«من غوغان إلى بيكاسُّو».. تعرَّف على أغلى 10 لوحات في العالم

عادة ما تعتبر أهم لوحات العالم لا تُقدر بثمن، وليست للبيع، وتكون فقط ملكًا للمتاحف. وترجع تلك اللوحات غالبًا أيضًا إلى الفترة ما قبل القرن التاسع عشر (ما قبل 1800). وتأتي لوحة «الموناليزا» على قمَّة أهم لوحات العالم، والتي لا يمكن بيعها مطلقًا، وستظلُّ بذلك ملكًا لمتحف اللوفر للأبد، وكانت «الموناليزا» تُقدر بمبلغ 780 مليون دولار حتى عام 2015، وبحساب نسبة التضخُّم، فإنَّ المبلغ قد ارتفع كثيرًا منذ ذلك الحين.

بعد الموناليزا، تعتبر لوحة الرسام الهولندي ما بعد الانطباعي «فنسنت فان جوخ»، «مزهرية بخمسة عشر زهرة» Vase with Fifteen Sunflowers، أوَّل لوحةٍ حديثة (أي بعد العام 1800) تُباع برقمٍ قياسيّ تاريخي؛ حيث بيعت اللوحة في مارس (آذار) عام 1987 بسعر 82 مليون دولار. لاحقًا، بيعت لوحات أخرى لرسّامين آخرين بأسعارٍ فاقت لوحة فان جوخ. وقد تربَّع على عرش القائمة الفرنسي «بول غوغان» بأغلى لوحةٍ بيعت في تاريخ الإنسانيّة. وفيما يلي قائمةٌ بأغلى عشر لوحات بيعت حتى الآن:
1- اللوحة الأولى: «متى ستتزوَّجين؟»

تأتي لوحة الرسّام الفرنسيّ ما بعد الانطباعيّ «بول غوغان» (1848- 1903) «متى تتزوجين» When Will You Marry في المركز الأوّل كأغلى لوْحةٍ في العالم. وقد بيعت اللوْحة بسعر 300 مليون دولار في مزادٍ علنيّ عام 2015، وقد اشترتها شقيقة أمير قطر: الشيخة «الميَّاسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني» رئيسة مجلس الإدارة في متحف قطر الوطني.

اللوحة لامرأتين من تاهيتي، ترتديان الملابس التقليديّة، في المقدمة فتاةً تضعُ وردةً بيضاء، حسب الثقافة المحليَّة، ومعنى ذلك أنّها عزباء ترغبُ في الزواج، تخلفها امرأة تسألها متى تتزوجين. رسم غوغان المرأتين في مشهدٍ طبيعيّ؛ استخدم فيه الأخضر والأصفر والأزرق. سافر غوغان لأوَّل مرة لتاهيتي عام 1891، وهو يحاول تقديم تاهيتي بحسٍّ بدائيٍّ للغاية بعيدًا عن أجواء الحداثة الأوروبيّة، فصوّر سكَّانها وكأنّهم يعيشون فقط للغناء وممارسة الحبّ. للأسف، بعد عودته لأوروبا لم تلق أعماله عن تاهيتي أيَّ قدرٍ من النجاح. غوغان نفسه كفنان لم ينل أيَّة شهرةٍ أيضًا أو نجاحٍ في حياته، بل كان الاعترافُ بهِ بعد وفاته. اليوم يعدُّ غوغان واحدًا من أهم رسامي القرن العشرين. وتتربع لوحته على قمَّة قائمة أغلى اللوحات في العالم.
2– اللوحة الثانية: «لاعبو الورق»

تحتلّ لوحة «لاعبو الورق»، بالفرنسية: Les Joueurs de cartes، للرسّام ما بعد الانطباعي الفرنسي «بول سيزان» (1839 – 1906)، المركز الثاني في قائمة أغلى لوحات العالم. وقد بيعت اللوحة بمبلغ 272 مليون دولار في عام 2011، وقد اشترتها العائلة المالكة في قطر أيضًا. رسم سيزان اللوحة بين عامي 1894 – 1895، واللوحة واحدة من سلسلة لوحات تحملُ نفس الاسم. يعتبر النقّاد أن سلسلة «لاعبو الورق» بمثابة جسر بين أوائل ومنتصف حياة سيزان الفنية من ناحية؛ ونهايات حياته الفنية من الناحية الأخرى.

