عيد الأضحى.. وسائل التواصل تطيح بالزيارات الاجتماعية.. فرحة مكبوتة

ضيوف العيد، هم أصحاب أقصر الزيارات، إذ يستوجب على الزائر تغطية أكبر عدد من البيوت يطلب العفو من الجميع والتواصل مع الجيران، وتمتد تلك المعايدات لتشمل الأهل والمعارف والأحباب في كل البقاع، إذ يستثمر الناس العيد في التواصل الاجتماعي.
ولكن أين هم ضيوف العيد؟ هل أغلق الباب؟ بالتاكيد إن ظروف سفر العديد من سكان العاصمة إلى الولايات والذي تزامن مع العيد مثل أحد أسباب غياب الزيارات المكثفة على عكس عيد الفطر المبارك من واقع أن الجميع يشد الرحال إلى الولايات في الأضحية، إذ إن هذا الغياب الكثيف لتبادل الزيارات الذي شهده هذا العيد، حدث كثيراً من قبل، في ظروف مماثلة، بحسب كثيرين ممن شهدوا الأعياد داخل العاصمة الخرطوم، فهل لتوافر وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي سهم ونصيب في انحسار ضيوف العيد؟ أم إن السودانيين (تغيروا)، وغلبت العادة على العبادة وأصبحت المعاملة بالمثل؟

برستيج عالٍ
(منى) من ضاحية كافوري ببحري، شددت على أن حجم الزيارات بين أهل الحي يتسق مع طبيعته الراقية، قليلة وشحيحة حتى قبل العيد، وأضافت: تنحصر هذه الزيارات في أغلب الأحيان بين الأهل، ولا تمتد إلى غيرهم إلا لماماً، وفي حالات نادرة، بخلاف ما يحدث في الأحياء الشعبية التي لا تزال تحتفظ بتقاليدها وإرثها ولا توارب الأبواب.
لكن بحسب رأي شادية حسن من بحري، فإن حارتها حي الشعبية رغم كونه حياً قديماً، إلا أن الزيارات فيه انحسرت حتى بالنسبة للأطفال الذين كانوا يأتون في السابق للتهنئة، وجمع الحلوى في حقائب يحملونها خصيصاً لأغراض العيد، وواصلت شادية: لا أعلم تحديداً أسباب تراجع الزيارات، فربما مرد ذلك البعد عن الدين أو قسوة في القلوب، وأردفت: الله أعلم، قبل أن تختم قائلة: زمان كنا بننضف سريع سريع خوفاً من مداهمة الضيوف، هسي بقينا على راحتنا.

شغل للآخر
الأمر يتوقف بشكل عام على طبيعة العلاقة بين الناس في كل (مربوع) من الحي، فقد يحدث التواصل بشكل مكثف بين بيوت وينعدم في أخرى، هكذا عبر أبوعبيدة عن رايه، وزاد: أن الظروف الاقتصادية دفعت كثيرين إلى تجربة الأعمال الحرة وقيادة المركبات، وهي أعمال تستمر لغاية وقفة العيد، وبالتالي تكون الراحة في أيام العيد.

فرحة مكبوتة
إلى ذلك، عزت حنان الجاك اختصاصية اجتماع ظاهرة انحسار تبادل زيارات العيد إلى ما سمتها الثقافة الاجتماعية، وأضافت: هذه الثقافة هي التي تحدد التواصل بين الناس، وأن الإنسان يحتاج كي يتواصل مع الآخرين إلى الاطمئنان والولف، على حد تعبيرها، واستطردت: التواصل التقني ساعد في هذا الركود الاجتماعي، والوضع الاقتصادي جعل الناس في حالة عمل دائم ما يدفعهم حتى إلى استثمار إجازة العيد في الهدوء والراحة، وأضافت: صارت فرحة العيد مكبوتة في دواخل الناس، لذلك ينبغي علينا الجلوس لمراجعة أنفسنا وإحياء قيم التواصل والتراحم والقضاء على الترهل الاجتماعي.

الخرطوم – رندا عبد الله
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version