حسب تصريحات المهندس إبراهيم محمود حامد مساعد رئيس الجمهورية المنشورة اليوم.. إنّ الموعد المضروب لنهاية الحوار الوطني هو آخر فرصة مُتاحة للتفاوض مع المُعارضة بكافة أطيافها.. وفي سياق يكمل الجُملة المُفيدة.. قال عبود جابر رئيس الآلية التنسيقية للحوار إنّ المدة الزمنية المُتبقية لن تسمح للمُعارضة الوصول إلى اتفاقٍ.. وأغلب الظن أنّها ستطلب تأجيل ميقات انتهاء الحوار الوطني لكن ذلك مستحيل..
إن لم تكن تصريحات إبراهيم وعبود مقصوداً بها مزيداً من الضغط النفسي لإيصال المعارضة إلى قاعة الحوار.. فهي تعني عملياً أنّ الحوار سينتهي بمن حَضَرَ.. وتستخرج منه (الوثيقة الوطنية) النهائية التي تحمل توصيات الحوار.. وتصبح البلاد في مرحلة (رُفعت الأقلام.. وجَفّت الصحف)..
حسناً.. حتى هنا لا مُشكلة.. لكن لنكمل قراءة المشهد.. بكل يقين يصبح الافتراض الوحيد القائم.. هو أن تأتي (الوثيقة الوطنية) بما يفي حاجة التراضي الوطني الشامل.. بما لا يتطلّب إلاّ ترسيخ خلاصاتها لا إعادة النظر فيها لمن يأتي لاحقاً.. فهل هذا مُمكن؟؟
في تقديري الإجابة.. لا..!!
سأقول لكم لماذا..!
كل الذي بين أيدينا الآن أنّ 97% من توصيات الحوار الوطني مُتفقٌ عليها بدرجة تقترب من “الإجماع”.. وهنا الإجماع ليس علامة صحة.. بل على النقيض.. فهو يعني أنّ هذه النسبة من بنود الحوار (97%) كانت في المُتّفق عليه بالضرورة ولم يكن حَصيفاً من البداية أن تندرج في أجندة الحوار.. فالحوار يفترض أن يكون في المُختلف عليه وليس المُتّفق عليه بدرجة إجماع تصل إلى (97%)..
ومع ذلك.. الـ(3%) المُتبقية تتعرّض لمُشكلتين.. الأولى.. الحجاب والستار الكثيف المضروب حولها يشي بأنّها تمر بمُعالجات كيميائية قاسية.. لا تسمح لأعين وسمع الشعب بالتلصص عليها.. فهي لا تزال سراً دفيناً فشلت كل جُهُود التسريبات في كشف حقيقة ما يدور خلف الغُرف المُغلقة..
والثانية.. التصريحات الاستباقية التي بَدَرَت من بعض قادة حزب المؤتمر الوطني عن حدود المُباح والمُتاح في توصيات الحوار الوطني تثبت أنّ هذه الـ(3%) لن تأتي باستيفاء ما يُحقِّق أمل المُعارضة في حل يتراضى عليه الجميع..
بكل هذه المُؤشِّرات التي بين أيدينا.. ليس من سبيل إلاّ طريقين..
الأول.. رغم تصريحات الحكومة المُتواترة.. تصدر قراراً بتأجيل المؤتمر العام لختام الحوار الوطني.. وهو بالطبع أمرٌ سيئٌ يطيل عُمر الحوار.. بلا طائلٍ..
الثاني.. إنهاء الحوار بمن حَضَرَ.. ويَصبح المشهد النهائي أقرب إلى وثيقة (تراضٍ وطني) جديدة تشبه تلك التي وُقِّعت بين الوطني وحزب الأمة قبل سنوات.. لكن هذه المرة بين (الوطني) و(الشعبي).. وهُمَا للأسف.. إخوان بالرضاعة!!
حولهما جمهرة أحزاب تابعة.. بالرضاعة!! من ثدي الوطن (المكتول كَمد)!!
التيار