حبس مواطنو الخرطوم وجوبا أنفاسهم جراء مشاهدتهم لمسلسل (النقار) الذي تدور حبكته السياسية حول حلقات من التشاكس والتصعيد في المواقف تارة، والتناغم والانسجام تارة أخرى بين العاصمتين، لكن الراجح أن هذه المتوالية التصادمية والتصالحية في ذات الاوآن تصنعها ذات الآلة التي تحرك أدواتها للايقاع بحكومات البلدين في مستنقع الاحتراب دون الاكتراث للتعويذات التي يطلقها «كجوريو» نمولي عبر صفحات النيل التي تحملها أمواجه بشغف من نمولي إلى مقرن النيلين بالخرطوم بغرض تهدئة الخواطر بين شعبي النيل السوداني، في ظل التمترس في المواقف الذي تمارسه حكومتا البلدين عبر سيل من الاتهامات المتبادلة بينهما، ففي حين تدبج جوبا اتهامها للخرطوم بتقديمها الدعم لنائب الرئيس المقال مشار، تعمد الخرطوم لصد الضربة وإرجاعها بمثلها عبر لهجة وعيد حملها وزير الدولة بالخارجية كمال إسماعيل في حديثه، ومطالباته لجوبا بطرد قادة الحركات المسلحة من متمردي دارفور وإلا «لا عذر لمن أنذر « وهذه الجملة الأخيرة من حديث الخارجية حملتنا إلى وضع جملة استفسارات أمام طاولة سفير جمهورية دولة جنوب السودان بالخرطوم ميان دوت أوول لنستبين طعم (الطبخة) التي تعدها جوبا في مائدة الخرطوم ..فإلى المضابط
* الخرطوم هددت ـ على لسان وزيرالدولة بالخارجية كمال إسماعيل ـ بإغلاق حدودها مع جوبا في حالة استمرار الأخيرة في إيواء المتمردين السودانيين ؟
– حدود الخرطوم وجوبا منذ العام 2011 لم تكن مشرعة حتى يتم إغلاقها، لأنها فعلياً مغلقة أمام المواعين الرسمية على صعيد التبادل التجاري بين الدولتين
* لكن هنالك حركة انسياب لمواطني دولة الجنوب نحو الشمال ؟
– بالتاكيد إن حركة المواطنين بين حدود البلدين لم تكن مقيدة “عادي الجنوبيين بخشو” السودان دون موانع، وبالمثل فإن الرعاة من قبائل البقارة في حلول موسم الصيف “بخشوا” بأبقارهم الجنوب دون أن يعترضهم مكروه، لأن الحدود الطبيعية بين البلدين مفتوحة، لكنها مغلقة سياسياً
* كيف تقرأ أحاديث الخرطوم الدامغة لجوبا في توفيرها الغطاء لقادة حركات التمرد؟
– هذه مزاعم لا أساس لها من الصحة، فنحن لانقدم الدعم للمتمردين السودانيين
* لكن جوبا بالفعل فتحت صدرها لمتمردي دارفور وقطاع الشمال كيف تبرر هذه المواقف؟
– فيما يختص بزيارة قادة الحركات الشمالية لجوبا فقد كانت زيارة قصيرة امتدت إلى يومين، غادر بعدها القادة من حيث أتوا، وكل هذا تم بعلم تام من قبل الحكومة السودانية، وتحت مسمع ومرأى من سفيرها بجوبا الأخ كمال الشيخ
* وجود نائب الرئيس المقال د. رياك مشار في الخرطوم للاستشفاء هل يمثل (توار) الضرس بين جوبا والخرطوم؟
– قلتها قبل ذلك وأكررها الآن، إننا كنا على علم بكافة التحركات التي قام بها د. مشار بالمنطقة، و(أوريك) مشار قبل ما (يخت) رجله في الخرطوم قادماً من الكنغو زار أثيوبيا، لكن السلطات الأثيوبية قامت بطرده من أراضيها، وحينها لم تبق له جهة يأوي إليها طرق أبواب الخرطوم، لكن الخرطوم قبل إعطائها له الإذن بالدخول إلى أراضيها أخطرتنا باستقبالها له لدواعي انسانية، ووضعتنا في الصورة ..
* هل وضعتم اشتراطات لابقائه؟
– طلبنا من الأخوة في الخرطوم أن لا يمارس مشار أي نشاط سياسي، وكذلك المجتمع الدولي عزز مطالبتنا للخرطوم في تقييد حركة مشار سياسياً
* ثمة أحاديث تفسر أن وجود مشار بالخرطوم باعث لإيواء جوبا للمتمردين؟
– نحن لانلقي بالاً إلى اجتهادات المفسرين في القضايا ذات القوانين الرسمية، لأننا لانتعامل مع القضايا الحساسة مع السودان بمكيالين
* هل هنالك توتر في العلاقات على الصعيد السياسي بينكم والخرطوم؟
– لايوجد أي نوع من التوتر رغم تهديدات وزير الدولة بالخارجية السودانية السفير كمال إسماعيل الأخيرة باغلاق حدود بلاده مع دولتنا.
* التهديدات التي أشار إليها وزير الدولة بالخارجية السودانية هل تؤكد ضلوع جوبا في التآمر على الخرطوم؟
– الحديث الذي أفصح عنه وزير الدولة كمال إسماعيل يؤكد بوضوح عدم إلمامه بمجريات الأحداث على مسار العلاقات بين البلدين الشقيقين.
* عدم إلمامه كيف؟ ممكن تفسير أوضح؟
الوزير لايعرف أن هنالك جهات عليا في البلدين تسعى إلى إصلاح أمر الملفات العالقة بين البلدين عبر اللجنة الأمنية والسياسية المشتركة التي كان من المفترض أن تبتدر جلساتها في الرابع من نوفمبرالماضي لحسم القضايا العالقة، لكن لظروف عيد الأضحى طلب الجانب السوداني تاجيل الجلسات ليومي الثامن والتاسع والعشرين من الشهر الجاري
*هل تستطيع اللجنة الأمنية والسياسية المشتركة طي سجل خلافات الدولتين؟
– بالتاكيد يمكنها تحقيق نجاحات في كافة محاور الخلاف، وعبر صحيفتكم أبشر شعبي البلدين بأن هنالك بشريات سارة ستحمل خلال الأسبوع أو الاسبوعين المقبلين أنباءً عن الاحتواء النهائي لاي ملف يعكر صفو علاقات البلدين
* جوبا متهمة بدعم التمرد على الخرطوم؟
– اتهام في غير محله، ومن لديه وثائق فليقدمها، نحن لا نتدخل في الشأن الداخلي للخرطوم تأكيداً لمبدأ احترامنا لحق الجوار، وأي حديث عن تقديم جوبا دعم لمتمردي الشمال هو حديث عار من الصحة.
*على كل ما جرى كيف تنظر إلى مسلسل (النقار) بين الخرطوم وجوبا عبر حلقاته في التشاكس ومن ثم التصالح؟
– لا يوجد أي نوع من التشاكس بين جوبا والخرطوم، وما يطرأ في الساحة من مستجدات لا تعدو كونها بمثابة سحابة صيف عابرة، لأن علاقتنا بالخرطوم أزلية يسودها التصالح والتفاهم.
حوار :أيمن المدو
اخر لحظة