في كل يوم يتأكد لنا أن قرار السودان بقطع العلاقات مع إيران والقفز والابتعاد عن هذا المركب الطائفي.. مركب نظام إيران ومرشدها خامينائي ومرجعيتها الدينية هو أصح قرار اتخذته الحكومة في سنواتها الماضية.
إذ لا يمكن أن نتخيل دولة تزعم بأنها دولة إسلامية وتسمي نفسها بهذا الاسم وهي تمارس محاولات متكررة لترويع حجاج بيت الله الحرام وتضييع الطمأنينة من قلوبهم عبر تصريحات مبتذلة تصدر عن مسؤولين إيرانيين تهدد استقرار موسم الحج في كل عام.
بل يصل الغرور والغلو بهذا النظام هذه المرة درجة يمنع فيها الإيرانيين من أداء فريضة الحج ويتوعد من يخالفون هذا القرار ثم يتمسك بأنه نظام إسلامي.
نعتقد أن السودان قد أبعد نفسه عن إيران في التوقيت المناسب والدقيق والذي لم يكن بعده بإمكان الحكومة السودانية أن تحتفظ باحترامها لنفسها وهي تحتفظ في نفس الوقت بعلاقات مع نظام يقول إنه إسلامي وهو يهدد ركناً من أركان الإسلام لأسباب سياسية.
كان من الممكن أن يتجاوز الكثير من المسلمين في العالم ما بين إيران والسعودية من خلافات سياسية ويتجاوزون تهديدات إيران للمملكة العربية السعودية كنظام سياسي له مشكلة مع نظام آخر لو لم يحشر الإيرانيون المقدسات والشعائر الدينية في ميدان خلافاتهم مع السعودية، لكن غباء النظام الإيراني أفقده حياد الغالبية العظمى من المسلمين تجاه هذا الخلاف السياسي بسبب محاولاتهم لإقحام الحج والشعائر الدينية والمقدسات الإسلامية في هذا الخلاف فخسروا حياد غالبية المسلمين في هذا العالم.
الآن وبعد تهديدات إيران المرتبطة بموسم الحج وضع النظام الإيراني نفسه في مواجهة مع المسلمين ومع جميع الدول الإسلامية وكسبت السعودية مؤازرة أوسع مما كانت تتخيل.. بل هي مؤازرة إسلامية قد تجعلها لا تحتاج لإطلاق رصاصة واحدة لحماية نفسها حيث سينهمر الرصاص على طهران من كل صوب في حال ارتكبت إيران جرأة حمقاء جعلتها تتعدى على حدود المملكة العربية السعودية.
هذا غباء سياسي لا مثيل له، الذي يجعل إيران تزود خصمها بكل هذا الدعم وبقوة إضافية بهذا الحجم الهائل لم تكن السعودية تتوقعها لو ظلت القضية بين البلدين في مستوى الخلاف السياسي فقط..
بل فقد نظام إيران بقراراته الهوجاء وتصرفاته الرعناء الكثير جداً من التعاطف الداخلي والمساندة الداخلية له من الشعب الإيراني الشيعي نفسه والآن رغم رفض السلطات الإيرانية إرسال الحجاج من داخل إيران للأراضي المقدسة هذا العام تمكّنت أعداد كبيرة من الحجاج الإيرانيين المقيمين خارج البلاد الدخول إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج وكسر هؤلاء القيود التي فرضتها عليهم حكومتهم، عن طريق شركات سياحية معتمدة سمحت باستخراج تأشيرات حج للمقيمين خارج إيران بدول أوروبا وغيرها.
ستظل شعيرة الحج عصية على العبث السياسي الايراني.. وتظل تهديدات إيران للحجاج تستدعي قصة أبرهة الذي خرج بجيش عظيم ومعه فيلة كبيرة تتقدم الجيش لتدمير الكعبة وعندما اقترب من مكة المكرمة وجد قطيعاً من النوق لعبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم فأخذها غصباً. فخرج عبد المطلب، طالباً منه أن يرد له نوقه ويترك الكعبة وشأنها، فرد أبرهة النوق ولكنه رفض الرجوع عن مكة لكن فيلته أبت أن تتقدم عند الكعبة وعندها أرسل الله سبحانه وتعالى طيوراً أبابيل تحمل معها حجارة من سجيل قتلتهم وشتتت أشلاءهم..
والآن أمام تهديدات إيران نتذكر ما قاله عبد المطلب لأبرهة أما النوق فأنا ربها، وأما الكعبة فلها رب يحميها..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.