مصر.. القائم بعمل مرشد الإخوان يعترف بعمالته للأمن

كانت تصريحاته أشبه بالزلزال الذي هزّ أركان الجماعة، فيما قال قيادي إخواني منشق إنه ألقى بقنبلة فجرت كيانها وتنظيمها وشكك الجميع فيها وفي قياداتها.
إبراهيم منير، الأمين العام للتنظيم الدولي للإخوان والقائم فعلياً بأعمال المرشد العام للجماعة وأحد القيادات التاريخية لها، يعترف في حديث له على الهواء مباشرة ومع إحدى الفضائيات بعمالته للأمن المصري، مضيفاً أنه تم استخدامه من قبل ضابط كبير في أمن الدولة المصري خلال الستينيات وقبل أن يقوم عبد الناصر بتصفية التنظيم عام 1965ويعدم بعض قادته وعلى رأسهم سيد قطب.
وقال منير إنه كان مكلفاً من أحد الضباط بكتابة تقارير عن زملائه في التنظيم، كما طلب منه الضابط من شدة ثقته فيه أن يترك دراسته ويتفرغ للعمل معهم مقابل منحه مبالغ مالية كبيرة، ورتب له لقاء مع رئيس جهاز المباحث العامة وقتها، اللواء حسن أبو باشا، والذي أصبح فيما بعد وزيراً للداخلية لثقتهم الشديدة فيه ولرغبة أبو باشا في رؤية هذا المصدر السري الكبير الذي يمدهم بالكثير من المعلومات والأسرار عن الجماعة وقياداتها وكل خططها وتحركاتها.
ويضيف منير أن ضباط الجهاز كانوا يخبرونه بموعد حملات الاعتقال لعناصر الإخوان، وفي إحدى المرات أبلغوه أنهم سيداهمون 200 منزل لعناصر الإخوان وهو بالطبع منهم، وسيعتقلونه حتى لا يشك فيه زملاؤه، مشيراً إلى أنه كان يبلغ بعض زملائه بموعد الحملة حتى يختفوا ويهربوا من الاعتقال.
وقال نائب المرشد إنه تم اعتقاله مثل زملائه، ولكن تم إيداعه في زنزانة خاصة بسجن القلعة دون أن يتعرض لتعذيب أو أي أذى بدني ونفسي، بينما كانت أصوات إخوانه تأتيه من الزنازين المجاورة طوال الليل وهم يتعرضون للتعذيب.
تصريحات منير فجرت براكين الغضب داخل الجماعة، حيث أعلن كثيرون من عناصر الجماعة عدم ثقتهم في القيادات التاريخية بعد هذه التصريحات، لكن قيادياً داخل التنظيم قال إن العكس هو الصحيح، وإن منير كان همزة الوصل بين الجماعة والأمن وكان ينقل لهم ما يدور داخل أجهزة الأمن.
مصدر أمني مصري قال لـ”العربية.نت” إن ما قاله منير ليس جديداً ولا مفاجئاً، فالجماعة مخترقة من كل أجهزة الأمن سواء في مصر أو في بعض الدول الأخرى ويكفي للدلالة على ذلك واقعة عبدالرحمن السندي قائد الجناح العسكري المسلح للإخوان في الأربعينيات.
ويقول إن قصة السندي كانت من أهم الأسباب التي أدت لضرب عبدالناصر للتنظيم، فعبدالرحمن السندي واسمه بالكامل عبدالرحمن علي فراج السندي ولد بمحافظة المنيا عام 1918 هو أحد قياديي الإخوان ومن قيادات الصف الأول والرعيل الأول للجماعة.
وأضاف أن السندي أسند إليه مرشد الإخوان حسن البنا تسيير أمور النظام الخاص بعد تزكية من بعض عناصر الإخوان، وكان أول أعمال هذا التنظيم السري المسلح هو تفجير النادي البريطاني، الذي كان مكتظًا بضباط وجنود الجيش الإنجليزي، ولكن التفجير لم يسقط أي ضحايا، ومع انتشار وازدياد قوة التنظيم الخاص كان السندي يتصرف في بعض الأحيان تصرفات لا يقرها البنا، لشعوره أنه على مستوى الندية مع مرشد الجماعة نفسه، ولذلك ثار عليه الإخوان وقياداتهم بعد اغتيال المستشار أحمد الخازندار، إلا أن البنا جدد ثقته فيه وفي تنظيمه المسلح والسري.
