شغل إعلان القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل نائب رئيس هيئة شؤون الختمية، حسن أبو سبيب الأوساط الاتحادية بكل كياناتها باعتزاله العمل السياسي بصورة نهائية بلا رجعة بسبب ما وصفه بالحالة الكارثية التي وصل إليها حزبه العريق الاتحادي الأصل الذي يتزعمه مولانا محمد عثمان الميرغني.
ويأتي الإعلان المفاجئ لأبو سبيب الذي يُعد أحد القيادات الاتحادية التاريخية، قبيل عودة رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني إلى السودان، مما يدفع بتكهنات بشأن توقيت أبو سبيب لاستقالته التي عادة ما تثير نشاط التيارات المتصارعة في الحزب وخارجه، وتصبح جزءاً من أوراق اللعبة السياسية الحزبية بين الاتحاديين، في حين ينظر بعض للمحللين للمسألة برمتها على أنها حالة ارتباك تسود مشهد الحزب الاتحادي منذ فترة طويلة ولا تعد مفاجأة أبو سبيب غير جزء من هذه الحالة.
فهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها مولانا أبو سبيب ابتعاده عن العمل السياسي فقد سبق أن دفع باستقالته في العام (2013) من عضوية الهيئة القيادية للحزب ومن منصبه كمشرف سياسي للحزب على منطقة أم درمان لرئيس الحزب لكن مولانا الميرغني رفض الاستقالة.
الإصلاح أو الاعتزال:
هذه المرة؛ فإن إعلان أبوسيب اعتزاله العمل السياسي جاء في توقيت مختلف ومغاير لطبيعة الاستقالات السابقة، التي لم يكن فيها على خلاف مع الميرغني بل كان من أكثر الشخصيات قرباً منه على مستوى الحزب والطريقة، إلا أن أبوسبيب أدار ظهره لزعيمه في الطريقة، وقاد تيار القوى الشبابية الصاعدة باسم الإصلاح في مواجهة الميرغني ونجله الذي خلفه على قيادة الحزب.
وقادت هذه المجموعة التي يتزعمها أبوسبيب لإعلاء سقف مطالبها بإعلان إقالة الميرغني من رئاسة الحزب في اجتماع (أم دوم) وتشكيل هيئة قيادة من أبوسبيب وعلي محمود حسنيين وتاج السر الميرغني لقيادة الحزب إلى حين قيام المؤتمر العام الذي باشرت الإعداد العملي له بعقد البناء القاعدي في الولايات بجانب قيام مؤتمرات قطاع الأطباء والمهندسين والشباب التي رفعت توصياتها إلى أبو سبيب باعتباره الوحيد من القيادات المكلفة الموجود في السودان لغياب تاج السر وعلي محمود.
حالة ارتباك:
يرى بعض المناوئين لأبو سبيب أن إعلانه اعتزال السياسة نتيجة الإعلان المفاجئ عن عودة رئيس الحزب للسودان ما أحدث حالة من الارتباك داخل التنظيم الوليد الذي الذي يقوده أبو سبيب والذي أحس بأن عودة الميرغني ستحسم الكثير من القضايا التي برزت داخل الحزب وأصبحت محل الخلاف، وأدت لتقسيمه لثلاثة فصائل، فصيل الحسن الميرغني، وفصيل مجموعة أم بدة بقيادة إبراهيم الميرغني، وفصيل أم دوم بقيادة تاج السر الميرغني، ويرون أن عودة الميرغني ستغير موازين القوى داخل الحزب وتحسم الكثير من هذه النزاعات في مقدمتها قضية المشاركة خلق حراكًا جديداً داخل الحزب، وهذا ما يجعل أبوسبيب يدرك أنه سيفقد بعض الأوراق التي كان يلعب بها في غياب الميرغني، ويبد أنه يسمع لنصائح المخلصين له خاصة داخل الطريقة الختمية التي يتولى نائب رئيسها.
وفي هذا السياق، يقول مقرر لجنة المؤتمر العام للحزب الاتحادي الأصل المهندس محمد فايق إنهم يتعاملون مع إعلان أبوسيب اعتزاله العمل السياسي بأنه الحقيقة، لأنه جاء على لسانه وليس من مصدر آخر، ويضيف فائق في حديثه للصيحة أن هناك حالة من الارتباك والتضارب في تصريحات أبوسبيب التي ظهرت في أكثر من صحيفة فهو تارة يتحدث عن اعتزاله العمل السياسي وأخرى يتحدث عن المؤتمر العام والبناء التنظيمي، ذات الشيء يظهر في تصريحات بقية قيادات مجموعة أم دوم ما يكشف حالة الارتباك التي تعيشها بسبب عودة الميرغني المفاجئة، في وقت وضعت فيه هذه المجموعة خطتها أن الميرغني لن يعود وأعلنت عزله، وشرعت في عقد مؤتمرات بناء قاعدي بدون شرعية.
ويرى فائق أن الارتباك في عمل مجموعة أم دوم جاء من البداية باستبدالها رئيس الحزب الغائب بهيئة قيادة، اثنان غائبان علي محمود وتاج السر، وآخر حاضر (أبوسبيب) وهو مريض، وذات الأسباب التي عزلت بها الرئيس موجودة في هيئة القيادة التي اختارتها، ويؤكد أن شرعية إقامة المؤتمرات القاعدية للحزب تستمد من رئاسة مولانا الميرغني وهو يمثل الشرعية لقيام المؤتمر العام كمقرر للجنة قيامه ولا يوجد شخص آخر .
أسباب صحية:
من جانبه أرجع القيادي بالحزب الاتحادي سيد العبيد الذي عقدت مجموعة أم دوم مؤتمرها في منزله بضاحية أم دوم بشرق النيل إعلان أبوسبيب اعتزاله للعمل السياسي لظروف صحية. ويضيف أن أبوسبيب ظل يقود العمل في الفترة الماضية ويشرف على المؤتمرات القاعدية التي ترفع إليه توصياتها النهائية باعتباره عضو القيادة الجماعية المكلفة التي تم اختيارها وهو الوحيد الموجود داخل السودان لغياب سر الختم الميرغني وعلي محمود خارج السودان، نافيًا أن يكون غيابهما مؤثراً في شرعية قيام هذه المؤتمرات التي قال إنها تستمد شرعيتها من جماهير الحزب، وزاد: إن الثابت تاريخياً في دستور الحزب الاتحادي أن قرار انعقاد المؤتمر العام يستمد شرعيته من رغبة الجماهير وليس رئيس الحزب، وأضاف العبيد في حديثه للصيحة إن مجموعة أم دوم قد خرجت من هيمنة مولانا الميرغني وأعلنت فصله في اجتماع حضرته مجموعة من القيادات، وكلفت قيادة جماعية من تاج السر الميرغني وعلي محمود وأبو سبيب وهي التي قادت العمل وسط الجماهير وأشرفت على قيام المؤتمرات القاعدية والقطاعية، منها مؤتمر الشباب والأطباء والمهندسين، مؤكدًا ان الاستعداد للمؤتمر العام أصبح شبه مكتمل، وتم تحديد نهاية ديسمبر كموعد مبدئي لانعقاد المؤتمر العام. وختم بالتأكيد على شرعية كل العمل الذي تم والذي قال إنه مستمد من الجماهير.
الخرطوم: الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة