** ضجت الميديا خلال الأيام الماضية بأنباء “صفقة شراء قطارات لولاية الخرطوم بملايين الدولارات عن طريق إحدي شركات القطاع الخاص”. وفي صيغة النبأ المتداولة أن هيئة السكة حديد تبين لها لاحقا، وعن طريق الصدفة، عند شروعها في استيراد قطارات من ذات المصنع بأن السعر أقل من قيمة الصفقة الأولى بكثير، ما حدا بالولاية لأن تشرع في “فتح تحقيق حول القطارات التي تقبع حاليا بإحدي مخازن السكة حديد ببورتسودان بعد أن تحفظت حكومة ولاية الخرطوم الحالية إستلامها”. الخبر برمته يشير إلى وجود شبهات فساد وتلاعب في فروقات السعر والاستيلاء على أموال الشعب بالباطل، لكن وزير البنى التحتية بولاية الخرطوم حبيب الله بابكر قطع لاحقاً بـ”عدم رفضهم استلام قطار مواصلات الخرطوم”، وأقر بوجود “عدد من التقاطعات في العقد تحتاج إلى التصحيح”، شارحاً الأمر على النحو التالي: “الاستشاري المسؤول عن المشروع غير موجود، وأنا لن استلمه في ظل عدم وجوده”، وزاد: “سوف نستلمها بعد تصحيح العقد وتواجد الاستشاري والمالك”. وكشف بابكر في تصريحات صحفية عن تعاقدهم مع استشاري جديد الأيام الماضية لاستلام القطارات، وتابع: “ننتظر إجازة الاستشاري للعمل الهندسي ومن ثم سوف نعلن عن موعد انطلاقها ودخولها الخدمة”. حسناً، القضية أثارت لغطاً وتصاعد على إثرها دخان كثيف، سيّما وأن الصيغة المبذولة عبر الأسافير وتطبيقات (الواتساب) كانت قد حملت أسماء شخصيات نافذة، وتنفيذيين من الوزن الثقيل، بالإضافة لرجال وسيدات أعمال حسبما تناقلته بعض المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي.. وسط تلك الأسماء، وبسهولة، استطعنا أن نميز اسم السماني الوسيلة، القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، ورئيس لجنة النقل والطرق والاتصالات بالمجلس الوطني. في صيغة النبأ المتداول أنه “بعد إثارة قضية الشركة في البرلمان في وقت سابق ظل يحتفظ بالأوراق لديه لأكثر من عام دون اتخاذ أي إجراءات حولها”.. على كل حاولنا الغور عميقاً واستجلاء الحقائق من مظانها، لسبر غور القضية.. بحثنا عن سماني الوسيلة.. بوصفه أحد من ورد اسمهم في المواقع الإسفيرية. حال تواجده خارج البلاد عن الجلوس إليه، لكن إفاداته هو أيضاً وصلتنا عبر الأسافير من خلال تطبيق (الواتساب) نفسه. الرجل أبدى سخطا من الزج باسمه في القضية، كما أظهر استعدادا لتبيان الحقائق.
* ما هي علاقة السماني الوسيلة بموضوع صفقة استيراد 6 قطارات بقيمة (42) مليون دولار عن طريق إحدى الشركات الخاصة؟
– لك التحية.. أشكرك وأشكر (اليوم التالي) على الاهتمام بعكس الحقائق مجردة من كل هوى وغرض.. دون إلقاء التهم جزافا.. تلك التي جاءت في بعض الأحيان بلا سند ولا موضوعية… ولا معلومات صحيحة.. أود أن أؤكد أنه لا علاقة لي لا من قريب ولا بعيد بهذه العملية.. بل لا أعلم عنها شيئا مطلقا، أنا لا علاقة لي خاصة بأي شخص ورد اسمه في الصفقة، حتى أصحاب الشىركة، هم أسماء معروفة ولا خصوصية ولا علاقة عمل تربطني بهم، كل الذي بيني وبين هؤلاء الناس علاقات عامة واجتماعية (إزيك أهلا وسهلا).. في ناس دخلوني في الملف دا ساي.
* حدثنا عن الذي تعرفه في قضية صفقة القطارات؟
– ليست لدي أي معلومات عنها، لكن حسب معلوماتي المتواضعة فإن المبالغ المذكورة مبالغ فيها بدرجة كبيرة.
* ولكن أنت قلت إنك لا علاقة لك بالصفقة.. فمن أين لك بأن المبالغ كبيرة أو صغيرة؟
– صحيح كما قلت لا علاقة لي بالقضية ولكن حسب معلوماتي المتواضعة المبالغ المذكورة مبالغ فيها.
