قبل العيد بعدة أيام.. ارتفعت أسعار التذاكر الخاصة بالسفر.. الى الولايات.. ليس هذا فقط.. بل حتى أسعار تذاكر الحافلات المتجهة الى الميناء البري.. وهي في مجملها (رحلات) داخل الخرطوم من أطرافها الممتدة.. خاصة من منطقة الحاج يوسف..
* أصبح ارتفاع الأسعار مرتبط بالمواسم.. رمضان والسكر والدقيق وأسعار الخبز.. الأعياد والغاز.. ولغز تذاكر السفر.. وأسعار الخضروات والفواكه.. حتى الدكوة.. والليمون والشطة صار لها سعر (خاص) في عيد الأضحى..!!
* لا أريد أن أتكلم عن أشياء كثيرة.. كلنا نعرفها.. ولكن أين الدولة..!!؟
وهل امتلاء الجيوب والخزائن.. ودواليب الملابس في غرف النوم.. والمكاتب بمختلف أنواع العملات.. يجعل (البون) شاسعاً بين المسؤولين وشعبهم.. أظنه سؤال سخيف.. رغم أنها أموال شعبهم.. ورغم أنهم ذات يوم (كانوا) لايملكون شروى نقير..!؟
* العلاقات الإجتماعية.. في مواسم الأعياد هي نفسها تكاد تتلاشى لأن من وجد نفسه ذات (صباح) في سدة المسؤولية.. يحاول جاهداً أن يتناسى أو حتى يتنكر للماضي.. وأيام الشوارع الخلفية.. والدساكر البعيدة لأن (استحلاب) المال العالم.. جعل معظمهم (يرحلون) مسرعين الى القلاع الحصينة والأبراج والأسوار العالية.. شرق المدينة.. وفي بعض نواحيها.. وإن تطلب الأمر الى خارج الحدود..؟!!
* ليسو هم فقط.. أصبح الهم (الخاص) يطغى على العام.. وكسب المال بأي وسيلة كانت أصبح هو الهدف.. حتى بين العامة.. والشعور بالآخر .. رحم.. أو صديق أو حتى جار في أماكن السكن.. أو عابر سبيل.. الشعور به وباحتياجاته حتى لو كانت (ظاهرة).. اختفى الإهتمام بها.. في زخم الحياة.. وأنانية الخاص.!!
* والأسرة تحاول جاهدة ان تترابط.. وحتى مائدة (الغداء) التي كانت تلم الشمل والشعث.. وتتفاكر في أمورها ومستقبلها أثناء الطعام.. وبين أكواب الشاي.. أصبح الأمر عسيراً عليها.. بعد أن صار أفرادها يضربون في الأرض يبتغون الرزق من الله.. حتى داخل مدنهم إن لم تبتلعهم المنافي البعيدة.. والهجرات الأبعد.. التي (تخلق) بينهم نوعاً من الجفاف العاطفي.. والتوادد والتراحم الذي جبلو عليه بمرور تراكم السنوات.!؟!
* حتى الناظر بعمق الى الشارع العام.. يرى الإكفهرار على الوجوه.. وعبس هذه الوجوه الذي جعل الشباب من الجنسين تتضاعف أعمارهم.. من كثرة عبء المسؤولية وهم في هذه السن.. أو من (قهر) البطالة بعد سنوات الدراسة.. أو حتى أنهم صاروا فاقداً تربوياً.. يضربون في الطرقات على غير هدى.. بحثاً عن المستقبل.. ولو في مهنة هامشية.. أو الجلوس على نواصي الطرقات وتلك (اللساتك) في الزوايا.. وبرندات الدكاكين في الأحياء حيث تناولت الجريمة المنظمة.. وغير المنظمة (بعضهم) وساقتهم الى مهاوي الردى والمهالك..
* والجريمة تتطور.. ويزداد الغبن في الصدور.. ويظهر في بريق ولمعان العيون.. وأيضاً الا من رحم ربي.. والأخلاقيات والقيم تتلاشى.. والصبر يطير في الهواء راحلاً.. و(الأسر) تحاول أن تلم الشمل والشعث دون هوادة في سباقها مع الزمن.. وسنوات المراهقة..!!
والسودان الذي كان كبيراً ذات يوم.. كل يغني على ليلاه.. ويبحث عن (مبتغاه) وغناه خاصة أهل السياسة.. وخصوصاً أهل شارع المطار.. الذين يتحملون وزر ما يحدث.. بعد أن أصبحت البلاد (شذر مذر) بفضلهم .. ولجأ (الكل) يبحث عن أحضان (القبيلة).. بعد ان أفسدتهم السياسة..
* ورغم كل ذلك.. السودان الى خير.!!
* بإذن الله.. وقليل من الصبر يكفي..!!
الجريدة – مفارقات