يبدو أن السلطات بدأت في إجراءات أكثر حدة مما مضى لكبح جماع ارتفاع سعر الصرف، حيث شهد يوم أمس الأول القبض على أكبر تجار العملة بالبلاد، وإيداعهم السجن الاتحادي بكوبر، إجراءات القبض والتحفظ وجدت استحسان من الكثيرين ..لكن يبقى السؤال الجوهري هل تكبح إجراءات الضبط جماح ارتفاع سعر الصرف أمام الجنيه؟
(6) مليارات خارج البنوك
خبراء الاقتصاد وحدهم من يملكون الإجابة على السؤال المطروح، لكن الأمر برمته ناقشته ندوة أقامها مركز التنوير المعرفي الأسبوع الماضي بعنوان ـ الجنيه السوداني إلى أين؟، حيث أفصح جهاز المغتربين عبر ممثله حسن بابكر عن وجود (6) مليار دولار خارج النظام المصرفي تأتي من (5) مليون سوداني يعملون خارج البلاد، عبارة عن تحويلات، وتذهب لدول العالم مثل الصين في مقابل (100) مليون دولار داخل النظام، وطالب بابكر خلال الندوة بتوحيد أسعار الصرف مع السوق الموازي، مع منح الفرق في السعر للمغتربين في شكل حوافز، و في الأثناء أقر عضو الأمانة العامة لغرفة المستوردين قاسم الصديق أحمد بتوفر النقد الأجنبي بالبلاد « لو في زول داير (200) مليون دولار موجودة» ولكن خارج النظام المصرفي، موضحاً دور السوق الموازي في استيعاب كل من الطلب و العرض، الأمر الذي يبدد محاولات البنك المركزي في ضبط أسعار الصرف .
*السماسرة
وأكد قاسم في حديثه أن سماسرة الدولار هم السبب الرئيسي لإرتفاعه، وذلك من خلال إضافتهم هامش ربح كبير على سعر الصرف المحدد بالسوق، الأمر الذي أدى إلى تواصل الإرتفاع دون توقف، محملاً جزءاً من مسؤولية الظاهرة للبنك المركزي من خلال فتحه اللأبواب لعدد من البنوك الأجنبية للعمل بالبلاد، الشيءالذي أثر سلباً على المعروض من النقد الأجنبي، موضحاً أن ما ترفده البنوك الجديدة كإحتياطي تسترده خلال مدة لا تقل عن 6 أشهر من تاريخ بدء العمل فيها، بالإضافة إلى الوجود الأجنبي غير المقنن الذي ينعش السوق الأسود للدولار بحسب قوله، و لم يعف عضو المستوردين شركات الإتصالات من مسؤلية الإرتفاع التي يرى أنها تعمل على شراء للنقد الأجنبي بأي سعر مما أدي إلى جشع تجار العملة .
*خطة حمدي
وصب وزير المالية الأسبق مزيداً من الزيت على نار الأوضاع الاقتصادية وصوب جملة من الانتقادات للسياسات الاقتصادية بالبلاد، مطالباً بتعديلات عاجلة في السياسات الإقتصادية والمالية ككل بإعتبارها سياسيات إنكماشية تؤدي إلى ترسب ما يسمى (الركود التضخمي) وارتفاع مستمر في الأسعار مما يؤدي إلى أنخفاض سعر العملة المحلية مقابل غيرها، و طالب عبد الرحيم حمدي بتحرير أسعار الصرف من أجل القضاء على السوق الموازي، على أن تعدل الكتلة النقدية الداخلية، وذلك عبر اعتماد الجهازين المصرفين المركزي والتجاري على الإستدانة من الجمهور، بجانب خفض الاحتياطي النقدي للمصارف من (18%) إلى (8%)، والسماح لبنوك الاستثمار برفع نسبتها في الأوراق الحكومية من (20%) إلى (35%) لتتيح للحكومة فرصة تمويل برنامجها الجديد الذي يقضي بالتدخل السريع، ودعا الدولة إلى إقامة مشروعات تنموية كبيرة لتحريك الجمود الحالي مما يؤدي إلى إنخفاض الأسعار بجانب إتجاهها نحو جلب الموارد .
*طلب حكومي
و بالمقابل انتقد وزير الدولة بوزارة المالية السابق حسن أحمد طه، خطة وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي التي انتقد فيها البرنامج الخماسي الذي وضعته الدولة، والتي أوصى فيها بتحرير سعر الصرف، ووصفها طه بأنها أخطر وصفة، مستهجناً مطالبة حمدي بإعادة شهامة في الوقت الذي تعجز فيه الحكومة من طرح أرباحها بحسب قوله، وشدد طه في منتدى « الجنيه السوداني إلى أين؟» أمس على ضرورة استقرار سعر الصرف من خلال زيادة الضرائب، خفض الإنفاق الحكومي مما يؤدي إلى زيادة الإيرادات، وأرجع طه ارتفاع أسعار الدولار إلى زيادة الطلب الحكومي، و قال « أكبر طلب على الدولار هو الطلب الحكومي و ليس الخاص».
تقرير:أسماء سليمان
صحيفة آخر لحظة