ماذا بعد العيدين؟ ظروف صعبة وضغوط نفسية

انتهى العيد وعطلته أيضاً، وعاد الجميع إلى مستقرهم، هناك من قضى تلك الفترة براحة بال، وآخر شغل تفكره بماذا بعد؟ كعبد الحميد الذي ظل طوال عطلة العيد يفكر في حلول خروجه من مأزقه، ولأنه يريد أن يبهج أبناءه ولا يحسسهم بأنهم أقل من الآخرين، وحتى لا تطالهم ألسنة رصفائهم في الحي، اضطر أن يستدين حتى يلبي احتياجتهم ويغطي منصرفات العيد ومن ثم مصروف المدارس بعد ذلك، بعيداً عن ثمن الخروف الذي سيستقطع من راتبه لاحقاً.

ظواهر سالبة
ترى الباحثة الاجتماعية أميرة حسن أن ارتفاع الأسعار مقابل تدني أجور الموظفين والعاملين أدى إلى تفاقم المشكلة، وارتفاع نسب معاناة الناس سيما الأسر التي تتولى أمر أكثر من طفل. وقالت: “باتت المرتبات لا تكفي الشهر وإن تخلت الأسر عن وجبة كاملة، ما زاد الأمر سوءً”. وتابعت: “فضلاً عن ذلك هذا العام قابل عيد الفطر موسم المدارس وواجهت الأسر ضغطاً رهيباً في تجهيزات العيد والمدارس معاً، ولم تكد تتنفس دخل عيد الأضحى بمتطلباته وأسعار خرافه التي فاقت الأخيلة، مما اضطر الأغلبية العظمى اللجوء إلى الدين لحل مشكلتهم الآنية، بدافع الحب وبعيداً الأنانية”. وقالت: “ذلك الأب لم يفكر في كيف سيسد ذلك الدين، ومن أين، كان كل همه أن يرضي أبناءه الصغار وإن لا يكونوا أقل من الآخرين”.

وضعية صعبة
تضيف أميرة الوضع الاقتصادي العام لا ينبئ بالخير، وقالت: “إذا استمر الحال على هذا المنوال ستظهر العديد من الظواهر السالبة وسط المجتمع، لذلك لابد من أن يجد المسؤولون عن أمر الدولة حلولاً جذرية لمعاناة المواطنين حتى لا تتفاقم المشكلة ويعم الفساد في الأرض وتظهر السرقات وجرائم القتل التي تتفشى مع الفقر والعوز”.

ضغط نفسي وعصبي
من جهتها تؤكد الباحثة النفسية ساجدة محمد أن الوضع الاقتصادي يؤثر في الأسرة تأثيراً بالغاً. وقالت: “يفكر الوالدين بشكل دائم في سبل توفير مصاريف الأبناء، لذلك نجد أن حالات التوتر والاكتئاب هي السمة السائدة هذه الأيام، الأمر الذي أدى إلى شد وجذب زادت معدلاته سواء أكان بين الوالدين أو الأبناء، وهذا نذير سوء، لأنهم لا يعيشون في وضع طبيعي، الأب يفكر في حل أزمته المالية والأم تريد أن تلبية طلبات أبنائها، وكل ذلك يمكنه أن يؤدي إلى تفكك أسري أو انحرفات سلوكية مثل السرقة أو القتل إذا لم يكن هناك وازع ديني قوي”. وتابعت: “ما مر به الشعب هذا العام أدخلهم امتحان صعب فارتفاع أسعار الخراف والملبوسات شكلت عبئاً على أغلب المواطنين.. فضلاً عن عيد الفطر الذي تزامنت معه المدارس”. وأضافت: “الضغط النفسي والعصبي يصيب الشخص بحالة من الإحباط والاضطراب السلوكي خاصة إذا لم يجد حلاً لمشكلاته التي تتفاقم يوماً تلو الآخر مع ارتفاع الأسعار الذي كاد أن يطيح بالبشر”. وقصت ساجدة قصة اللص الذي سرق جهاز لابتوب وهاتفين زكيين من أحد المنازل، وعندما هاتف صاحب المسروقات اللص وأخبره بأن عليه إعادة المسروقات ووبخه على فعلته. قال له اللص: “ومن أين نعيش نحن؟” وأغلق الهاتف.

الخرطوم – زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version