نشرت صحيفة (الراكوبة) الإلكترونية الغراء في موقعها بتاريخ 6 سبتمبر الجاري أن الشرطة اعترضت في الأسبوع الماضي سيارة تسير في الإتجاه المعاكس بشارع “النظام العام” بحي الديم بالخرطوم، كان يقودها “إبن” مدير جهاز الأمن السابق صلاح عبدالله قوش، وهو في حالة أقرب لفقدان الوعي الكامل ويتطاير الزبد من فمه، وأنه تعارك مع الشرطة داخل قسم النظام العام بالديم، قبل أن يتدخل مدير عام الشرطة الفريق هاشم عثمان ويطلق سراحه، وتضاربت الأقوال عما إذا كان (قوش الإبن) تعاطى حشيشاً أم حبوب مخدرة!!
* كما نشرت بتاريخ 7 سبتمبر، 2016 ، رداً من الفريق قوش نفي فيه الواقعة، وقال إنها ليست سوى نسج خيال مريض تجاوز الأخلاق السودانية السمحاء، وفات على أصحابه أن يوردوا تفاصيل الواقعة مثل إسم المتهم او الشارع أو قسم الشرطة أو رقم البلاغ ..إلخ ، حتى يسبكوا حبكتهم، وهو ما يقدح في مصداقية ومهنية الموقع، وإن صلاح قوش وأبناءه يعرفهم الجميع !!
* وأثنى قوش على الشرطة السودانية التي عرفت بمهنيتها العالية، وعدم محاباتها لأحد على حساب القانون، ثم تحدث عن دوره في العمل العام وتفاوت الآراء حوله من حيث الرضا والغضب، ولكنه راض عنه، ويفخر به، وهو الوحيد المسؤول عنه، ولا يجب أن يتجاوزه إلى آخرين في أسرته لا ناقة لهم فيه ولا جمل” انتهى.
* كان هذا ما جاء في الموقع، وأبدأ حديثي بالتعليق على الصحافة الإلكترونية التي إستطاعت أن تصبح في وقت قصير المصدر الأول للأخبار والأراء، وإتاحة الفرصة للتعليق عليها، بدون تهديد او تخويف من سلطة أو أي شخص آخر، الأمر الذي يجب أن يفهمه البعض بشكل جيد، ويعرفوا ان الزمن الذي تُصادر فيه الآراء وتُحجب الأخبار قد انتهى، ولم يعد يجدي أن يصادر أحد رأياً أو يمنع صدور صحيفة، فالفضاء الواسع مفتوح أمام الجميع!!
* غير أن هذا لا يعني التحلل من المسؤولية أو المهنية، وإلا تحول الفضاء الى غابة إلكترونية بدون رابط ولا رقيب من مسؤولية أو قانون أو اخلاق، وهو ما يجب أن يكون محل إهتمام خاص حتى لا تتسرب بعض المواد التي تضعف او تقدح في مهنيتها ومصداقيتها، وتظل على الدوام محل ثقة وإحترام المتعاملين معها، وهو ما نجحت فيه (الراكوبة) بقدر كبير!!
* لا أريد هنا أن أتحدث عن صحة الواقعة، فهو أمر له مساراته التي تؤكدها او تنفيها، ولكنني أتفق مع قوش بأن تاريخه هو مسؤوليته وحده، ولا يجب أن يحاسب به أبناؤه أو أي شخص آخر، ولا أعتقد أن (الراكوبة) قصدت أن تفعل ذلك، ولكنها نسبت الواقعة (لإبن قوش) بغرض التعريف بالفاعل بسبب شهرة أبيه، كما تفعل كل الوسائط الصحفية في نشر الأخبار السيئة والقبيحة بربط صاحب الخبر بقريب معروف حتى يتسنى للقارئ معرفته، ولا شئ في القانون يمنع ذلك!!
* تحدث قوش عن عدم محاباة الشرطة لأحد على حساب القانون، وهو أمر لم نكن نشكك فيه لولا الضغوط التي تتعرض لها الشرطة في الدول التي لا تحترم القانون، والتعليمات التي تصدر لها من نافذين في الانظمة الشمولية الفاسدة، للتمييز في المعاملة بين المواطنين، وهنالك الكثير من الأمثلة والوقائع حدثت في بلادنا يذكرها الناس مثل واقعة وزير العدل مع مدير التلفزيون السابق، وإبن وزيرة الدولة للعدل ..إلخ، فضلاً عن الحماية الظالمة التي يجدها الكثيرون من تطبيق القانون عليهم، ولا مجال في دولة مثل السودان للحديث المثالي الذي صدح به الفريق قوش!!
* أخيراً، من حق بوش أن يفخر بتاريخه، ولكن من يحدد لون وشكل هذا التاريخ ليس هو بوش، وإنما القانون، وذلك عند قيام دولة القانون في السودان، وفتح كل الدفاتر وقراءة تاريخ أصحابها، أحياءً كانوا أو أمواتاً.
الجريدة