سقطت ورقة التوت 1

* قفز كثيرون إلى نتائج الأزمة الحالية، من دون أن يتوقفوا في محطة الأسباب التي أدت إلى حدوثها، وتولت كِبرها، لأن أصل البلاء مرتبط بضعف إمكانات المستشفيات الحكومية، وخلوها من أبسط مقومات العمل الطبي.
* العلة لا تتعلق بضعف كفاءة أو قلة اهتمام الأطباء، ولا بترصد ذوي المرضى بالأطقم العاملة في أقسام الطوارئ، ولا بضعف الحماية الأمنية كما يزعم البعض، بل بسوء حال مستشفيات، يعاني أطباؤها الأمرين لتوفير أسطوانات الأوكسجين وبقية مستلزمات الطوارئ.
* أسقطت الأزمة الحالية ورقة التوت التي استعصمت بها وزارة فاشلة، انشغل قادتها بالدفاع عن وزيرهم في مواجهة حقائق دامغة، ومعلومات موثقة نشرتها (اليوم التالي)، وطفقوا يطوفون الصحف، ويجرون المقابلات، ويهدرون وقتهم في محاولة دحضها بإعلانات مدفوعة القيمة، ولو وفروا ذلك الوقت والجهد للطواف على المستشفيات المهترئة، وتحسس احتياجاتها، وتوفير نواقصها لما حدث ما حدث.
* كل البيانات الصادرة من الأطباء المضربين في مستشفيات العاصمة أمنت على أن لب المشكلة يتعلق بضعف الإمكانات المتاحة للأطباء، وافتقارهم إلى أهم معينات العمل.
* عندما كانت المستشفيات الحكومية الكبيرة تابعة لوزارة الصحة الاتحادية في ما مضى كانت تعمل بكفاءة عالية، لأن كل معينات العمل كانت متوافرة فيها، ولم تكن هناك اعتداءات على الأطباء ولا يحزنون.
* مستشفيات بحري وأم درمان وحاج الصافي والنو تخلو من أي اختصاصي لجراحة الصدر حالياً، لو كان الجراح المذكور موجوداً في مستشفى أم درمان عند حدوث الواقعة الأخيرة لتم إسعاف المصاب في مكانه، ولما طلب الأطباء نقله إلى مستشفى الشعب، الذي رفض استقبال الحالة، ناهيك عن أن توفير عربة إسعاف لنقل مرضى الحالات الطارئة صار يتم ببطء يهدد حياتهم، بسبب تحويل الإسعاف إلى (مركزي)، بدلاً من إبقائه في المستشفيات، لاستخدامه لإنقاذ حياة المصابين والمرضى بالسرعة اللازمة.
* السيارات التابعة للإسعاف المركزي بولاية الخرطوم لا تتجاوز أربعين عربة حالياً، فلماذا لا يتم توفير عربات إسعاف لكل مستشفى؟
* إسعاف أي مصاب في الرأس يستلزم نقله عشرات الكيلومترات في شوارع العاصمة المزدحمة، إلى مركز المخ والأعصاب بمستشفى إبراهيم مالك، علماً أن جل تلك الإصابات تحدث في طريقي التحدي وشريان الشمال!
* يتم تحويل المرضى من مستشفى الفتح إلى النو إلى أم درمان إلى الشعب من دون علاج، ليموتوا في الطريق قبل أن ينالوا العناية الطبية اللازمة لإنقاذ حياتهم.
* في سبعينيات وثمانينيات القرن كان اختصاصي جراحة القلب متوفراً في كل المستشفيات الكبيرة بالعاصمة، فكيف يغيب في الألفية الجديدة؟
* مستشفيات بحري وأم درمان والخرطوم والشعب وحاج الصافي والنو وأم بدة والبان جديد والسعودي والتركي وعلي عبد الفتاح التي تستقبل آلاف الحالات يومياً لا يوجد بها أي جهاز للأشعة المقطعية.
* معظم أقسام الطوارئ بمستشفيات العاصمة التابعة للولاية تخلو من أجهزة الموجات الصوتية المطلوبة لتشخيص مهم، يمكن أن يؤدي إلى إنقاذ حياة العديد من المرضى.
* يصل مريض مصاب بذبحة أو باحتشاء عضلة القلب، فيجد ذووه أنفسهم مضطرين لنقله إلى مستشفيات خاصة لإجراء صورة موجات صوتية للقلب (ECHO)، وإذا احتاج إلى قسطرة قلب يتم نقله إلى (أحمد قاسم) لينتظر أياماً قد لا تتوافر لإنقاذ حياته، أو يتم إجراء الفحص في مستشفى خاص، مثل ما حدث لنائب مدير مستشفى أم درمان، الذي أصيب بذبحة قبل أيام، فاضطر إلى إجراء عملية القسطرة في مستشفى الزيتونة الخاص، المملوك للوزير المستثمر.
* إذا كان ذلك هو حال نائب مدير مستشفى أم درمان، فما بال الملايين من المساكين في بلادي؟
* (أم درمان) أكبر مستشفى في منطقة أم درمان الكبرى، التي تضم ثلاث محليات، هي أم درمان وأم بدة وكرري، تحوي أكثر من ثلاثة ملايين مواطن، لا يوجد فيها جهاز لقسطرة القلب، علماً أن تكلفة الجهاز المذكور لا تتعدى خمسة ملايين جنيه!
* مستشفى أحمد قاسم، المركز المتخصص في جراحة القلب لا يستقبل أي حالات طارئة، ولا يوجد به مركز للطوارئ، ولا يستقبل (جراحة القلب)، وذلك أمر غريب وغير مبرر.
* كان غريباً أن يصر الوزير على تركيب جهاز أشعة مقطعية في مركز التميز للطوارئ، التابع للمستشفى الأكاديمي الذي تديره جامعته، مع أن الأموال التي استخدمها الوزير لشراء ذلك الجهاز المكلف خصصتها وزارة المالية بالولاية لتحسين أداء مستشفيي بحري وجبرة، وإذا عُرف السبب بطل العجب.

اليوم التالي

Exit mobile version