في مظلة انتظار المواصلات العامة تقف فتاتان وسيدة في انتظار مركبة تقلهم إلى حيث يتجهون، وفي الأثناء، توقفت عربية بيضاء نادى صاحبها عليهنّ وأبدى رغبته في توصيلهنّ سيما وأنه سيمضي في ذات الاتجاه، اعتذرت إحداهنّ له بلطف، رغم إلحاحه لتوصيلهن، لماذا رفضنّ ذلك العرض المغري في ظل انعدام المواصلات والأزمة التي نمر بها في مواجهة ذلك، وما هي الأزمات الاجتماعية التي جعلتهنّ يرفضنّ العرض.
القرار الصحيح
ترى سميرة أحمد “موظفة” أن الموقف صعب كذلك التعامل معه، وقالت: “ما حدث من تغيرات مجتمعية أثر على المفاهيم وأثار رعب وخوف الكل عدا أولئك الذين يتمتعون بشجاعة فائقة”، ومضت قائلة عموماً قد تكون نية ذلك الشخص نظيفة لكن الحذر لا بد منه. أكدت رضا حامد “ربة منزل” ذلك وأضافت: كيف يمكننا التفريق بين من يود المساعدة فعلاً وبين المتربصين والمتلاعبين بالناس، وقالت: “ذلك الرجل الذي وقف لنا شعرنا أنه يود مساعدتنا فقط لكن الإحساس لا يكفي حتى نقبل دعوة من لا نعرفه، في الوقت الذي كنا فيه في أمس الحاجة لتلك التوصيلة، اتخاذ القرار الصحيح في بعض الأحوال ربما يكون صعباً لكن لابد من الجرأة واتخاذه قبل فوات الأوان”.
حل مشكلتي
أما رؤى أمين “طالبة” ليس لديها أي مشكلة في أن تقبل دعوة للتوصيل، وتقول: “أزمة المواصلات والانتظار الطويل جعل مهمة الوصول إلى الجامعة أمراً صعباً يكلفنا عدم حضور بعض المحاضرات، وهذا لا يحدث مرة أو اثنين في الأسبوع بل صار أمراً راتباً تعبنا منه، وحينما نجد من يوصلنا في الوقت المناسب بالتأكيد لن أرفض، المهم عندي حل مشكلتي.
الحقيقة غير أزمة انعدام المواصلات هناك مشكلة تواجه المواطن الكريم، تكلفة المواصلات التي يتلاعب فيها سائقو المركبات بالتعاون مع كمسنجيتهم الذين ينفذون الخطة بدقة وحسم متناه، بعد أن اتخذوا من حاجة المواطن ذريعة لزيادة التعرفة على مرآى ومسمع من الجهات الحكومية المنوط بها الأمر، وتبقى مدعاة لقبول فضل الظهر وإن كان من يكن، دون تردد.
مخاطر اجتماعية
حذرت الباحثة الاجتماعية غادة عمر من قبول دعوات كهذه وإن كانت صافية النية رغم عدم ظهورها، وقالت: “كثرة الظواهر السالبة وسط المجتمع السوداني وظهور كثير من المشاكل الاجتماعية التي لا حصر ولا عد لها، وتحدث أغلبها نتيجة لهذه الدعوات الفضفاضة التي يظهر منها فقط المساعدة”، وأضافت: “حتى أكون عادلة هناك من يريدون المساعدة بالفعل وأيضاً هناك من لهم أغراض أخرى لا نعلمها، وكيف لنا معرفة ذلك ونحن نهم بالركوب مع شخص مجهول الهوية لا نرى منه سوى ما تظهره نافذة سيارته الفاخرة، ونصحت الفتيات والنساء بعدم الركوب مع شخص غير معلوم لأننا لا نعلم عواقب ذلك وإن مرت المرة الأولى بسلام فلن تمر الثانية أو الثالثة.
وأشارت غادة إلى أن فضل الظهر في تسعينات القرن الماضي كان أمراً عادياً عرف وسط المجتمع بـ”الملح” واختفى رويداً رويدا حينما ظهرت مخاطره واختلط الأمر بين فتيات “الاتوستوب” وفضل الظهر وحدث ما حدث من مشاكل اختطاف واغتصاب وتحرش بثت الرعب وعدم الثقة في نفوس الكثيرات، ثم اختفت حتى ظهرت مرة أخرى مع انعدام المواصلات وارتفاع تكلفتها في أوقات الذروة مما بات يؤرق الجميع.
الخرطوم – زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي