بات وجود تنظيم داعش في سوريا بمثابة ذريعة لكل من يريد التدخل عسكريا أو سياسيا في هذا البلد، بدءا من إيران مرورا بمسلحي حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية ثم القوات الروسية وأخيرا الجيش التركي. مما جعل وجود التنظيم المتشدد في سوريا خدمة لكل تلك الأطراف.
ولكل من هذه الأطراف والدول “مآرب أخرى”، من وراء التدخل في سوريا، غير تلك الحجة المعلنة ممثلة في التصدي للتنظيم المتشدد والقضاء عليه، والذي إن لم يتمدد فإنه لم يغب عن المشهد بعد.
وقد كانت البداية بدخول ميليشيات حزب الله اللبناني بمساندة إيرانيين إلى سوريا تحت ذريعة حماية الأضرحة والمقامات المقدسة من أيدى الجماعات المتشدد ومن بينها داعش.
وما لبث أن تطور هذا التدخل للمشاركة إلى جانب القوات السورية الحكومية في التصدي للمعارضة السورية المسلحة في أكثر من مكان من البلاد لا يوجد فيه أضرحة، حيث سقط قتلى لبنانيون وإيرانيون.
ومع اشتداد المعارك في سوريا التي أعقبها سيطرة المعارضة على أجزاء كبيرة من البلاد، تدخلت موسكو عسكريا لنجدة حليفتها دمشق، في محاولة لوقف زحف المعارضة، لكن هذا التدخل أخذ عنوان “مكافحة الجماعة المتطرفة”، ومن بينها داعش.
وبات جليا في وقت لاحق من الحرب في سوريا، أن الطائرات السورية لا تستهدف معاقل داعش بقدر ما تركز هجماتها على مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة، وتكاد تخلو من أي مسلح ينتمي للتنظيم المتشدد.
والحال كذلك، تراءى للولايات المتحدة أن تدلو بدلوها الميداني في الملف السوري، فأرسلت قوات لدعم المسلحين الأكراد في مواجهة داعش في مناطق شمال شرقي سوريا، وفي نيتها البحث عن موطئ قدم لها في هذا البلد.
إلا أن هناك من يرى أن سريرة واشنطن لم تكن صافية من وراء هذا التدخل، الذي جاء في إطار تعاظم الحديث عن بحث كردي محموم عن استقلال ذاتي يمتد من مناطق في تركيا إلى سوريا. فبدا التدخل الأميركي ممهورا بدعم التقسيم في سوريا. خصوصا أن واشنطن أكدت في أكثر من مناسبة أنها لا تستبعد أن تتقسم سوريا مستقبلا.
وقد أثار التوسع الكردي شمال شرقي سوريا، واقترابهم من الحدود الجنوبية لتركيا، تخوف أنقرة من امتداد تركي جغرافي بين البلدين، فقررت الدخول على خط المعركة في سوريا، مستغلة الهجمات التي يشنها داعش على الأراضي التركية.
وتحت شعار “محاربة داعش”، لم تكتف أنقرة توجيه ضربات للتنظيم المتشدد، بل شنت غارات على معاقل للمسلحين الأكراد لإجبارهم على التحرك إلى شرق نهر الفرات، في محاولة لقطع أي اتصال جغرافي لهم على جانبي الحدود مع سوريا.
سكاي نيوز