* مجدداً سنحاول الاستهلال بالتساؤل؛ ورد اسم السماني الوسيلة بين الشخصيات ذات الصلة بالملف والقضية.. كيف ترد على ذلك؟
– ورود اسمي يدل على عدم إلمام مصدر الخبر بدور المجلس الوطني الذي هو سلطة تشريعية/ رقابية على الجهاز التنفيذي القومي في كل ما يهمه من تشريعات وأداء تنفيذي، وليست لديه أي سلطة على الولايات والتي تخضع لمجالسها التشريعية ولمجلس الولايات على المستوي الأعلى، وذلك يعني أنه ليست لدينا سلطة أو حق مساءلة الولاة بنص الدستور.. والمسألة ولائية بالدرجة الأولى.
* هنالك حديث عن أنك كرئيس للجنة النقل بالبرلمان ظللت تحتفظ بالأوراق لأكثر من عام دون أن تتخذ أي إجراءات، وأن هنالك شركاء من الباطن على صلة بالصفقة ولمواقعهم القيادية في الحكومة والحزب تركت الملف في أدراج مكتبك دون التحرك فيه..
– أؤكد أنه لم ترد هذه القضية للمجلس الوطني.. وليست لدى لجنة النقل التي أرأسها أية أوراق أو معلومات إلا ما رشح أخيرا.
* وردت في صيغة النبأ الرائج حول صفقة القطارات أسماء شخصيات قيادية كبيرة في الحكومة وشبهات فساد نرجو التوضيح..
– بخصوص موضوع ورود أسماء وشخصيات قيادية أقول لك لا علم لي شخصيا ولا لأعضاء اللجنة بتفاصيل هذه العملية..
* برأيك؛ لماذا رفضت ولاية الخرطوم استلام القطارات التي تعاقدت عليها ودفعت قيمتها بالكامل منذ العام 2013، وظلت القطارات مخزنة في بورتسودان؟
– إذا كانت حكومة الخرطوم قد رفضت استلام القطارات بحجة أنها مخالفة.. وفتحت تحقيقا.. فهذا يحمد لحكومة الولاية التي تؤكد بسعيها هذا أنها تسعى لتصحيح هذا الأمر.. فقط يكون الطلب هنا توضيح الحقائق من الجهات التي يقع الأمر تحت اختصاصها.. وهي حكومة الولاية ومجلسها التشريعي ومجلس الولايات.. حتى لا يؤخذ الأبرياء باتهامات ويحاكم من يثبت تورطه..
* سمعنا عن لجنة تحقيق حول موضوع الصفقة..؟
– أي قضية فساد يجب أن يتم التحقق من المعلومات حولها أولا.. لأن القانون نفسه يقول (المتهم برئ حتى تثبت إدانته).
* هنالك حديث عن أن الشركة المشار إليها أخفقت في تأهيل خط السكة حديد هيا بورتسودان بعقد قيمته نحو 400 مليون دولار وتمت إثارة الأمر في البرلمان، واستلمت الشركة نصيبها المنصوص عليه في العقد ولم تنفذ فعليا سوى 20 % من الطريق، كيف ترون في اللجنة هذه المخالفات، والسماح للشركة مجددا بالدخول في صفقات جديدة على حساب أموال الشعب؟.
– أثيرت هذه القضية في المجلس الوطني السابق.. تقريبا في عام 2014.. ولقد قامت اللجنة بعقد اجتماع مع إدارة الهيئة وبحضور الوزير السابق. ووقفت على المعلومات الخاصة بالعقد.. وزارت موقع العمل.. وكتبت تقريرا شاملا، وقد توليت رئاسة اللجنة في يوليو 2015.. وعند عملية الاستلام من رئيس اللجنة السابق كان من ضمن الموضوعات والتوصيات مراقبة هذه المشروعات. عقدنا اجتماعا مع مدير هيئة سكك حديد السودان الباشمهندس إبراهيم فضل وبحضور الأخ الوزير الحالي الباشمهندس مكاوي محمد عوض.. واستعرضنا ما جاء بالتقرير، حتى نقف على ما تم إنجازه منذ زيارة اللجنة قبل عدة أشهر، ولم نكتف بذلك بل سافرت اللجنة متتبعة الخط من الخرطوم إلى بورتسودان.. موقعا موقعا.. ولقد كان من المفترض- حسب العقد- أن يتم تسليم العمل في يوليو 2016.. وعند الزيارة وجدنا أن هناك تأخيراً يحتاج إلى ثلاثة أشهر إضافية حتى يكتمل العمل.. أي أن يتم التسليم في سبتمبر/ أكتوبر بدلا من يوليو 2016..