ويقول المصدر الأمني إنه بعد اغتيال البنا تفاقمت المشكلات بين السندي والهضيبي المرشد الجديد وبعد إعادة تشكيل النظام الخاص أقال الهضيبي عبدالرحمن السندي، وعين مكانه أحمد حسنين، مما أدى إلى تمرد السندي وذهابه وأنصاره لاحتلال المركز العام للجماعة، وفي النهاية قرر الهضيبي فصله وهنا كانت عيون رجال الأمن عليه، حيث التقطته وقامت بتجنيده واستمالته.
ويضيف المصدر الأمني أنه بأوامر من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر شخصياً، تم تعيين السندي بوظيفة محترمة في إحدى شركات البترول وتم تخصيص سيارة وفيلا له، وعلى الفور منح السندي أجهزة الأمن كل المعلومات عن النظام الخاص للإخوان والتنظيم السري المسلح وأسماء أعضائه وتم اعتقالهم جميعاً.
الخبير الأمني خالد عكاشة يؤكد لـ”العربية.نت” أن أجهزة الأمن ليس في مصر فقط بل في كل دول العالم اخترقت تنظيم الإخوان، فالأمن المصري اخترقهم لمعرفة خططهم وتحركاتهم والهيكل التنظيمي لهم ودائرة صنع القرار داخل الجماعة ومعرفة كل العمليات التي كانوا ينوون ويخططون لها ضد الدولة لمصرية، مؤكداً أن من أشهر وقائع الاختراق هي ما حدث في قضية ميليشيات الأزهر عام 2007 حيث وصلت لأجهزة الأمن معلومات مؤكدة وموثقة من مصدر سري داخل الجماعة ومقرب لقادتها بتورط الجماعة في إنشاء ميليشيات مسلحة يقودها خيرت الشاطر نائب المرشد، ويمولها حسن مالك القيادي بالجماعة ومعها كشوف بأسماء العناصر ومكانها وتدريبها وتسليحها وقدراتها القتالية.
ولذلك أصاب الذهول جماعة الإخوان عندما تمكن الأمن من الوصول لتلك الميليشيات واعتقال عناصرها، ومعهم الشاطر ومالك في ساعات قليلة وتقديمه للمحاكمة ومعهم الأدلة الكاملة والموثقة.
ويقول عكاشة إن أجهزة الأمن تلجأ لوسائل معينة عند تجنيد عناصر داخل الجماعة منها استغلال الخلافات بين العنصر المراد تجنيده وبين قيادات الجماعة، كما حدث في واقعة عبدالرحمن السندي واستغلال بعض الصفات الشخصية للشخص نفسه كحاجته للمال أو الرغبة في الوصول لمنصب معين والحصول على مزايا له ولأقاربه، وهذا مسموح به، فاختراق تلك التنظيمات الإرهابية هدف مشروع لأجهزة الأمن حفاظاً على الأمن القومي، مضيفاً أن المعلومات التي ترغب أجهزة الأمن في الوصول إليها ربما يفرض عليها سياجاً من السرية والأمن داخل الجماعة، لذا لابد من تجنيد عناصر مدربة تدريباً جيداً على التخفي والتنكر سواء من القيادات الموجودة أو العناصر المقربة لها للوصول لتلك المعلومات.
ويقول الخبير الأمني المصري إن من يقوم بتجنيد وتدريب هذه العناصر ضباط محترفون، ولا يمكن لقيادات الجماعة كشف ومعرفة العناصر التابعة للأمن داخلها لقوة تدريبها ومهارة الضباط الذي يتولون تجنيدهم وقدرتهم على السيطرة عليهم نفسياً واجتماعياً وسلوكياً، مشيراً إلى من يتم كشفه داخل الجماعة يكون من خلال إعلان الشخص المجند بنفسه ذلك فقط كما في حالة إبراهيم منير.

العربية نت

Exit mobile version