كان العرب يتباهون فيما بينهم بالقوة والفروسية والقدرة على القتال وخوض المعارك، وكانت المرأة تميل نحو الرجل القوي الشجاع، الذي يستطيع حمايتها وتفخر به وسط النساء الأخريات، الأمر الذي جعل من “عبد أسود البشرة”، في حينها رجلًا حرًا وسيد قبيلته. عنترة بن شداد لم يكن لديه ميزة غير قوته وشجاعته المفرطة وحبه للشِعر ولمعشوقته عبلة، أما الآن فالرجال الأقوياء الشجعان ربما قد يصبح مكانهم في حراسة النوادي الليلية و”البارات” ومحاولة السيطرة على السكارى.
المرأة التي يُفضّلها الرجل:
قالت دراسة حديثة إن الرجل يميل إلى المرأة ذات الصدور والأرداف الممتلئة، ويرجع هذا التفضيل إلى جذوره التطورية الخاضعة لنظرية الانتخاب الطبيعي، حيث يميل الرجل بالفطرة إلى المرأة ذات الصحة الجيدة، التي تستطيع أن تمنحه أبناءً يحملون جيناتها الحميدة وتكون قادرة على رعايتهم، وفي ذلك نوع من أنواع الخلاص للجنس البشري ككل، في سعيه نحو الأفضل دائمًا، والانتخاب الطبيعي للقوة من أجل التأكيد على سيادة البشر، ومحاولة دثر الصفات الذميمة.
ولا يزال هذا التقليد موجودًا حتى الآن في بعض القرى المصرية، بعض مشاريع الزواج تفشل بسبب جسد الزوجة الضعيف، ويتدخل الأهالي بشكل أساسي في ذلك، فمن الطبيعي أن تسمع جُمل ذم في النساء النحيفات ونعتهن بعدم القدرة على تحمل مشقة الزواج والحمل ورعاية الأطفال والاهتمام بالأسرة والمنزل، يسعى الأهالي في الزواج المعروف “بزواج الصالونات” إلى اختيار الفتاة الممتلئة قليلًا ذات النهود المرتفعة كدليل على أنوثتها وقدرتها على الإنجاب والرضاعة.
إذًا الاختيار يبدو في ظاهره اختيارًا شخصيًا، ولكنه في الحقيقة هو اختيار مزروع في الجينات البشرية التي تميل إلى اختيار القوة، الأمر كُلّه مرهون بالقوة، ففي دراسة أخرى حاولت الوصول إلى أنواع المرأة التي يفضلها الرجل ويقع في غرامها، فكان من ضمن ما ذكرته الدراسة، المرأة التي يستطيع الرجل أن يفتخر بها، وبالتأكيد هذا الفخر نابع عن كونها سيدة ذكية تعرف كيفية التعامل مع المحيطين، لديها سرعة بديهة وذوق رفيع ونسبة لا بأس بها من الجمال بالإضافة إلى النجاحات الشخصية، لو نظرت متفحصًا لوجدت أن الأمر منوط بالقوة مرة أخرى، فكل هذه الصفات التي تدفع الرجل إلى التفاخر بامرأته هي صفات تدل على قوتها في الصميم.
الرجل الذي تُفضّله المرأة:
خضعت النساء لدراسات وتجارب علمية مشابهة أيضًا لمعرفة الصفات التي تستميلهم نحو الرجال، ومن ضمن هذه الدراسات دراسة صادرة من جامعة ليفربول ذكرت فيها أسباب انجذاب النساء للرجل الطويل على سبيل المثال، وفسرت ذلك بأن الرجل الطويل هو الأكثر خصوبة كما أن بنيانه القوي المفتول يعطي الشعور بالأمان الملازم للقوة والسيطرة، وهي الصفات التي تبحث عنها المرأة في رجلها، تريد رجلًا يدافع عنها ويحميها وتشعر بجواره بالأمان وتفخر به أمام الجميع، وأوضحت دراسة أخرى سبب ميل النساء في العصر الحالي إلى الرجال الملتحين حيث يرون أن اللحية هي مظهر رجولي تفرّق بين الشاب المراهق والرجل الناضج، كما يرون أن اللحية تعطي انطباعًا بالجدية والالتزام وتحمل المسؤولية والقدرة على مجابهة الصعاب، إذًا الأمر منوط بالقوة مرة أخرى.
لماذا تُفضّل المرأة الرجل الغني؟
يخضع اختيار الرجل أو المرأة لشريكه أو شريكته لمقاييس القوة المختلفة حسب كل عصر، ففي العصور المنصرمة كانت القوة بالنسبة للمرأة متمثلة في قوتها البدنية وقدرتها على التزاوج والإنجاب وتحمل مشاق الأسرة، وبالنسبة للرجل تمثلت القوة في الطول الفارع والبنيان الشديد والشجاعة والقدرة على حماية شريكته من كافة المخاطر.
أمّا في العصر الحالي فتغيرت موازين القوى بالكامل، الأمر الذي يجعل النساء ربما تميل إلى الرجل الذكي، الماهر، متوقد الذهن، مترهل الجسد، أكثر من الرجل الوسيم الساذج الغبي ممشوق القوام، أما من اجتمعت به صفات الوسامة والذكاء في الوقت ذاته فهو الاختيار الأمثل بالتأكيد. ضع الآن الرجل الذكي أو الوسيم أو كلاهما في كفة ثم ضع الرجل الغني في الكفة الأخرى، وأنت مغمض العينين ستخبرني أن الكفة ستميل لصالح الرجل الغني، فالمال أصبح هو المسيطر الأساسي في موازين القوى، من يملك النقود يملك القوة، وطبقًا للانتخاب الطبيعي فالإنسان يسعى فطريًا نحو القوة والشعور بالأمان من أجل الحفاظ على سلالته وتطويرها، ربما هذا يفسر ميل الفتيات إلى الرجال الأغنياء حتى ولو كانوا سُذّجًا وأغبياء أو سيئون من حيث المظهر وقبيحي الوجه.
البقاء للأقوى، والمال الآن أقوى من أي شيء، ولذلك تغير انتقاء البشر للشريك المناسب، فلم يعد الرجال يبحثون عن المرأة ممتلئة الصدر، ولم تعد النساء يبحثن عن الرجال الأقوياء ذوي الوسامة. يسعى الجميع نحو هدف واحد، لا يتعلق بالإنسان من الأساس ولن يتشكل في جيناته، يسعى الجميع نحو المال الممثل لمركب النجاة واستمرار الجنس البشري، أمّا باقي الصفات الجينية فإن وجدت كان بها وإن لم توجد فالمال يستطيع أن يطور العلم، والعلم قادر على كل شيء، والهندسة الوراثية وتعديل الجينات لن يحرم جنسك البشري من التطور إلى حد الوصول للإنسان الأعلى الذي تمناه نيتشه، ففي سعي المرأة نحو الرجل الغني ليس لكونها إنسانة مادية رخيصة، بقدر سعيها للقوة والراحة والأمان.
هافغنتون بوست