* من موقعك كرئيس للجنة النقل وبالقسم الذي أديته، ألا ترى ضرورة مساءلة ومحاسبة الشركة والجهات التي تقف معها بالداخل على ارتكاب هذه المخالفات؟
– وجدنا أن كثيرا من ملاحظات اللجنة قد أخذ بها، رفعنا تقريرا للوزارة عن أنه لابد من التقيد الصارم بنصوص العقد كاملة. في ما يخص زمن الاستلام.. جودة العمل. وتطبيق شروط العقد الجزائية في حالة عدم الوفاء بذلك، والآن على اتصال دائم مع الوزارة في هذا الشأن المهم جدا لأنه تعتمد عليه حركة التجارة ونقل البضائع من وإلى بورتسودان.. حيث من المؤمل أن ترتفع سرعة القطار وتزداد حمولة السحب مما يقلل زمن الرحلة ويخفض التكلفة.. ويجعل للسكة الحديد موردا يمكنها من إجراء إصلاحات على خطوطها من مواردها الذاتية، وهنا تتعاظم ضرورة متابعتنا لهذا المشروع الحيوي.. ومسؤولية اللجنة هنا تأتي من كون هذا المشروع ينفذ بواسطة الجهاز التنفيذي القومي والذي تقع مسؤولية الرقابة عليه على المجلس الوطني.. ليس كما في حالة مشروع قطارات الخرطوم، والذي تقع مسؤولية الرقابة عليه على السلطات الولائية.
* إذاً، ذات الشركة المنفذة لخط هيا بورتسودان هي التي نفذت صفقة قطارات الخرطوم؟
– نعم هي ذات الشركة، نوبلز، وهذه العقودات لها سنوات وليست جديدة.
* لماذا لم تتم مساءلتها وقد نفذت 20 % فقط من الطريق ودخلت في صفقة جديدة القطارات؟
– تنفيذ 20 % دا تقريرا اللجنة السابقة.. ونحن عندما راجعنا الأمر كان مختلفا جدا. التسليم لكل الخط يفترض أن يتم في سبتمبر أو أكتوبر القادمين. لذا نحن على اتصال دائم بالوزارة لأنها الجهة المسؤولة أولا والهيئة من النواحي الفنية والمالية.. نحن ننتظر ما تم الاتفاق عليه.. وأكدنا لهم ضرورة التقيد الصارم ببنود العقد والجوانب المالية عند التسليم، وحتى فترة التنفيذ.
* ما هوية هذه الشركة نوبلز؟ من يقف وراءها ويساندها من الداخل؟
– الله أعلم.
* كيف لا تعلم وهي شركة منفذة لمشروعات قومية بمليارات الدولارات؟
– كل ما أعرفه أن اسمها نوبلز وأصحابها الذين وردت أسماؤهم محمد المأمون ومعتز البرير.
* إذا لماذا ورد اسمك في هذه القضية؟، هل تعتقد أن خلطا تم في القضية بحكم أن الشركة التي تعمل في خط هيا بورتسودان هي ذاتها نوبلز صاحبة صفقة السيارات؟
– والله لا أعرف سببا إلا إذا حدث خلط بين مشروع تأهيل خط السكة الحديد، والذي نتابعه من خلال عمل اللجنة، وما أثير من حديث حوله.. ومشروع قطارات الخرطوم.. وهو أمر كما ذكرت يعني أن مصدر الخبر لا يعلم الفصل ببن هذه السلطات، قد يكون ظن أن الموضوع تم التكتم عليه من قبل اللجنة.. وهذا أمر أصلا لم يصل اللجنة ولن يصلها حسب نص الدستور.
* هل ستتخذ إجراءات ضد الجهات التي دفعت باسمك في القضية؟
إذا عرفت مصدر الخبر طبعا وعرفت أنها عن قصد فسأحرك ضدهم إجراءات قانونية لأن هذه إشانة سمعة واتهامات بدون تثبت، لأنه لا شيء أصلا يربط بيني ولا اللجنة وبين موضوع قطارات الخرطوم.. ومعقول موضوع يثار بهذه الصورة وتكون أوراق حولت إلى اللجنة ولا يعرف حتى أعضاء اللجنة هذا الأمر؟ وهذه أزمة نعيشها كلنا الآن، إطلاق الاتهامات قبل التحقق.
* من وراء الموضوع في رأيك بصراحة؟
– والله لا أعرف.. عموما أفوض أمري إلى الله وهو المستعان.
اليوم التالي