وصفت صحيفة “هآرتس” في مقالها الافتتاحي التحالف الذي قالت إنه آخذ في التبلور بين إسرائيل والسودان بـ”المقرف”.
وذكرت في المقال الذي حمل عنوان “إسرائيل في خدمة قاتل جماعي” أن الحكومة الإسرائيلية طالبت الإدارة الأمريكية ودول في الاتحاد الأوروبي بتغيير موقفها من السودان، والتفكير في شطب ديونها ومساعدتها اقتصاديا. وأن “الكرم” الإسرائيلي مرده إلى أن السودان قطعت علاقاتها مع إيران وتعمل على منعى نقل السلاح لسيناء وقطاع غزة.
وبحسب “هآرتس” فإن العلاقات بين إسرائيل والسودان معقدة. ورغم عدم تصنيفها كدولة عدو في تل أبيب، ساعدت السودان على مدى سنوات قوافل السلاح التي وصلت من إيران على المرور من أراضيها وصولا لقطاع غزة.
وتابعت :”كانت الخرطوم منذ عام حليفا مقربا من إيران ومنحت في الماضي ملاذا لأسامه بن لادن. في المقابل، فقد تغاضت (على ما يبدو مقابل مبالغ مالية مناسبة) عن عمليات إنقاذ يهود إثيوبيا، وفي مطلع العام صرح وزير خارجيتها، إبراهيم غندور أن بلاده تدرس مسألة التطبيع مع إسرائيل”.
ورأت “هآرتس” أن إسرائيل ظاهريا عليها أن تكون راضية عن إمكانية تكوين علاقات ودية وإن لم تكن رسمية مع دولة عربية ترتبط بالتحالف العسكري مع السعودية، ولديها علاقات جيدة مع مصر، بل حتى تتعاون مع الولايات المتحدة في مجال الاستخبارات.
لكن- والكلام للصحيفة الإسرائيلية- “سيكون من الخطأ ضم السودان لقائمة الدول العربية “المعتدلة”، التي تعتبرها إسرائيل دول مناسبة للتعاون. إذ يترأس الدولة الرئيس عمر البشير، الذي صدر ضده أمر اعتقال دولي لمسئوليته عن الإبادة الجماعية في دارفور. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 200- 400 ألف شخص قتلوا، وهُجر الملايين من منازلهم واغتصبت آلاف النساء على يد جنود البشير والموالين له”.
وأضافت :”جرائم الرئيس السوداني، مثلما توصف في لوائح الاتهام التي صدرت بحقه، تتجاوز بصورة مروعة “المعايير” المقبولة أيضا لدى الأنظمة الظلامية. لا يمكن للحكومة الإسرائيلية تجاهل العمليات غير الإنسانية التي اتخذها البشير، وأن تعمل من أجله لمجرد قراره بقطع العلاقات مع إيران. وفقا لهذه المعايير كان على إسرائيل إذن قطع علاقاتها مع تركيا وروسيا وبريطانيا وباقي دول العالم التي تربطها علاقات بإيران. كذلك من المستبعد أن تجرى اتصالات مع نظام مثير للجدل بهذا القدر في الظلام، بلا تقارير للمجلس الوزاري المصغر ولجنة الأمن والخارجية، وبلا نقاش مجتمعي وتحت تعتيم إعلامي كبير من الرقابة العسكرية”.
وختمت الصحيفة مقالها بالقول :”الأخطر من ذلك، أن إسرائيل كمدافعة عن نظام إرهابي لا رحمة لديه، تزعزع بشدة مكانتها كدولة تسوق أخلاقها كثروة استراتيجية، مقارنة بدول المنطقة. إن “صداقة” إستراتيجية مع السودان ليست خطئا أخلاقيا فحسب. إذ يتوقع أن تجلب في أعقابها كراهية إستراتيجية مع العالم المستنير.
اللافت أن الصحيفة التي ترفض إقامة علاقات بين إسرائيل والسودان بدعوى أن الأخيرة متهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لم تتفوه ببنت شفه عن الجرائم التي ارتكبها وما يزال جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين والعرب، وليست مذابح صابرا وشتيلا ودير ياسين وبحر البقر والعشرات غيرها ببعيد. فضلا عن ارتباط إسرائيل نفسها بعلاقات وطيدة وتحالفات مع دول ذات أنظمة ديكتاتورية ارتكبت الكثير من المجازر بحق شعوبها.
معتز بالله محمد
مصر العربية