بينما كنت اسير راجلاً في فرندات السوق العربي ظهيرة يوم غائظ الحر أحسست بالجوع (ناس سكري وكده) فطفقت أبحث عن مكان أتناول فيه بعض الغذاء الآمن (الفول في غيرو؟)
إلى أن وجدت في أحد الأزقة كراسي وترابيز مبعثرة في غير ترتيب يجلس عليها أقوام وامام كل منهم (صحن المونيوم مطرقع) وهم يزدردون الفول (الما بغباني)
ذهبت إلي ذلك الرجل النحيل ذي اللحية الذي يرتدي جلباباً (بني اللون) من الواضح أنه كان أبيضاً ، كان يضع أمامه (كرتونة) عليها بعض (الموارك) الملونة :
– بالله لو سمحتا فول سادة !
وناولته عشرة ألاف .. أعطاني (ماركة حمراء مستديرة) أمسكت بها داخل كفي ووقفت منتظرا الباقي … طال إنتظاري وهو يقوم بالتعامل مع زبائن آخرين …
– الباقي يا شخنا !
– باقي شنو؟ مش أديتني عشرة ألف ؟
– أيوه
– خلاس طلب الفول السادة بعشرة ألف !!!
عندما جلست على التربيزة واضعاً صحني كنت أردد :
– فول سادة بعشرة ألف ؟ فول سادة بعشرة ألف؟ طيب .. يعني فطور وغدا وعشا بي تلاتين ألف … يعني الشهر تسعمية الف .. يعني مليون جنيه .. معقوله بس .. معقوله بس ..
وأنا في تلك الحالة (الإستغراشية) العارمة وجدت يداً تربت على كتفي ، إلتفت لأجدها يد شيخ يرتدي أثمالاُ رثة ذي دقن مسترسلة يمسك بيده اليمني مسبحة من اللالوب :
– بتتكلم براك مالك يا استاذ !
– الحاله بقت صعبه يا شيخنا .. طلب الفول السادة بعشرة ألف .. ده كلام بالله يا شيخنا ؟
– بدلاً من ان يجيبني (شيخنا) قام بجر أحد الكراسي وجلس ، اخذ نفس عميقاً وهو يحدق نحو المجهول ثم إلتفت نحوي قائلاً :
– غلبتكم يا أولاد اللذينا !!
– ما بتغلبنا كيف لكن يا شيخ .. طلب الفول السادة بعشرة ألف ؟
– شوف يا أستاذ .. طالما إنتا (كبيت الجرسة) كده .. أنا ح أديك سر يحل ليك كل مشاكلك كمواطن .. أعمل البقولو ليك ده بي حذافيرو ..
وبدا في وصفته الغريبة :
قم بحلاقة الجزء اليمين فقط من (شنبك) واترك اليسار وأنت تردد (حوالينا ما علينا) وبعد أن تقوم بالحلاقة تذهب إلى عطار باب محله من الخشب يفتح على شارع يفتح (شمال جغرافي) أدخل إلى المحل برجلك اليمني وأطلب من البائع ربع رطل (جاوي) ، خمسة وقيات (لسان عصور) ، نص رطل (لبان ضطر) ) ، وقية (زيت خروع ) ، ضع الجميع في كيس أسود اللون وتوجه إلى منزلك دون أن تتحدث لأي مخلوق وانت في طريق عودتك، في صباح اليوم التالي وفي ساعة (عطارد) قم بشراء كافة صحف اليوم ثم قم بإستقبال القبلة وضعهم أمامك وأنت تردد عشرين مرة (دجل ، شعوذة ، كضب) ثم اضرم فيهم النار ، ثم قم بقراءة (السلام الجمهوري) ثلاثة مرات مع ترديد (نطلب النجده باغلي ثمن ) بدلاً عن (المجد) ، أجلس على الأرض فوق قطعة قماش بيضاء طولها ثلاث أذرع ثم أمسح بزيت الخروع على كفيك ووجهك ، سيظهر لك ضب كبير الحجم (عيونو مربعة) وبدون ذيل فلا تلق له بالاً وكأنك لم تره وأنظر إلى الجهة المقابلة له وأقرأ (اللهم أرزقنا التحلل) خمس مرات فتجده قد اختفى وأحذر من أن يرعبك شكله إذ عندها سوف تفقد عقلك وتصبح (معتوه) وبدل (الصينية) تمشي (القصر)
في اليوم التالي أدخل إلي مكان خال من الناس وأجلس في غرفة لها باب واحد علي ان يكون ذلك اليوم يوم سبت (مغبر) وأنت صائم عن الأكل (ما إنتا أصلك صايم جات علي دي) وأنت تجلس في خلوتك أكتب علي كفك الشمال (أجهزة تنصت حساسة ) ويكون البخور على النار طوال فترة الترديد (لبان ضكر وجاوى ولسان عصفور) وقم بترديد هذه الأسماء :
(البيع – الدولار- ماليزيا – )
رددها كل يوم عشرة الآف مرة في اليوم الخامس (بالليل) سيخرج لك من شق في الجدار جني قزم يلبس (نضارات شمس) سوداء داكنة وجني آخر طويل أصلع لا بس شراب (وبس) و بدون نظارات فأفهم ترشد ، سيقولون لك السلام عليكم فلا ترد عليهم ، سيحاولون مرات ومرات فأنتبه لأنك إن رددت هلكت وصرت من (المعتوهين (هي ناقصة؟
أتركهم حتى يقولون لك (خط هيثرو)، هنا تبسم وقل لهم (النائب العام) فهذه هي كلمة السر فلا تخبر بها أحد ، ودعهم يجلسون بجانبك ثم قل لهم مشاكلك ، الغلاء ، الاسعار،المواصلات ، المحسوبية،إرتفاع سعر الدولار.. الما عارف شنوو .. وأطلب منهم حلها وإذا حلوها أهو دي دقني … ثم إختفى الشيخ دون أن يترك له أثراً ..
كسرة :
شواطين مين ؟ نحن أصبحنا نحتاج إلى معجزة إلهية .. !!
الجريدة