بعد 8 نبوءات صحيحة.. مؤرخ أميركي يؤكد: ترامب فائز ولكن!

لا أحد يبدو متأكداً من سيفوز بالانتخابات الأميريكية المقبلة في 8 نوفمبر، ويدخل البيت الأبيض، ليكون الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
هل هو دونالد ترامب أم هيلاري كلينتون؟
ورغم كل التخرصات الممكنة واستطلاعات الرأي التي تناقض نفسها بنفسها، إلا أن ثمة رجلاً واحداً يبدو كما لو أنه يمتلك الحقيقة. إنه البروفيسور الأميركي آلان ليتشتمان الذي ربحت كل توقعاته بخصوص الفائزين منذ انتخابات عام 1984.
يقول الرجل إنه لا يستخدم الأساليب المعتادة في الاستطلاعات السياسية، كما أنه لا يميل إلى مجرد التخمين أو يقرر بناء على التركيبة السكانية وغيرها من أساليب روتينية، فالأمر ليس سباقاً للخيول، بقدر ما يتعلق بأمور يمكن فهمها وتحديدها، عبر ما أسماه “مفاتيح البيت الأبيض”، وهي معادلة واقعية تقوم على قوائم يجاب عنها بــ”لا” أو “نعم”.

البروفيسور الأميركي آلان ليتشتمان
الانتخابات الأكثر صعوبة في التاريخ الأميركي
بناء على هذه الطريقة فإنه توقع مؤخراً لصحيفة “الإندبندنت” البريطانية في 23 سبتمبر الجاري، أن ترامب سيكون الرئيس رقم 45 للولايات المتحدة، وقد سطر أفكاره هذه باستفاضة في كتاب أصدره بعنوان “التنبؤ بالرئيس القادم.. مفاتيح البيت الأبيض 2016”.
لكن الرجل الذي يعمل أستاذاً للتاريخ بالجامعة الأميركية، ورغم ما بذله من جهد ونتيجة مسبقة، يؤكد أن هذه الانتخابات هي الأكثر صعوبة في تاريخ الولايات المتحدة من حيث التنبؤ بنتيجتها.
وفي مايو الماضي وقبل أن تتضح الصورة، وقد كان بعض الناس ينظرون إلى ترامب بشيء من السخرية، كان البروفيسور ليتشتمان يبدو واثقاً من معادلته التي أصبحت الآن قاب قوسين مع اقتراب الموعد المحدد لكشف المخبّأ في الغيب، حيث أدلى بتصريحات لصحيفة “واشنطن بوست” بهذا الشأن.
معادلة الرابح.. 13 مفتاحاً تقود للبيت الأبيض
فما هي هذه المعادلة وهل تقوم فعلاً على أساس علمي وما مدى قابلية تصديقها؟
هنا نستعرض ذلك في مقابلة أجراها إصدار “ذا فكس” التابع لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية هذا الأسبوع، مع البروفيسور آلان.
تطرح المعادلة 13 مفتاحاً لدخول البيت الأبيض، استمدها البروفيسور من دراسة تاريخ الانتخابات الأميركية لحوالي قرن ونصف القرن، منذ عام 1860 وحتى عام 1980، وقد أعطت هذه النظرية نتائج دقيقة بشأن الانتخابات الثماني الأخيرة منذ 1984 إلى 2012 في الفترة الثانية للرئيس الحالي باراك أوباما.
وإذا كان المعطى هو التاريخ، الذي هو أمر جدلي يقوم على أهواء بشرية فإن البروفيسور يترك مساحة يتنفس فيها، إذ يرى أن ترامب هو الحلقة الأصعب التي يمكن أن تقلب المعادلة التي حافظت على رسوخها لأكثر من قرن.
