مين قساك
* لو كان الفن قيمة وسلوكاً، فيجب أن يتربع على سدة عرش الفنون دون منازع، ولو كان الإبداع موهبة فمن الصعب أن ينافسه أحد، فهو بئر إبداع لا تنضب وصاحب موهبة فطرية كالمطر منحة لا تستجلب!.
* تواضع لا مثيل له.. طيبة لا تشبه سوى سماحة شخصيته.. رهافة حس تسمع دندناتها في تعاملك معه قبل أن تمنح أذنك لألحانه.. رقة لا توصف.. تسامح يجعلك في حيرة من أمرك، فالفنان الاستثنائي السني الضوي قبل أن يكون كرواناً يُجِّمل دنيا الغناء، فهو إنسان فريد ونسمة عذبة تعطر الأرجاء وتلطف كل الأجواء..!
* لم أستغرب عندما علمت قبل شهور معدودات أن صديقنا الملحن الرقم والمغني البديع السني الضوي يعاني (ضعفاً في عضلات القلب)، فقلبه الرقيق بالفعل لا يحتمل ضخ الدماء ناهيك عن التكيف معنا في عالم يسوده الغل والحسد والضغائن والزيف والمكر والرياء..!
* يتميز السني بأدب صوفي جم وخلق رفيع رافقه منذ نشأته الأولى بمسقط رأسه في منطقة نوري التي التحق فيها بخلوة الشيخ الحسن كرار قبل أن يحزم حقائبه في بواكير صباه ميمماً وجهه شطر الثغر الباسم للاستقرار في مدينة بورتسودان مع شقيقه محمود أحمد محمد السني المقيم هناك، كما أن نبوغه الفني ظهر منذ مراحل حياته الأولى، ليتجلى إبداعه بعد مجيئه إلى الخرطوم والتحاقه بمدارس كمبوني وإكمال دراسته بمدارس الأقباط وتخرجه في المعهد الفني وتعيينه موظفاً في (الهيئة القومية للكهرباء) التي كانت تحمل وقتها اسم (شركة النور)..!
* رأت إبداعاته النور في أوائل الستينيات عقب تعلمه عزف العود وتلحينه لأعمال زميله في (شركة النور) الشاعر الفذ محجوب سراج، وكان أول تعاون له كملحن مع الفنان الراحل إبراهيم عوض في أغنيتي (مين قساك) و(ليه بتسأل)، ليبدأ السني الضوي من حيث انتهى الآخرون..!
* عرف الناس السني الضوي كمغنٍ من خلال (ثلاثي العاصمة) كتجربة مختلفة جمعت السني ومحمد الحويج وإبراهيم أبو دية، وبعد وفاة الحويج واصل السني وأبو دية المشوار كثنائي واستطاعا أن يفرضا وجودهما وينافسا أسماء لامعة كانت تسيطر على المشهد الغنائي بالسودان، وقدما أعمالاً خالدة مترعة بالشجن والحنين ظلت محفورة بالوجدان، ولم تمتد لها يد التآكل والنسيان..!
* هزت وفاة أبو دية قبل سنوات السني الضوي وخيم عليه حزن دافق لم يفارقه قط، وإن جفت مع مرور الزمن أنهار دموعه فإن بحار حزنه لم تجف، لذا فقد فضّل السني الانزواء وظل يمثل ملاذاً للشباب و(حاضنة مواهب) وأعلن اعتزاله الغناء..!
* قدم السني الضوي لمكتبة الغناء ألحاناً آسرة مثل (الجرح الأبيض، عاطفة وحنان يا ناس، شوفتك وابتهجت، ليه يا قلبي ليه، وتلقى الدنيا فرحة) بالإضافة إلى معظم الأعمال التي قدمها مع أبو دية كثنائي، فالسني الذي يرقد طريح الفراش الأبيض الآن يمثل مشروعا فنيا كامل الخصوصية و(فصلاً مختلفاً) من كتاب الأغنية السودانية..!
* دعواتنا الدائمة للسني الضوي بتمام الصحة والعافية، فالرجل من (ذوي المشاعر الرقيقة) والقلوب النقية الصافية..!
نفس أخير
* مين قساك مين قسى قلبك؟!