السيسي راحل.. لكن كيف؟

إن من يعتقد أن السيسي هو المتحكم في اللعبة فهو واهم أو يعاني قصر نظر، فما حدث منذ الإطاحة بحسني مبارك والتحولات الجيوسياسية في الخريطة المصرية وما تلاها بعد انقلاب 30 يونيو/حزيران، يؤكد أن السيسي ليس أكثر من واجهة لنظام الدولة المصرية العسكرية الأمنية التي حكمت مصر منذ 1952، إذاً فالمشكلة ليست “سيسياً ولا ناصرياً ولا حسنياً ولا ساداتياً”، المشكلة مشكلة منظومة ككل.

معلومة “1”: للحالمين أيضاً سقوط السيسي اليوم مع الحراك الشعبي بسبب أزمة صنافير ليس معناه سقوط النظام المصري أو إخراج العسكر من الواجهة السياسية ومن هرم الحكم والسلطة، لكن إسقاطه يعني تغييراً في مظهر وشكل النظام، فكل رئيس وله توجهاته وسياساته واستبداده وفناكيشه.

معلومة “2”: الحراك الجماهيري الحالي أبداً لن يكون هو من سيسقط السيسي، ولو أخذنا بهذا فمعناه أن حراك الأطباء وقبلهم “رابعة” و”محمد محمود” كان قادراً على إسقاط السيسي، والعكس أثبته النظام بسحق وقتل وترهيب المعارضين والتجمهرات والطلاب، لكن الحراك الجماهيري هو مجداف ثانٍ، إضافة إلى تصارع المصالح العسكرية والأمنية المصرية فيما بينها.

معلومة “3”: المنظومة العسكرية أبداً لن تسمح بوجود قطب ثانٍ ينافسها على السلطة، والتاريخ شاهد على سحق الإخوان المسلمين في كل مناسبة، تأكيداً لنفس المنطق، ولست جازماً بأن الإخوان المسلمين والإسلاميين سيعيدون العجلة من جديد، ويسعون للمشاركة السياسية الشاملة، وللحالمين بعودة حكم مرسي: استفيقوا فمنظومة عسكر 52 ما زالت تحكم وتسيطر.

معلومة “4”: نقطة للنقاش فيما يخص المصطلحات المعممة حالياً عن ثورة 25 يناير/كانون الثاني ثم ثورة 30 يونيو/حزيران، وحالياً ثورة 25 أبريل/نيسان، عن أي ثورات يتحدثون؟؟ النظام المصري لم يسقط منذ انقلاب 52 حتى الآن، وحتى وإن استثنينا فترة حكم مرسي القصيرة جداً، واعتبرنا ثورة 25 يناير ثورة، فحتى في هذه الفترة ظل العسكر المصري هو المتحكم في خيوط اللعبة من أولها لآخرها، وما السيسي سوى كومبارس.

ولإعادة تدوير المنظومة المصرية وجب أن تكسر إحدى القوتين المتصارعتين في الساحة المصرية، وهما الشعب أو العسكر، والعمل على تقويض تحكم العسكر في السياسة الداخلية والخارجية، وفي الاقتصاد، والأمن، وهو المعطى الصعب جداً في الظروف الحالية للشعب المصري.

المعلومة “5”: مشكلة الإسلاميين في مشروعهم الفكري والسياسي الساعين لتنزيله والمتعارض بشكل صريح مع العلمانيين من جهة، واليساريين من جهة، والقوى المسيحية من جهة، هذا التعارض لم يترك مجالاً للتصالح، ووضع قائمة بالمصالح المشتركة للسعي للإطاحة بالعسكر، مما يعني بالضرورة أن العسكر باقون.

المعلومة “6”: مشكلة العلمانيين هي سعيهم لإثبات الوجود مهما كان الثمن ضد الإسلاميين، الكتلة الكبرى في منطقة إسلامية عربية تدين للتاريخ والجغرافيا والديموغرافيا للإسلاميين، مما يدفع العلمانيين للتحالف مع الشيطان في سبيل كسر شوكة الإسلاميين.

العسكر المصري: بقاؤهم رهين بقدرتهم على التحكم بالشعب المصري وتخفيف حدة الغضب الشعبي وتحقيق الاقتلاع السياسي والاقتصادي لمصر، فأمواج المد الشعبي تخطئ حيناً، بل في أحيان كثيرة تنسف الجميع، وليست الثورة الإيرانية ببعيدة عنا.

الإسلاميون: بناء الدولة المصرية وتنزيل المشروع الفكري يحتاج لصبر وجلد، وهذا ما أتبثه الإخوان المسلمون غير ما مرة، لكن تحتاج لإعادة ضبط الأولويات، فانقلاب 30 يونيو أثبت أن الحركات الإسلامية لا تزال لحاجة لربح الأرض والإنسان.

العلمانيون: حلمكم بكرسي السلطة لن يتأتى، وأقصى ما يمكن تقديمه لكم من العسكر هو دور الكومبارس، لا بد من إعادة قراءة المنطقة بشكل جديد ومختلف مع تحديد الأولويات هل إسقاط الإسلاميين أم إسقاط نظام جاثم على الصدور منذ 52؟

الشعب المصري: الجوع والفقر والاستبداد والفوضى والقتل والإرهاب والبطالة والفساد والأرض والعرض أليست بضريبة كافية لتستفيق وتتوحد خلف الحرية، لا إسلامية ولا علمانية ولا عسكرية، اجعلها شعبية.. شعبية.

هافغنتون بوست

Exit mobile version