٭ عرف عن الفنان خوجلي عثمان أنه كان من هواة تقليد زملائه من الفنانين وكان يقلدهم بطريقة فيها من التجويد ما يجعلك تشعر أنه خلق ليكون ممثلاً ، وقد كنت أعلم من بعض الأصدقاء أنه كان يقلد طريقتي في أدائي لبعض قصائدي بطلب خاص من الفنان محمد وردي لدرجة كان معها وردي يضحك إلى حد الثمالة، إلا أن الفنان الكبير فات عليه أن يعلم أن خوجلي كان يقلده أمامي خاصة أثناء تأديته لأغنية (يا طير يا طاير) ، كان يقلده بطريقة تجعل الصخرة تكشف عن أسنانها ضاحكة .. فالرحمة والمغفرة لهذين النجمين.
٭ جميعنا نعلم أننا نولد ونحن نبكي ثم نغادر وأحبابنا يبكون كأننا كنا على علم مسبق بأننا جئنا إلى حياة ماهي إلا مطحنة من الأنين وبالرغم من ذلك كتب علينا أن نحياها ، وهكذا أخذت أيامنا في التساقط هنا وهناك ، البعض منا تمكن من أن يحيا بنصف دمعة والبعض الآخر عاشها بدمعتين ، أما العازف الماهر الذي تمكن من إجادة العزف على ابتسامتها فقد وجد له نجاة من وجع كان ينتظر.
٭ أثناء بروفة لأغنيتي (البلوم) للفنان أحمد الجابري ،دعاني لها أنا والراحل الحبيب الشاعر عثمان خالد ، جاء صوت والدته من الداخل تنادي عليه ليبحث لها عن حبة من الإسبرين لأنها تعاني صداعاً ، فعاد إلينا ممسكاً برأسه وهو يقول إن الصداع الذي أصاب والدته انتقل إليه هو وأخذ يطلب منا أن نسامحه في تأجيل البروفة إلي وقت لاحق ، قال لي الشاعر عوض جبريل هكذا هو الجابري إذا شكت والدته من مجرد وعكة عابرة ترك الدنيا بما فيها من زخم وأضواء وظل إلى قربها يؤانسها ويضاحكها إلي ان تنام وقد ينام بقربها على الطرف الآخر من السرير.
٭ قال لها هل تعلمين أن الموجة بلمساتها الرقيقة قادرة على تفتيت صخرة صماء, وأن الوردة قادرة على مواجهة أقسى الرياح إذا كانت تؤمن أن ما تحمله من عطر لا يباع علي موائد المشترين, وقال لها أن المحبة قادرة على تحويل العداوة إلى ملامح طفلة مشرقة الإبتسامة وأن التسامح قادر على الإرتقاء بالإنسان إلى درجة تمكنه معها أن يلمس السماء, وأن المستحيل يمكن أن يكون ممكناً لو تكرمتي بأن أتأمل في عيونك قليلاً
٭ تعرفت على عدد كبير من عمالقة الإبداع في بلادي، وأعتقد أن هذه حالة تكرمت بها الأقدار لا تقدر بثمن، تعرفت على العملاق عبد الكريم الكابلي على مدى أربعين عاماً جمع فيها بين الفراشة والجدول، وعلى عبد الرحمن الريح فرأيت فيه جمالاً لا يوجد في كل تاريخ الجمال، وعلى محمد يوسف موسى صاحب الإبتسامة الغامضة صعبة التفسير.. جميعهم يحترق إبداعاً، ذكرت لكم هذه الأسماء ولكن هناك أيضاً من الأسماء التي تضاء بها المصابيح ولكنا ظلمناها ، تعمدنا أن ننسى ما قدمته لنا من ضياء فحكمنا عليها بالإعدام نسياناً مع سبق الإصرار والترصد.
٭ هدية البستان:
لو ألبس ليك الشوق خاتم أو أبقى معاك للسر كاتم
لو أزرع ليك عمري مواسم لو جيتك ليلة العيد باسم
ما فارقة معاك لو عشت أنا أو مت وراك