وتتضمن المفاتيح الـ13 التي تتطلب الإجابة بـ”نعم” أو “لا” الاستفهامات الآتية:
1 – موقف الحزب الحاكم هل يسيطر على الأكثرية في مقاعد الكونغرس في آخر انتخابات للنواب؟
2 – هل يوجد سباق جدي بين مرشحي الحزب الحاكم؟
3 – هل مرشح الحزب الحاكم هو الرئيس الحالي؟
4 – هل يوجد حزب ثالث منافس؟ أو منافس ثالث قوي؟
5 – وضع الاقتصاد على المدى القصير.. هل هو في حالة ركود خلال الحملة الانتخابية؟
6 – وضع الاقتصاد على المدى الطويل.. هل سيماثل أو يتجاوز النمو الحاصل خلال فترتين رئاسيتين سابقتين؟
7 – هل الإدارة الحاكمة لها دور واضح في تغيير السياسات العامة؟
8 – هل يوجد اضطراب اجتماعي خلال الفترة الرئاسية الحالية؟
9 – هل الإدارة الحاكمة نزيهة وغير متورطة في فساد أو فضيحة ما؟
10 – هل تعاني الإدارة الحالية من هزائم عسكرية في الخارج أو إخفاقات؟
11 – هل تحقق الإدارة نجاحا في الشؤون الخارجية والعسكرية خارجيا؟
12 – هل تتوفر لدى مرشح الحزب الحاكم كاريزما تؤهله ليكون بطلا قوميا؟
13 – هل المنافس، مرشح الحزب الآخر صاحب كاريزما قوية؟
ويوضح ليتشتمان أن هذه النظرية تقوم ببساطة على تقييم أداء الحزب الحاكم حالياً، وليس على تقييم المتنافسين القادمين بدرجة كبيرة، حتى لو أن ثمة عنصرين في التقييم يركزان على الكاريزما، لكن الأساس هو رؤيتنا للحزب الحالي وأداؤه في السياسة العسكرية والخارجية والاقتصاد والسلم الاجتماعي وغيرها من الأمور.
ماذا تقول نتائج المعادلة؟
بعد الإجابة عن الأسئلة بلا أو نعم، سيكون أمامنا التقييم التالي، بحسب ما أورد البروفيسور في كتابه المذكور سابقاً، فإذا جاءت الإجابة بـ”لا” لـ6 من 13 وهذا هو ما حاصل الآن، فالنتيجة ستكون ضد الحزب الحاكم، وهذا ما ينطبق على الوضع الراهن، وإذا ما قل عدد الأسئلة المجاب عنها بـ”لا” عن 6 أسئلة، فإن الحزب الحاكم سيكون الرابح في الانتخابات.
يوضح البروفيسور أن بعض الناس قد يحتج بأن الرئيس أوباما لديه شعبية تفوق 58% الآن، ألا يعني ذلك أن الديمقراطيين هم الأكثر جاذبية والأقرب للفوز، فأين الخلل إذن؟
ويرد على ذلك بأن هذه النسبة لا تعني شيئاً، فواحد من المفاتيح الأساسية تدور حول هل المترشح هو الرئيس نفسه الحالي أم شخص آخر من الحزب، وهذا يغير في المعادلة قطعا، بخلاف ما إذا كان الرئيس نفسه هو المنافس في السباق كما حدث في الدورة السابقة عندما أعيد انتخاب أوباما لفترة ثانية.
وهناك مفتاح آخر يتعلق بالمرشح.. هل هو من الحزب الحاكم؟ وهنا رأينا ذلك مثلاً في عام 2008 عندما فاز أوباما وهو من حزب منافس، كما أن مسألة الكاريزما لها أثر كبير جدا، وهنا تبدو هيلاري الحلقة الأضعف في الوقت الحالي. كذلك يغيب طرف ثالث أو حزب جديد في المنافسة، وهذا عامل حاسم أيضاً.
وفي المقابل فإن ترامب وفق المعادلة فهو يبدو ليس مرشح الحزب الحاكم أولاً، وقد جاءت حملته الانتخابية أشبه باللغز، بخلاف الغالب في الحملات إنها دائماً واضحة من حيث الاستقراءات وما الذي تريد أن تقوله بالضبط!
ترامب قد يخل بالنظرية!
يرى البروفيسور هنا أن ترامب محير ووضعه يربك كل التاريخ، فتقلبه قد يعكس المعادلة ويغير الاتجاه. فالرجل على الصعيد الشخصي حقق ثراء على حساب الآخرين، كما أنه أول مرشح رئاسي له قدرة كبيرة على تلوين الحقائق والتمثيل، وحتى عندما شكك في أن أوباما قد ولد بالولايات المتحدة، وأضاف أن هيلاري هي التي بدأت حركة المولدين وهو من سوف يقضي عليها، لم يكن ليقتنع بل ظل مشككا مع إبراز أوباما لشهادة ميلاده.
كما أنها المرة الأولى التي نحن أمام مرشح يحرض على العنف والعصبية ويسخر من الخصوم، كذلك هو الأول تقريبا الذي هدد بتفجير السفن في الخليج العربي، ويتكلم عن تدخل خارجي في الانتخابات الأميركية، ويهدد بإشعال الحرب خارجياً في أي لحظة، وبهذه الأمور السلبية كلها، ورغم أن المعادلة تشير لخسارة الحزب الحاكم، فبتقدير آلان فإن ذلك الجانب السلبي قد يخصم من المعادلة الراسخة ويعطي للتاريخ منعطفا جديدا برغم صمودها لـ 150 سنة.
من سيفوز؟ نريد إجابة نهائية
ويسأل محرر الصحيفة الأميركية البروفسيور الأميركي آلان ليتشتمان، سؤالاً حاسماً بعد أن سمع لكل ما ورد. الآن نحن نقترب من الانتخابات تبقت بضعة أسابيع، من سيفوز؟ نريد إجابة نهائية؟
ويرد البروفيسور إنه بالمعادلة والنظرية الراسخة ترامب هو الفائز، حيث لا ننسى أن 6 مفاتيح هي حاسمة، والآن الديمقراطيون خارج السباق بالتأكيد، والمفاتيح التي حملت الإجابة لا، هي:
– الحزب الحاكم لا يسيطر على مجلس النواب (مفتاح رقم 1).
– الرئيس الحالي لا ينافس في الانتخابات (مفتاح رقم 2).
– لا يوجد تغيير سياسي كبير في فترة أوباما الثانية (مفتاح رقم 7).
– لا يوجد نجاح خارجي كبير (المفتاح رقم 11).
– هيلاري ليست ذات كاريزما (مفتاح رقم 12)، فهي ليست فرانكلين روزفيلت.
– وأخيرا قد سقط المفتاح المنافس الثالث، وهو مفتاح غاري جونسون، حيث إن هذا المفتاح يقوم في تفاصيله على أن الحزب الحاكم ينال “لا” إن كان مُتوقعاً أن ينال مُرشح عن حزب ثالث نسبة 5% أو أكثر من إجمالي عدد الأصوات، وأعلى نسبة حصل عليها غازي هي 12 إلى 14% والقاعدة هي أن تقلص ذلك للنصف، بمعنى أنه يحصل على 6 إلى 7% من إجمالي الأصوات، وهذا هو المفتاح الأخير ضد الديمقراطيين.
يضيف الرجل موضحاً: “الخلاصة أن الفارق الذي يرجح ترامب حسب المعادلة هو ضئيل جداً، والفوز حسب المعادلة يشير للحزب الجمهوري، لكن بالنظر إلى طبيعة ترامب المريبة قد تنعكس النظرية”.
السؤال الأخير!
في سؤال أخير حول، هل تعتقد أن وضع ترامب بوصفه جمهورياً غير تقليدي أو مؤسسياً سوف ينعكس على المعادلة؟!
رد قائلاً: لا أحد يعطي نتائج نهائية في الأمور السياسية فهي متغيرة، لكن أتحدى من يوصف لي سياسة ترامب بوضوح اتجاه قضايا الهجرة أو منع المسلمين من دخول أميركا، أو أي أمر آخر، وهذا قطعاً أحد العوامل المهمة. والأهم تاريخ الرجل، في جامعة ومعهد ترامب وإثرائه نفسه على حساب الآخرين وولعه بالأكاذيب والأمور الخطيرة التي أفصح عنها في حملته الانتخابية التي قد تخرجه من السباق في النهاية.
يضيف: إن الأمر برمته مثير للاهتمام قطعاً، وإذا كنت شخصياً لا أميل لاستطلاعات الرأي إلا أنه بالرجوع إليها فسوف نجد أن آخر الاستطلاعات تشير إلى تراجع شعبية كلينتون، لكن هذا لا يعني أن ترامب يحدث تقدماً، بقدر ما يعني أن كلينتون تتراجع، فترامب يقف في النقطة نفسها، فهو لا يزال في حدود 39% في الاستطلاعات، ولا يمكن تفوز بأقل من 40%. والناس تدرك أن غاري جونسون ليس خياراً، فالمنافسة قائمة بين ترامب وهيلاري، وهذا ربما يعني أن أنصار جونسون قد يتحولون إلى هيلاري في اللحظة الحاسمة، خاصة جيل الألفية الجديدة من الشباب، ولقد رأيت هذه المشهد من قبل في أول تصويت لي شاركت فيه عام 1968 وكان عمري مساوياً للجيل الشاب الحالي، ولم يصوت أي من أصدقائي الليبراليين لهيوبرت همفري لكونه جزءاً من المؤسسة الديمقراطية، فالذي جرى أنهم انتخبوا ريتشارد نيكسون من الحزب الجمهوري، كيدا في المؤسسة الديمقراطية، وهنا لا ننسى أن جونسون كان جمهورياً، ولهذا سوف يختار أنصاره أن يصوتوا في الوقت الحاسم للديمقراطيين أي لهيلاري.
يختتم آلان المقابلة مؤكداً أنه خلال 30 سنة من خبرته فإن التنبؤات لا تعني الحقيقة، لكن نظامه قائم على أسلوب علمي بحت. وهو نظام لا يحمل معادلة رياضية قوية بقدر ما يقترب من الوقائع والسياسيات.
ويؤكد: على أي حال فإن تقييمي يقف على مسافة واحدة من الأطراف في القياس.

العربية نت

Exit mobile version