ندعو إلى ممارسة السياسة بقيم الدين عِوضاً عن ممارستها بالبلطجة والانحطاط الأخلاقي والقيمي الذي ولغ فيه الساسة الغربيون بعد أن وصفوا السياسة باللعبة القذرة : (Politics is a dirty game
أقولها ضربة لازب إن من يجردون السياسة من الأخلاق هم بمثابة الموت الماحق والبلاء الساحق الذي من شأنه أن يُورد بلادنا موارد الهلاك وهل تحلى القتلة والمجرمون الذين روَّعوا الآمنين وفتكوا بشعبنا ووطننا واسترخصوا الدماء وأسالوها أنهاراً وعطلوا مسيرة البلاد ودمروا المنشآت ومشروعات التنمية ..أقول هل تحلى هؤلاء بذرة من الأخلاق وقيم الدين التي تجعل من سفك الدماء من أكبر الكبائر ثم هل قرؤوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (ما يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)؟
كل هذا وغيره جزء من ممارسات السياسة القذرة التي ظللنا نحذر منها محاولين أن نجنب بلادنا من شرورها خوفاً من انزلاقها في أتون حروب وصراعات كالتي تشهدها بلاد كثيرة من حولنا وهل ما يحدث في سوريا والعراق وليبيا واليمن بل وجنوب السودان إلا من فعل شياطين الإنس من السياسيين المتجردين من القيم العليا والأخلاق النبيلة؟
أصدقكم القول إن علاقتي بالفريق طه عثمان مدير مكتب الرئيس أقرب إلى التوتر وربما المخاشنة منها إلى العلاقة الطبيعية ويكفي أنه لا اتصالات هاتفية بيننا منذ سنوات رغم علاقة القربى والجوار ومراتع الصبا والشباب التي جمعتني بالرئيس ردحاً من الزمان ولست راضياً عن كل تصرفات الفريق طه مثل صداقته السابقة بـ(شيخ) الأمين والتي انقطعت جراء سلوك (شيخ) الأمين المشين والحمد لله، ولكن هل تدعو قيم الدين إلا إلى القوامة بالقسط والشهادة لله؟ وهل تحض إلا على عدم خلط الأوراق بين المشاعر والعلاقات الخاصة من جهة وبين قيم الحق والعدل التي نص عليها قرآن ربنا سبحانه؟ (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا) أي لا يحملكم بغضكم لقوم على ألا تعدلوا ..تلك هي القيم الربانية .. قيم العدل المطلق التي لو سادت لاستقام العالم أجمع على أمر الله تعالى .. أقول هذا بالرغم من أني لا أبغض الفريق طه الذي تعرض خلال الأيام القليلة الماضية لحملة إسفيرية ظالمة كشفت عن تردٍّ مريع في سلوكنا السياسي أخشى أن يسوقنا إلى المهالك.
باختصار شديد أقول إن المهندس أحمد أبوالقاسم اختطف من أمام منزله حيث أخذ إلى مكان تعرض فيه إلى ضرب مبرح، ألحق به إصابات في الرأس والظهر وتمت معالجته حيث قضى في مستشفى الأطباء ثلاث ساعات نقل بعدها إلى منزله .. خلال أقل من ساعة من تلك الواقعة امتلأت شبكات التواصل الاجتماعي برواية مثيرة حول تورط الفريق طه في عملية الاعتداء ونسجت قصة خيالية عن تحرش طه بزوجة الرجل في صالة مناسبات قام زوجها على إثرها بالثأر لعرضه من خلال ضرب الفريق طه، ثم قام طه باستدعاء مجموعة أمنية قامت بالاعتداء على أحمد أبوالقاسم .. مسلسل كامل من نسج الخيال الموبوء بالأحقاد والسخائم.
ما أن حدث الاعتداء على أحمد أبوالقاسم حتى تلقفت بعض قوى المعارضة الأمر (ودقت الطار) في الأسافير حابكة القصة المتداولة ومالئة فراغاتها بكل ما يشوه سيرة الفريق طه الذي يتعرض منذ فترة لقصص وروايات شتى نقبت في سيرته ولاكت تفاصيل حياته وملأتها بالمثير والخطير من أحاديث الإفك والبهتان.
ما أن مضت ساعات على الحادث والروايات المتداولة في الأسافير حتى أطلت الحقيقة لتكشف عن حديث إفك جديد تجرد من خاضوا فيه من الأخلاق بعد أن استسلموا لمراراتهم وأضغانهم وخصوماتهم السياسية.
اتضح أن كل القصة مجرد تخرصات وأكاذيب نسجت بغرض النيل من طه ومن مؤسسة الرئاسة إذ لم يكن هناك حفل أو مناسبة شارك فيها أحمد أبوالقاسم أو الفريق طه بل أن الفريق طه اتصل بالمعتدى عليه ابوالقاسم ليطمئن عليه وتم نشر المكالمة الهاتفية التي كشفت عن زيف القصة برمتها.
للأسف الشديد فإنه لم يكشف حتى الآن عن المعتدي على أبوالقاسم ولو كان قد تم ذلك لأغلق الملف ولانتهى الجدل ولكن .
إنني لأتمنى أن تتواضع جميع القوى السياسية على ميثاق شرف يقوم على مرجعياتنا الأخلاقية فعندما تداول البعض في أحد مجموعات الواتساب ابتدرت أول تعليق لي بكلمة (فتبينوا) ..تلك العبارة المفتاحية التي ينبغي أن نخضع لها كل شائعة قبل الخوض فيها ثم أتْبعتُ ذلك بمداخلات أخرى استقيتها جميعاً من مرجعيات سورة النور التي تناولت حديث الإفك الذي برئت منه أمُّنا عائشة بنت أبي بكر (الصديقة بنت الصديق) (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ). (يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
أعيب على الحكومة البطء في التعامل مع الحدث الذي تمدد وسرى بين الأسافير سريان النار في الهشيم، وأوقن أن الدولة تعاني من ثغرة كبرى في جهازها الإعلامي في تجاهل تام وعجز مدهش عن مواكبة الإعلام الجديد.
نعم نحن في المعارضة لكننا نعارض بشرف مذكرين الجميع أن من يتجرد من الخلق القويم ليس جديراً بثقة الشعب ولا يستحق أن يمنح ثقة الجماهير .
الصيحة