ربما يقول الجمل: (الله يجازيك يا السيارة ويا القطر ويا الطيارة)!! > ولعل السبب هو أن هذا (الثالوث) قد حرم الجمل وكل قبيلة الإبل من متعة كان هو رائدها, وشرف كان يفخر به، ألا وهو نعمة نقل الحجيج إلى بيت الله الحرام, ولزيارة الأراضي المقدسة وزيارة قبر النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.. والصلاة في مسجده الشريف. > الإبل التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في آية عظيمة يقول: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت).. كانت الوسيلة الأولى التي تحقق للمسلم الغاية العظمى في حياته وهي أداء شعائر الحج. > والإبل كانت تحمل (المحمل) والكسوة للكعبة المشرفة أزماناً عريقة وهي بذلك جد سعيدة. > والإبل كانت لها مع النبي المصطفى سيرة مشرفة, فناقته (القصواء) التي كان يفضلها لنجابتها حددت موقع مسجده الشريف بحي (بني النجار) في الموقع الذي (بركت) عليه بعد أن قال عليه أفضل الصلاة والسلام: (اتركوها فإنها مأمورة). > وهناك جمل اشتكى للنبي صلى الله عليه وسلم من ظلم حاق به من سيده كما ورد في حديثه رواه الإمام أحمد قال: (عن عبد الله بن جعفر قال أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم فأسّر إليّ حديثاً لا أُحدِث به أحداً من الناس, وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً أو عايش نخل فدخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا به فاضح له، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حَن وذرفت عيناه, فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح دفراه وسراته فسكت, فقال من رب هذا الجمل؟ فجاء شاب من الأنصار فقال أنا, فقال ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياه, فإنه شكاك إلي وزعم أنك تجيعه وتتبئه. (رواه الإمام أحمد). > الجمل كانت له في حياة العرب منذ الجاهلية مكانة سامية خلدوها شعراً وأدباً وكرماً وحُباً له . وهو عندنا في السودان لا يقل عن ذلك بل قد يزيد. > ذلك أنه كما ذكرنا كان الوسيلة الأولى لبلوغ الناس الحج وأداء أحد أركان الإسلام الخمس. > لذلك فإن مكانه عند شعراء المدائح كان متوجاً دائماً بالفضل والمنّة, فتجد في مقدمة مدائحهم دائماً. نعم من ساق نوقو وعبا طالب المختار واصحبا أو ما حديت العير وما جديت السير بالليل والنهار زرت صباح الخير والومي الفي قيودي أسير أو خلي البطا وقوم سالك قوم فوق (الهجين) يا مالك > بل إن منهم من استرسل وتغزل في وصف جمال وروعة الجمل كما جاء في رائعة الشيخ أحمد ود سعد شيخ المداح في قصيدة: يا ماشي لي أم أركان سلم علي النوران حيث يقول في بعض أوصاف الجمل الذي يرغب في أن يعينه للحج وزيارة قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام فيقول: يا علي ود حامد هات جملاً يكون زاواة لو البشارى ولو العليقيات ولاهو الجهين ولا الكباشيات أمو الوالداهو لم توصف بالجهات ويصف لنا الشاعر المادح هذا الجمل وصفاً رائعاً بقوله: أبيض في لونو كشب اليمنيات أفطس قدومو نخريهو مرهفات عيناهو الكحل إضنينو قرقورات الخناق في جيدو كالشولق في البنات ضامر حشاهو وكلاهو طالعات شارف سنامو كسحاب العين البات مكركم ذينو عراقيبو مرخيات سمحات كيعانو ما هن مكفنشات ومدردم ساقو كقزاز الروميات مدور خفو كصحن الريفيات زمامو الفضة فيه سبع رشمات شيشك لا تعوق ارخيلو السماعات قام تب بينا بي سرعة وبي ثبات يطوي المسافة كملصة النعلات ثم يطوف بنا الشاعر بهذا الجمل (الأسطورة) حتى لنبلغ مبتغانا بقوله: حجينا وطفنا بالكعبة كم مرات وصبحنا وجوهن كالقمر ضاويات اللهم بلغنا هذا المبتغى يا رب واغفر ذنوبنا، وصل اللهم وسلم على نبينا المصطفى أفضل الصلاة وأتم التسليم.
الانتباهة