أزمة مكتومة تدور بين نواب البرلمان ووزير المالية، عشية تواجد الوزير بين رحى حجري النواب، نتيجة الاخفاقات التي صاحبت الأداء في الملفات الاقتصادية، والضبابية في الرؤية التي تحوم حول مسار إدارة الوزير لميزان العمل الاقتصادي بالبلاد، إثر التراجع المخيف الذي سجل عبر المؤشرات الاقتصادية، واختلال مؤشر النمو مقابل الانهيار الذي حظيت به كافة القطاعات الاقتصادية وحالة حبس الأنفاس التي لازمت فئات عريضة من المجتمع نتيجة تعثر حالة الولادة القيصرية لواقع الحال، على الرغم من محاولات وزير المالية بدر الدين محمود لإسعاف الموقف لولادة جنين اقتصادي طبيعي غير مشوه، لكن تململ نواب البرلمان إثر تصاعد الأزمات الاقتصادية واستفحالها كشف الغطاء عن وجود حالة تشويه بالمحاور الاقتصادية. وبلغ التململ ذروته لحظة مطالبات دفع بها البرلماني المستقل الفريق خليل محمد الصادق إلى سحب الثقة من وزير المالية بدر الدين محمود ومحافظ بنك السودان، بسبب التصاعد المستمر في صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، بجانب الارتفاع في كافة أسعار السلع وآخرها الغاز ومطالبات الفريق خليل جعلت النواب يلتقطون القفاز بمبادرة من أحد نواب الوطني بحملة جمع التوقيعات من أجل انعقاد جلسة طارئة للبرلمان لدراسة الوضع وسحب الثقة من الوزير والمحافظ، وتمكن النواب من جمع أكثر من (90) توقيعاً غالبيتها من نواب المؤتمر الوطني بالبرلمان .
*القسم قبل الولاء
ويبدو أن نواب الوطني الذين وقعوا على المبادرة رفعوا شعار «القسم قبل الولاء» وهذا ماجعلهم في خط المواجهة المبكرة مع قيادتهم بالبرلمان عبر معركة الأرقام، ويتدثر ببذتها النواب مقابل سلاح الكلمات التي يتوارى خلف تبريراتها مسؤولو القطاع الاقتصادي، ونجد أن رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان البروفسير أحمد المجذوب يفتح صدره للتصدي لضربات النواب المصوبة نحو الوزير، حيث نفى وجود أي اتجاه لاستدعاء وزير المالية بسبب تدهور الجنيه السوداني أو الارتفاع الذي طرأ على أسعار الغاز مؤخراً، حسب الزميلة (السوداني)، لكن تحركات النواب نحو جر عربة المالية من وحل الانهيار الذي توغلت فيه لم تتوقف.
عراب سياسية الخصخصة وزير المالية السابق د.عبد الرحيم حمدي دفع بروشته اقتصادية آخرى تتمثل في الحق المكفول للبرلمان بمساءلة وزير المالية، لكن هذه الخطوة تسبقها خطوة الاستماع إلى وجهة نظر الوزير في القضايا الاقتصادية المطروحة وقال لـ(آخر لحظة) إن حل الأزمة الماثلة اليوم لايتأتى بسحب الثقة من الوزير، لأن المشكلة لا تتعلق بالشخوص، لافتاً إلى وجود أسباب جوهرية تقف خلف الحالة الاقتصادية الماثلة، وأردف «حتى لو شالو الوزير المشكلة حتكون قاعدة» مشدداً على أهمية الجلوس من أجل تصحيح المسار الاقتصادي عبر اللجان الاقتصادية، لكنه في ذات السياق نبه إلى أن حالة الهلع والجري خلف حل الأزمة لن يحلها وربما يؤدي إلى تعميقها.
* الأغلبية الميكانيكية
وفي ذات الاتجاه رسم النائب البرلماني عن الاتحادي الأصل أحمد الطيب المكابرابي صورة زاهية لجهة قيام نواب البرلمان بأدوارهم الحقيقية في مطالباتهم بسحب الثقة عن وزير المالية، بيد أنه توقع أن تسعى قيادة البرلمان «لفرملة» هذه الخطوات، من أجل تكريس سيطرة الجهاز التنفيذي على مجمل المشهد دون ترك مجال للتعليق، وأشار إلى أن بقاء الوزير بكرسيه رهين برضا مؤسسة الرئاسة عنه، لا برضا النواب، حتى لو تدافعوا لسحب الثقة عنه، إلا أن النائب البرلماني المستقل مبارك النور من جهته نفى علمه باعتزام نواب الوطني بسحب الثقة عن الوزير وقال «لو دعونا مابنشارك معاهم لأنهم لامن يعصروهم في الحزب بيجروا يخلونا برانا في السهلة « لكنه في ذات السياق رهن نجاح مساعيهم في هذا المضمار إلى الأغلبية الميكانيكية التي يتمتعون بها
*غرف مغلقة
أما النائب البرلماني ورئيس لجنه الشؤن القانونية السابق محمد الحسن الأمين فقد اعتبر أن خطوات سحب الثقة من الوزير تتم عبرمراحل سماها بدعوة الهيئة البرلمانية عن كتلة الوطني للمناقشة في سياق أداء الوزير فإن كان اداؤه مقنعاً، لاسبيل لنزع الثقة عنه، لكنه أشار في ذات الإتجاه إلى أن قرار اللجنة إذا حدث بالاجماع في اتجاه إقالة الوزير، فان ذلك يتم داخل الغرف المغلقة عشية إرسال اللجنة المختصة تقاريرها إلى قيادة الحزب للبت في شأنه، ومن ذات الكوة يرى عضو المكتب السياسي بالوطني د. ربيع عبد العاطي أن الحديث عن توقيعات سحب الثقة من وزير المالية لا تعدو كونها مجرد أحاديث جانبية لاقيمة لها، لان نواب الوطني ملتزمون بنهج الحزب ومؤسساته، وفي ذلك ليس لهم غير السمع والطاعة، معتبراً أن إقالة الوزير لاتخضع للمزاج الشخصي من نائب أو اثنين .
تقرير : أيمن المدو
صحيفة آخر لحظة