يحل علينا عيد الأضحى المبارك هذا العام وقد فقدنا ثلاثة من عظماء وكبراء هذه الأمة، أحدهم غيّبه الموت ورحل عن دنيانا إلى جوار ربه عز وجل، ألا وهو الشيخ الدكتور “حسن الترابي” الذي رحل في لحظات كان يمني النفس أن يرى الأمة وقد اكتمل نسيجها وعاد الود والصفاء بعد اكتمال مجريات الحوار الوطني، ولكن مشيئة الله تعالى قضت بأن يرحل الشيخ قبل أن يرى وحدة الأمة وقياداتها وبقية تنظيماتها قد عاد إليها الصفاء، أسرة الشيخ “الترابي” الصغيرة وأسرته الكبيرة في المؤتمر الشعبي وعامة الشعب يعيّدوا هذا العام بدون أن يسمعوا كلماته من مصلاه الذي اعتاد أن يراه فيه أحباؤه وإخوانه بقريته ود الترابي.
أما “الصادق المهدي” إمام الأنصار، فقد طال بعاده وطالت غيبته وطلته وصلاته في مسجد الإمام “عبد الرحمن” بودنوباوي، المسجد الذي درج أن يؤدي فيه صلاتي عيد الفطر والأضحية في تلك الساحة العريضة التي يفد إليها جموع الأنصار من كل صوب وحدب لأداء صلاة العيد ويجئ الإمام وهو على صهوة الجواد الأبيض والنحاس يدق من خلفه وأمامه والمصلون يكبرون تكبيرة الصلاة الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله ألا الله وحده صدق وعده نصر عبده وهزم الأحزاب وحده مخلصين له الدين ولو كره المشركون.. وتستمر الصلاة مع الإمام حتى العاشرة تقريباً لا يكل المصلون من طول الجلوس.. وهذا العيد يغيب عنه الإمام كما غاب الأعياد الماضية، فهل يعود إلى أرضه وداره وأهله قريباً؟
أما الرجل الثالث فهو مولانا “محمد عثمان الميرغني” وهو لا يقل شأناً عن الشيخ “الترابي” و”الصادق المهدي”، فله أتباع ومريدون طال انتظارهم لرؤيته وسماع صوته وتقديم التبريكات بالعيد السعيد، كما درج الختمية أن يتبركوا عليه ويبادلونه التحايا والسلام بالمناسبة العظيمة، ولكن مولانا طال انتظار أتباعه وحيرانه ومريديه كما هو حال الإمام “الصادق الهدي”. هؤلاء الثلاثة هم أمل هذه الأمة وكانوا بمثابة الجسد للروح وبهم عرف السودان الوحدة والتماسك وبهم كاد العقد أن ينفرط.. وهاهو إعلان الحوار الوطني ومخرجاته لوحدة الأمة قد اقترب وشهر عشرة ليس ببعيد عنا، آمال الشعب السوداني تتطلع إلى هذا اليوم الذي يعيد النسيج إلى وضعه الطبيعي، فعودة “الميرغني” و”المهدي” لها وقع خاص من خلال الاجتماعات القادمة، فلا العمر ولا الصحة تسمح بأن يكونا خارج أرض الوطن، فهم كبار هذه الأمة وبوجودهم يحدث التماسك لهذا العقد الذي ظل (منضوم) لعقود من الرمان.. فهل إذا غابا عنا وفي هذا العيد.. هل سيكون العيد عيدين بوجودهما.. نسأل الله ذلك.
المجهر