صوت موسيقى غريبة”، ليقول قائده بعد ذلك “نحن في طريقنا للتأكد من هذا الأمر”.
وقد استغرق سماع الرواد للموسيقى قرابة الساعة، وهي تلك الفترة التي انقطعت فيها الاتصالات مع الأرض، ليبدأ الرواد في النقاش حول قيامهم بإبلاغ محطة المراقبة الأرضية، قائلين:
“أمر لا يصدق، أليس كذلك؟”
“هل نقوم بإبلاغهم بهذا، من سيصدق هذا الأمر؟”
“لا أعلم، ينبغي أن نفكر في الأمر”
وقد ظهرت من التسجيلات خشية رواد الفضاء من ألا يصدقهم أحد على الأرض عند إعلانهم عن هذه الحادثة الغريبة، حتى أن أحد الرواد قال “أريد أن أخرج من هذه البذلة الفضائية”.
أين الحقيقة؟
وذكر رائد فضاء أبوللو 15، آل ووردن، فخلال استضافته في قناة العلوم ““كان فريق مكوك أبولو معتادًا على مثل هذه الضوضاء. وإذا كان هناك شيء مسجل، فمن المنطقي أن يكون هناك شيء بالفعل. سوف تحجب وكالة ناسا تلك المعلومات عن الجمهور إذا ما تراءى لها أن ذلك من المصلحة العامة”، طبقًا لما نقله موقع هافينغتون بوست.
وأضاف ووردن “لا نسمع بخبر كهذا إلا بعد مضي سنوات على حدوثه، ثم نتساءل لماذا الآن تم كشف هذه الحوادث القديمة؟ ويصيبنا قلق، أتُراها قصصٌ مُختَـلقة أم أنها فعلًا كانت واقعًا وحقيقة؟ فالمرء لا يمكنه معرفة الحقيقة كما تعلم”.
كما ذكر أن “إذا كنت خلف القمر وسمعت ضجة غريبة على جهازك اللاسلكي وكنت تعرف أنك فاقد للاتصال بالأرض، فما هذه الأصوات في ظنك؟ لدينا الكثير من الأمثلة التي استمع خلالها رواد فضاء وشاهدوا أمورًا لم يدركوا ماهيتها، ونتساءل عن حقيقة كل ذلك. عقليتي متفتحة للغاية بشأن ما يمكن أن يحدث. إنه مجرد حدث مسموع أو مرئي ويصعب التحقق منه. الذكريات شيء، ولكن الدليل الفعلي شيء مختلف تمامًا”.
تفسيرات محتملة
وأشار موقع الإندبندنت البريطاني أنه لا يزال من غير الواضح ما هو السبب وراء هذه الأصوات الغريبة. فالجسيمات الصغيرة الموجودة في الفضاء من الممكن أن تتداخل مع أجهزة اللاسلكي الخاصة برواد الفضاء، طبقًا لتفسيرات بعض العلماء. وكانت مركبة الفضاء “كاسيني” قد التقطت نفس هذه الأصوات من كوكب زحل، على الرغم من أن الجسيمات المشحونة في هذه الحالة ستأتي عبر التحرك باتجاه بيئة كوكب زحل الذي يوجد به غلاف جوي، على عكس القمر الذي لا يملك غلاف جوي أو مجالات كهرومغناطيسية.
تفسير آخر يشير إلى أن هذه الأصوات قد تكون قد أتت من تتداخل موجات أجهزة الراديو نفسها مع بعضها البعض. ولكن رواد الفضاء يقولون أنه إذا كان هذا التفسير صحيح لكان العلماء معتادين على سماع مثل هذه الأصوات.
ولا يعلم الكثيرون السبب وراء الحفاظ على سرية هذه التسجيلات طوال هذا الوقت. والمرجح أن السبب وراء السرية يعود إلى سياسة حكومة الولايات المتحدة للتشجيع على بقاء رواد الفضاء هادئين وعدم إثارة قلقهم من حدوث أي أمور غير اعتيادية في الفضاء. وهو ما سينعكس على ثقة العامة في هذه المهمات الفضائية في وقت كان السباق إلى اكتشاف الفضاء قد بلغ ذروته مع الاتحاد السوفييتي.
يذكر أنه بعد هذه الرحلة بأشهر قليلة، انطلقت رحلة الفضاء أبوللو11 إلى القمر لتهبط عليه بنجاح ويهبط منها أول بشري تطأ قدماه سطح القمر، وهو الأمريكي نيل أرمسترونغ. أرمسترونغ هبط على سطح القمر تحديدًا يوم 21 يوليو 1969، في تمام الساعة الثانية و56 دقيقة صباحًا بالتوقيت الأرضي.
الجانب المظلم للقمر
والجانب المظلم للقمر يمثل نصف القمر الذي لا يواجه كوكب الأرض. فمن المعروف أنه نتيجة لتساوي معدل دوران القمر حول نفسه ودوران القمر حول الأرض، فإننا لا نرى سوى جانب واحد من سطح القمر لا غير. فيما يبقى النصف الآخر بعيدًا عن مستوى رؤيتنا ورصدنا من الأرض. القمر كان يدور حول نفسه بمعدل أسرع عند تكونه في البداية لكن دورانه تباطأ مع مرور الزمن نتيجة تأثير قوى المد الخاصة بالأرض على القمر.
وكلمة الجانب المظلم هي وصف غير دقيق للنصف الآخر للقمر، فالحقيقة أن النصف البعيد للقمر هو الوصف الأدق خصوصًا وأن هذا الجانب ليس مظلمًا كما يعتقد البعض، بل إن الشمس تضيئه بشكل كامل في بعض الأوقات عندما يكون الجانب المواجه لنا في وضع المحاق.
ساسة بوست