جميع لوحات السلسلة تصوِّرُ عددًا من أهالي المقاطعات الريفية يلعبون الورق في ملابس حديثة مدخنين سجائر وغليون. يُركّز لاعبو الورق عيونهم على الورق، وعلى عكس لوحات لعب الورق السابقة، لرسامين آخرين، التي كانت تصوِّر اللعب في جوٍّ من الصَّخَب والغوغائية، تظهر لوحات سيزان مفتقرة لمحتوى سردي قوي، مُرَكِّزة على حالة التركيز والهدوء فقط
3- اللوحة الثالثة: « No 17 A»

«رقم 17 أ»، بالإنجليزيّة: «No 17 A»، هو اسم اللوحة التي تحتلُّ المركز الثالث للرسّام التجريدي الأمريكي «جاكسون بولوك» (1912 – 1956) والتي رسمها عام 1948. ويعتبر بولوك أهم رموز التعبيريّة التجريديّة. بيعت اللوحة بسعر 200 مليون دولار، عام 2015، مِن مؤسسة ديفيد جيفين لكينث سي. جريفن (جامع لوحات) بشكلٍ شخصيّ.

يعتبر النقاد أن اللوْحة تتفرد بأسلوب الرسم بالتنقيط الذي ابتكره بولوك، وأحدث تغييرًا جذريًّا في عالم الرسم عام 1947. تبدو اللوحة عشوائية وعفويَّة للغاية، لكن لو تتبعنا مسار أحد الخطوط في اللوحة، نجد أنه لا ينقطع على مدار اللوحة، ما يقتضي درجةً فريدةً من الإتقان والتركيز. كالعادة لم تُقابل أعمال بولوك في البداية بالترحيب، حتى إن قلائل هم من تفهموا أسلوب الرسم بالتنقيط.
4- اللوحة الرابعة: «رقم 6: البنفسجي والأخضر والأحمر

«رقم 6: البنفسجي والأخضر والأحمر»، بالإنجليزية: No. 6 (Violet, Green and Red)، للرسام التجريديّ التعبيري، الأمريكي – الروسي «مارك روثكو» (1903- 1970)، بيعت اللوحة، عام 2014، بسعر 186 مليون دولار من «كريستيان مويكس» لرجل الأعمال الروسي الشهير «ديمتري ربولوفليف». لوحات روثكو عبارة عن ألوان مجرَّدة صريحة مرسومة بشكلٍ أفقيٍّ يفصلها عن بقيَّة ألوان اللوحة ظلالٌ ضبابيَّة. معظم التحليلات النفسية التي تناولت أعمال روسكو أظهرت أنه مضطرب نفسيًّا، ويعاني من الاكتئاب. انتحر روثكو في سن السادسة والستين، بقطع شرايينه بشفرةٍ حادَّة في بيته.

تستكشف اللوحة الألوان الثلاثة بشكلٍ مجرَّد. يفصل بينهم روثكو بخطوطٍ لا تكادُ تكونُ ملحوظة. كان الهدف من اللوحات بشكلٍ عام اكتشاف مدى حميمية الألوان في حدِّ ذاتها، دون الالتزام بمواضيعٍ معيَّنة. وربما كان هذا أكثر ما ميَّز التجريدية التعبيرية: محاولة رسم اللون في حدِّ ذاته، كانت هذه هي الغاية، وليس استخدام اللون في رسم أيّ موضوع؛ فيكون الهدف من اللوحة سردي ينقل قصَّةً ما.
5- اللوحة الخامسة: « صورتان أفقيتان لمارتن سولمانز وأبوجين كوبيت»

