على نحو مفاجئ سجلت أسعار العملات الأجنبية بالسوق الموازي انخفاضاً ملحوظاً في الأسعار خلال اليومين الماضيين مقابل الجنيه السوداني ، وتوقع خبراء ومختصون أن تواصل أسعار الدولار الانخفاض نتيجة للإجراءات الأمنية التي اتخذتها الدولة خلال الأيام الماضية والتي أدت إلى انخفاض وصل إلى حوالي الثلاثة جنيهات، مشيرين إلى أن الأسعار التي وصل إليها الدولار في الفترة الماضية غير حقيقية وناتجة عن مضاربات تعتمد على أمزجة تجار العملة والذين يمتلكون فائضاً من الأموال يستخدمونها في شراء الدولار كملاذ آمن للعملة ، وربما يتجه هؤلاء التجار للتخلص من كميات الدولار التي بحوزتهم خوفاً من الخسارة.
عامل نفسي
الأمين العام السابق لاتحاد الصرافات عبد المنعم نور الدين قال من قبل ذكرنا أن أسعار الدولار في السوق غير حقيقية وناتجة عن مضاربات وهذه المضاربات لا تحد منها إلا القوانين والإجراءات الأمنية، وأضاف أن اتباع الإجراءات الأمنية واعتقال بعض تجارالعملة خلال الأيام الماضية أدى إلى هبوط الأسعار من 17 جنيهاً إلى 14,5 ، نور الدين يرى أن الهبوط المفاجئ في سعر الدولار لم يكن نتاج عامل اقتصادي إنما ناتج عن عامل نفسي، مشيراً إلى وجود شقين فيما يتعلق بأمر الدولار أولهما الشق الاقتصادي وهو محكوم بالعر ض والطلب ، أما الشق الآخر فهو خاص بالمضاربات يعتمد على أمزجة المضاربين والمتعاملين في سوق الدولار ومدى كمية السيولة المتوفرة لديهم، واعتبر أن وفرة العرض وهبوط السعر ناتج عن اضطرار من قاموا بتخزين أموالهم في شكل دولار كملاذ آمن للبيع خوفاً من الخسارة القادمة، وتوقع أن يتواصل الهبوط في الأسعار حتى يصل إلى السعر الحقيقي، داعياً لأهمية اتباع العقوبات الرادعة ومنع المضاربات، وقال إن العلاقة بين ارتفاع السعر وأحكام القبضة الأمنية علاقة عكسية، كلما زادت القبضة الأمنية تدنت الأسعار، وكلما قلت ارتفعت الأسعار.
قفزة غير منطقية
الخبير المصرفي شوقي عزمي يقول الاسعار قفزت في الفترة السابقة بصورة غير منطقية نتيجة لوجود قوة شرائية كبيرة مصاحبة لموسم الحج بالإضافة لالتزامات جهات أخرى تقوم بشراء الدولار، وأبان أن هذه الجهات توقفت عن الشراء إما نتيجة وصولها لتغطية احتياجاتها الحالية أو للمتابعات الأمنية التي جرت مؤخراً، لكنه قال إن المشكلة تبقى في شح الدولار نفسه، قائلاً متى ما توفرت موارد للبنك المركزي تمكنه من السيطرة على سعر الصرف وتنخفض الأسعاروإذا لم يتم ذلك فإن وجود جهات مشترية في أي وقت يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى.
مؤثرات وقتية
ولكن الخبير الاقتصادي عبدالله الرمادي له رأي مغاير حيث يرى أنه في المسائل الاقتصادية دائماً هناك تذبذب مابين الهبوط والصعود في كثير من المؤشرات الاقتصادية بسبب مؤثرات وقتية، وأحياناً قد تكون دورية، وأضاف أن كل هذا يحدث دون أن يكون هناك تغيير أساسي في الاتجاهات السائدة في معدلات الاقتصاد هبوطاً ونزولاً، الرمادي يقول بالنسبة للهبوط الذي حدث في سعر الدولار فإن أسبابه لا تمت إلى الاقتصاد بصلة، مبيناً أن التشوهات الموجودة في الاقتصاد ما زالت قائمة لعدم حدوث أي سياسات أو إجراءات من قبل الجهات الرسمية تؤدي إلى التغيير، وأشار إلى أن الهبوط الذي حدث خلال الأيام الماضية بسبب موسم الحج باعتبار أن الفترة التي تسبق موسم الحج تتسم بزيادة الطلب على الدولار من قبل الحجاح والتجار.
هبوط موسمي
الرمادي اعتبر هبوط الدولار موسمياً، قد يكون ساعد بدرجة قليلة الإجراءات الأمنية التي تمت، وقال حتى تكون المعالجات مؤثرة ودائمة ينبغي أن تكون اقتصادية تحدد ما هو السبب في المشكلة ومن ثم إيجاد الوصفة العلاجية المهنية. ومضى قائلاً إذا أردنا إيجاد معالجة جذرية وفورية يظهر أثرها خلال أيام قليلة بل ساعات، على الجهات الرسمية أن تعلن فوراً وقف الاستيراد بدون تحويل باعتباره السبب المباشر في ارتفاع أسعار الدولار، بجانب إيقاف تجارة الشنطة ومن ثم وقف استيراد السيارات والأثاثات للقطاعين الحكومي والخاص لمدة ثلاث سنوات، وبذلك يكون الدولار لدى المغتربين فقط فتتحكم الدولة فيه عبر إغراءهم بحوافز وسعر مقبول يعيد الثقة في البنك المركزي الذي فقدها جراء قرار خاطئ، حينما أوقف تسليم المودعين في المصارف أموالهم بالعملات الأجنبية و فرض تسليمها لهم بالعملة المحلية وبالسعر الرسمي، مما ترتب على ذلك ظلم وخطأ كبير عانى منه الاقتصاد الأمر الذي أدى إلى هروب الدولار إلى الخارج، داعياً إلى ضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد ونظام الحكم الذي وصفه بالمترهل.
تقرير: اشراقة الحلو
اخر لحظة