ليس لديهم مصدر دخل إلا المرتب الحكومي الهزيل، ولم يرثوا من أهلهم شيئاً، فلماذا لا يسألهم وزير العدل (من أين لكم هذا؟)، أم انه يحب الإجابة الشهيرة (هذا من فضل ربي) فيوفر على نفسه مشقة السؤال …… متى يهتز ضمير الوزير بقضية واحدة تشفع له عند الله، وتشفي حقدنا ونفوسنا المريضة؟!
وأتساءل للمرة العاشرة ، ولا أطمع (كالعادة) في إجابة، ولا حتى في رد ملئ بالأكاذيب أو الأماني الطيبة، فالخوف يملأ قلوب الفاسدين ويمنعهم من الرد، ولو إنحرف النقد الموجه الى الفساد عن الحقيقة بضع (نانومليمترات) فقط، لما إمتلأت قلوبهم بالخوف وما مر النقد بدون رد، ولكن لماذا يفتح الخائف على نفسه باباً من جهنم، فضلاً عن الخوف الذي يعيش فيه، فليكتب من يريد أن يكتب، ولتمر العاصفة بلا ضجيج، ويظل الفاسد رافلاً في فساده ما دامت الدولة لا تعبأ به!!
* أتساءل .. ما الداعي للحديث عن الفساد، إن لم يجد مرتكبوه المساءلة والحساب، بل ويحظى البعض (نكاية في الشعب) بالترقية والترفيع، بينما يظل جلهم جالساً على نفس الكرسي سنوات طويلة، بل إن البعض يجد التبرئة والحماية والثناء والتقدير من ارفع المسؤولين في استفزاز وتحد واضح للشعور العام، فما معنى ذلك؟!
* لقد ظللنا نسمع كبار المسؤولين يطالبون كل من يتحدث بابراز المستندات، وسمعنا وشهدنا تكوين العديد من مفوضيات مكافحة الفساد، فلا الذين أبرزوا المستندات ــ رغم أن تقديم ليس من اختصاصهم ــ وجدوا من يصغى إليهم، ولا مفوضيات الفساد فعلت شيئاً، ولم نسمع أنها قدمت مفسداً للمحاكمة او حتى وبخته، إلا إذا كانت مهمتها (دغسمة الفساد) لا مكافحته!!
* دعكم مما تنشره الصحف، مرفقاً في بعض الأحيان بالمستندات الممهورة بتوقيع كبار المسؤولين، فالصحف في نظر الحكومة خائنة وعميلة و(…..) كما وصفها أحد الكبار قبل بضعة أعوام، وهي كلمة لا يمكن نشرها وإلا إنتهز البعض الفرصة لوأد هذا العمود، أما على لسان الكبير فهي (وردة زاهية) و(عسل منقط) ..
* دعكم مما تنشره الصحف، فما الذي حدث في الحالات الكثيرة التي أوردها ديوان المراجع العام في تقاريره منذ استيلاء الجبهة الاسلامية على السلطة قبل 27 عاما، أم أن التحقيق في القضايا يأخذ كل هذا الوقت، ووظيفة المراجع العام كما نعرف، هي وظيفة دستورية يحظى شاغلها بسلطات واسعة جداً، من ضمنها الاطلاع على كافة الدفاتر والمستندات والفواتير، والتحقيق مع أي شخص مهما كانت الوظيفة التي يشغلها، فهل سمعتم يوماً بحالة فساد واحدة وردت في تقارير المراجع العام أحيلت الى القضاء، أم ما هو الغرض من تقارير المراجع العام، وديوان المراجع العام، والأموال الضخمة التي تنفق عليه؟!
* دعكم من كل ذلك، فقد يكون كل ما يقوله وينشره المراجع العام والصحف، (كلام مضروب) و(تقارير مزورة) ــ وشغل ناس حاقدين على المجتمع ــ فما بالكم بالقصور الفارهة والأموال الضخمة التي يمتلكها مسؤولون وموظفون في الدولة ليس لديهم مصدر دخل إلا المرتب الحكومي الهزيل، ولم يرثوا من أهلهم شيئاً، فلماذا لا يسألهم وزير العدل (من أين لكم هذا؟)، أم انه يحب الإجابة الشهيرة (هذا من فضل ربي) فيوفر على نفسه مشقة السؤال، أم أنه يخشى على الكرسي الذي يجلس عليه، وبماذا سينفعه الكرسي يوم السؤال؟!
* متى يهتز ضمير الوزير بقضية واحدة تشفع له عند الله، وتشفي حقدنا ونفوسنا المريضة؟!
الجريدة
مناظير – زهير السراج