«صورتان أفقيتان لمارتن سولمانز وأبوجين كوبيت»، بالإنجليزية: Pendant portraits of Maerten Soolmans and Oopjen Coppit، للرسّام الهولندي «رامبرانت» (1606 – 1669)، بيعت سنة 2015 من عائلة «روتشيلد» لكلٍ مِن متحفي «اللوفر، وريكز»، وقد اشتروها مناصفةً بسعر 180 مليون دولار. يعتبر «رامبرانت» أحد أهم أساتذة الرسم في العالم. تتميز أعماله بمحتوى سردي قوي، استخدام فريد للظلِّ والنُّور، معالجة الكثير من قضايا الوجود الإنساني وإعلائه للقيم والأفكار النبيلة.اللوحة عبارة عن صورتين لعروسين بمناسبة حفل زفافهما. وعلى الرغم من أن رامبرانت رسم كلًّا منهما على حده في «بورتريه» منفصل، لكنَّه حافَظَ في نفس الوقت على حس الارتباط بينهما في اللوحة. ويرجع سبب هذا الوصل إلى أن رامبرانت استخدم نفس الألوان والظلال والاستوديو في رسم الصورتين.
6- اللوحة السادسة: «نساء الجزائر»

«نساء الجزائر»، بالفرنسية: Les Femmes d’Alger، للتكعيبي الأسبانيّ «بابلو بيكاسُّو» (1881- 1973)، بيعت سنة 2015 بسعر 179.4 مليون دولار في مزادٍ خاص لرئيس وزراء قطر السابق «حمد بن خليفة آل ثاني». اعتمد «بيكاسُّو» في الرسم على الأشكال الهندسيّة شديدة البدائيّة «المثلث، الدائرة، المربع والمستطيل». وقد استلهم طريقة الرسم مِن الفنون والأقنعة الإفريقيّة؛ وعُرِفَ هذا الأسلوب لاحقًا بـ «المدرسة التكعيبيّة».

اللوحة أيضًا واحدة من سلسلة لوحات تحمل نفس الاسم، واللاتي فرَّق بينهنّ بيكاسو بترقيم كل نسخة جديدة من اللوحة بحرفٍ من الأبجدية، والنسخة المذكورة هنا هي النسخة «O»، مرسومة بأسلوب تكعيبيّ خالص، مشهد مسطّح وكسور حادة، حتى إنّنا نرى المشهد مِن زوايا مختلفة مِن النظرة الواحدة. شرع بيكاسو في رسم السلسلة تخليدًا لذكرى رسامين آخرين حاولوا رسم نفس الموضوع لكن لم يتمّوه؛ مِنهم صديق عمره الرسام الفرنسي «هنري ماتيس» الذي توفي قبيل بدء السلسلة.
7- اللوحة السابعة: «عارية حمراء»

«عارية حمراء»، بالإنجليزية: «Red Nude»، للرسام الإيطالي «أميديو موديلياني» (1884 – 1920)، بيعت سنة 2015، من «لورا روزي» لرجل الأعمال وجامع اللوحات الصيني «ليو يقيان» بشكلٍ شخصيّ، بسعر 170.4 مليون دولار. عُرف «موديلياني» ببورتريهات العُراه المرسومة بأسلوبٍ حديث يمكن تصنيفه طبقًا للمدرسة الوحشيّة. وعلى الرغم من مهارته في الرسم، إلا أن موديلياني كرس نفسه للنحت، حتى توفى في سن 35 بمرض السلّ.

اللوحة واحدة من سلسلة لوحات مختلفة تتناول نفس الموضوع، إمرأة عارية، شرع الرسام فيها عام 1917. واهتمّ موديلياني بالعريّ تحديدًا باعتباره أبرز مواضيع الفن الحديث.
8- اللوحة الثامنة: «رقم5»

