هكذا الحضارات قبل أن تبيد وتزوي بفعل مالك الملك وقاهر الجبارين سبحانه، تطغى وتظلم وتستعبد الشعوب منصبة نفسها ربَّاً أعلى.. أو تكفر بالله رب العالمين وترتكب الموبقات فينزل عليها غضب الجبار ليجعل عاليها سافلها أو يرسل عليها ريحاً صرصراً عاتية تقتلع أركانها وتزلزل بنيانها أو صيحة تدمرها تدميراً.. ذلك ما حدث لعاد وثمود وفرعون ذي الأوتاد وقوم لوط وغيرهم من الطغاة الذين خلدت سيرتهم في القرآن الكريم ليكونوا عبرة نعتبر بها ونتعظ.
ذلك ما تفعله أمريكا اليوم بالعالم وما سيلحق بها من عذاب ربنا المنتقم الجبار بكيفية وفي حين وأوان لا يعلمه إلا مالك الملك سبحانه..
ليس بالضرورة أن نشهد انهيار أمريكا في جيلنا الحالي ولكنه حاصل ورب الكعبة في يوم نراه بعيداً ولكنه في أقدار الله الغلَّابة سيكون قريباً وقريباً جداً بمشيئته سبحانه. لا غَرْوَ أن تنسى أمريكا التي تجردت من كل قيم الخير واستدبرت كل قيم العدل، لا غَرْوَ أن تنسى في لحظة واحدة علاقة المصلحة التي نشأت بين رئيسها روزفلت والملك عبد العزيز آل سعود عام 1945 عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية إذ ظلت طوال تلك العقود وحتى اليوم تستنزف المملكة العربية السعودية حتى إذا ما انتهى اعتمادها على البترول السعودي ووجدت البديل فيما يسمى بالبترول الصخري قلبت للمملكة ظهر المجنِّ وأصدرت قرارها الظالم الباغي الذي يكشف درجة الانحطاط الأخلاقي التي تردت فيها وهوت في قاعها المظلم..
نعم أصدرت قرارها الذي يُتيح لأقارب ضحايا أحداث 11 سبتمبر 2001 رفع دعاوى ضد المملكة بما يعني أن السعودية وفقاً لقرار الكونجرس الأخير ستُجرَّد من أكثر من ثلاثة ترليونات من الدولارات وهو ما يجعل النفط السعودي مرهوناً لأمريكا لعقود من الزمان سيما وأن كل الأموال السعودية المودعة الآن في البنوك السعودية لا تتجاوز 750 مليون دولار.
إذن فإن أمريكا التي اتخذت إيران الفارسية المعتنقة لخزعبلات الدين الشيعي المنحرف، حليفاً استراتيجياً، على حساب العالم السني بعد أن صنفت الإسلام السني عدواً استراتيجياً تعمل الآن على إعادة رسم خريطة المنطقة في سايكس بيكو جديدة خاصة بعد الذي أحدثته في العراق وسوريا وليبيا واليمن.
أمريكا، أيُّها المسلمون، لا تستهدف حكام السعودية إنما تستهدف قبلتكم في مكة المكرمة ومقام نبيكم في المدينة المنورة فهل أنتم واعون بما تضمره من كيد لدينكم في أعظم مقدساته؟ وهل أنتم جاهزون للذود عن حياضه؟ حتى السودان الذي ظل محارَباً منذ عقود لم تستثنه البلطجة الأمريكية الجديدة فقد ورط من قِبَلِ القضاء الأمريكي الظالم في قضية المدمرة كول التي فُجِّرَتْ في الشواطئ اليمنية وحكم عليه بسداد حوالي 315 مليون دولار.
هذه الأيام بدأت حملة شعواء قادتها منظمة “العفو الدولية” تزعم أن السودان استخدم أسلحة كيمائية ضد المدنيين في دارفور مات جراءها المئات من المواطنين من بينهم أطفال وتصاعدت المطالبة بتجريم السودان من المنظمات الصهيونية التي ابتدرت حملة (أنقذوا دارفور) لتكيد بها للسودان وشعبه الصابر.
إذن فإن أمريكا تتحرك في كل الاتجاهات فبعد أن احتلت العراق وفعلت به الأفاعيل ثم تآمرت على سوريا وليبيا واليمن ها هي تتجه إلى أرض الحرمين الشريفين ولا أحد يدري ما تضمره استراتيجياً غير الكيد للإسلام السني الذي اتخذته عدواً مبيناً في وقت يمور فيه عالمنا الإسلامي بأحداث جسام معظمها من صنع أمريكا سيما وأنها بالتواطؤ مع حلفائها وعملائها العرب ومع كثير من الغافلين مما يراد بأوطانهم، قد أفشلت الربيع العربي وأرجعت مصر إلى ما كانت عليه قبل الثورة بل أسوأ في ظل حكم رجل هزيل سلم أمره إلى الصهاينة والأمريكان.
صحيح أن هناك قوى ممانعة للانصياع إلى المخطط الأمريكي الصهيوني الروسي الفارسي ولكن للأسف فإن هناك حكاماً عرباً ودولاً عربية لا تزال مندرجة في المشروع الأمريكي بعد أن اعتبرت الإسلاميين في الوطن العربي عدواً لدوداً بالرغم من أنهم هم الترياق المضاد للهيمنة الأمريكية الصهيونية ولكنها للأسف لا تزال ولا يزال حكامها في سكرتهم يعمهون بعد أن أسلموا قياد دولهم للأعداء ولم يوقظهم كل ما فعلته وما تفعله أمريكا بهم. إن أكثر ما يزعجني أننا مختَرقون في عالمنا الإسلامي بعملاء أمريكا خاصة من بني علمان – دروا أم لم يدروا – والذين يجوسون داخل ديار الإسلام الأمر الذي يُحتِّم على القوى الإسلامية أن تدرك ما يُراد لها وتحتشد وتتحرك لإجهاض ذلك المخطط الأثيم.
الصيحة