أوردت عدد من الصحف في صدر صفحاتها أن تحويلات المتسوِّلين للخارج قد بلغت (33) مليار جنيه، الخبر حقيقة مثير وإذا تعاملنا معه من باب كيف حصل أولئك المتسوِّلين على المبلغ؟، وكم عدد السنين التي جمع أولئك فيها هذا المبلغ؟، وما هي القنوات التي تم بها التحويل؟، وهل هؤلاء المتسوِّلين دخلوا بطريقة شرعية أم غير شرعية؟، وأين يسكنون؟ وما هي المناطق التي يتسوَّلون فيها؟، وكم المبلغ اليومي الذي يتقاضوه نتيجة لهذا التسوُّل؟، وما هي الجنسيات الأكثر تسوُّلاً؟.
إن عملية التسوُّل في السودان هي الأكبر بين دول العالم، ولكن الطرق التي ينال بها المتسوِّلين تلك المبالغ، هل معروفة للجهات المسؤولة من رعاية اجتماعية وأمن مجتمع ووزارة داخلية، والجهات المسؤولة عن الأجانب بأفرع وزارة الداخلية؟.. في بريطانيا شاهدت متسوِّلين، ولكن بطرق ظريفة جداً ولو قيل لك هذا متسوِّل فلن تصدق.. يقدموا لك الضحكة والابتسامة والفرفشة وكل أنواع الفكاهة مما يجبرك على منحه تلك الدريهمات.
إن الجهات المسؤولة بجهاز السودانيين العاملين بالخارج ينبغي أن تتضافر جهودها مع الجهات الأمنية لحصر أولئك المتسوِّلين الذين شوَّهوا صورة السودان أمام الأجانب أو الذين جاءوا للاستثمار بالسودان، فنلاحظ صبية ونساء ورجال أشداء أقوياء يقفون على الإشارات الضوئية بملابس متسخة وحالة لا تشبه حال السودانيين فيمدون أيديهم، أو يحاولون مسح زجاج السيارات بقطعة مبللة بغرض الحصول على المال أو محاولة استدرار عطف صاحب المركبة من فتاة تحمل طفلاً رضيعاً، وبالتأكيد الطفل الرضيع ليس ابناً لتلك الشابة، وقد استغل هذا الطفل المسكين في عملية التسوُّل، وانتشرت الظاهرة في أماكن متعددة من الولاية وبكثافة، ولذلك يحق لجهاز السودانيين العاملين بالخارج أن يخرج هذا الرقم التحويلي للمتسوِّلين الذي بلغ (33) مليار جنيه، وإذا كان المتسوِّلين الأجانب يحوِّلون مثل هذا المبلغ، فمن باب أولى أن يتجه أبناء الوطن وفي ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة أن يتحوَّلوا إلى متسوِّلين لتبقى العملة داخل الوطن بدلاً من تحويلها إلى الخارج، وكما يقول المثل “جحا” أولى بلحم ثوره، فنحن في أمس الحاجة لمثل هذا المبلغ، فكيف ندعه يقطع الفيافي إلى الخارج وربما تكون تلك التحويلات بالقنوات الرسمية، وسؤال آخر إذا كانت هذه تحويلات المتسوِّلين فكم تبلغ تحويلات القادمين إلى البلاد بطرق رسمية ويعملون بطرق مشروعة، هل جهاز المغتربين يستطيع الإجابة على هذا السؤال؟. إن بلدنا مفتوحة للنهب والسرقة ولا أحد يدافع عن ذلك، ثم نأتي بعد ذلك نتباكى عن ارتفاع أسعار العملة، هؤلاء هم الذين يخرِّبون اقتصادنا ونشجعهم على التحويل بالطرق الرسمية لا تهريب ولا خلافه.
المجهر السياسي