«رقم 5»، بالإنجليزية: «No 5»، للرسّام التجريديّ الأمريكيّ «جاكسون بولوك» والتي رسمها عام 1948. يعتبر بولوك أهم رموز التعبيريّة التجريديّة كما أشرنا سالفًا. بيعت اللوحة عام 2006، بسعر 164.3 مليون دولار مِن رجل الأعمال الأمريكي «ديفيد جيفن» لرجل الأعمال المكسيكي «ديفيد مارتيز».
اللوحة عبارة عن دهانات سائلة على لوح، ويُشار للألوان أحيانًا على أنها زيتية. استخدم بولوك في رسمها الأبيض والأصفر والبني والرمادي وظهرت الألوان أشبه بالنزيف.
9- اللوحة التاسعة: «المرأة.. لوحة رقم 3»

«المرأة، لوحة رقم 3»، بالإنجليزيّة: «Woman III»، للرسام والنحات الهولندي «ويليم دي كوننغ» (1904 – 1997). بيعت اللوحة، عام 2006، بسعر 161.4 مليون دولار مِن رجل الأعمال الأمريكي «ديفيد جيفن» لجامع اللوحات الأمريكي «ستيفن كوهين». لوحات دي كوننغ أتت على النَّمط التعبيريَ الأقرب للتجريدية، على نفس النمط كان يرسم «جاكسون بولوك» السالف ذكره، كما أن الرسامين كليهما كانا أعضاءً في مدرسة نيويورك للفنّ الحديث.
اللوحة واحدة من ستّ لوحات في سلسلة تحمل نفس الاسم، هذه هي رقم «3». انتهى منها الرسَّام عام 1953، وقد كثر استخدام النساء كمواضيع اللوحات في فترة ما بعد الحربين العالميتين. عُرِضَت اللوحة في متحف طهران الوطني للفنون سابقًا، وحتى اندلاع الثورة الإسلامية في إيران، تم بعد ذلك منعها من العرض؛ حتى اشتراها «ديفيد جيفن» عام 1994.
10- اللوحة العاشرةك « امرأة في الذهب»

«بورتريه لأديل بلوخ باور 2/ أو: امرأة في الذهب»، بالإنجليزية: Portrait of Adele Bloch-Bauer I (also called The Lady in Gold or The Woman in Gold)، للرسام النمساويّ «جوستاف كليمت» (1862- 1918)، أحد روَّاد الرمزية. اهتمَّت أعماله بشكلٍ رئيس بالأنثى، وعرضها في مشاهد «أيروتيكيّة» رافضًا ما أسماه «الخجل السلبي».

رسمت اللوحة عام 1907، و«أديل بلوخ باور» هي صديقة مقرَّبة من «كليمت»، وأحد أشهر سيدات المجتمع النمساوي. يستخدم كليمت اللون الذهبي بشكلٍ طاغٍ في معظم لوحاته، وتعتبر اللوحة هي ذروة المرحلة الذهبية عند كليمت.

في النهاية، تجدر الإشارة إلى أن العديد من المستثمرين وجامعي الأعمال الفنية ورجال الأعمال يفضلون الاستثمار في سوق السلع الفنيَّة الذي يعتبر أكثر استقرارًا، مقارنةً بسوق الأوراق المالية. صحيح أن هذا العامل ليس الوحيد الذي تعتمد عليه أسعار اللوحات؛ لكنَّه محرِّكٌ رئيس في السوق، أضف إليه، أن ارتباط لوحة بحدث سياسيٍّ مُعيَّن قد يرفع من ثمنها، لوحاتٌ أخرى تعتمد على شهرة الرسام ذاته، فيكون السعر هنا ليس مرتبطًا بمحتوى العمل وجدواه فقط، بل بقدرة شخصٍ ثريّ على شراء اسم عمل أصلي لرسام مشهور بطريقةٍ استهلاكيةٍ «برجوازيَّة» خالصة «شراء البرستيج» prestige.

ويظل هناك سؤالٌ بسيط نترك إجابته لكم: هل يتمتَّع الشخص، الذي يدفع مئات ملايين الدولارات لشراء لوحة، بحسّ فني حقيقي في عالم يموت فيه 21 طفلًا – تحت سنّ خمس سنوات – كلّ دقيقة بسبب فقر التغذية؟ هل هذا يعتبرُ حسًا فنيًا حقًا؟
المصادر

ساسة بوست

Exit mobile version