ربما لرد التحية بأحسن منها قرر رئيس الجمهورية المشير عمر البشير زيارة دولة الجنوب في 17 من الشهر المقبل، زيارة البشير إلى جوبا تأتي في أعقاب الزيارة الناجحة التي قام بها النائب الأول لرئيس حكومة الجنوب تعبان دينق للبلاد الأسبوع الماضي، تعبان حمل رسالة رسمية من سلفا للبشير لزيارة جنوب السودان.
مياه تحت الجسر
زيارة البشير حسبما يرى مراقبون تحدثوا لـ (آخر لحظة)، ذات أهمية بمكان، لا سيما تأتي في ظروف بالغة التعقيد تعيشها الدولة الوليدة. لكن بعد زيارة تعبان فإن مياهاً كثيرة جرت تحت جسر العلاقة بين البلدين بسبب تداعيات إعلان الخرطوم رسمياً عن وجود زعيم المعارضة الجنوبية رياك مشار بأراضيها لدواعٍ إنسانية بغرض تلقي العلاج.
إعلان الخرطوم جاء متزامناً مع وداع مسؤوليها لنائب سلفاكير أو ربما قبل أن تهبط طائرته على مدرجات مطار جوبا.. بيد أن جوبا لم تشتط غضباً من إعلان الخرطوم والكشف عن وجود زعيم التمرد بأرضها.. وقال سفير دولة جنوب السودان ميان دينق في تصريح سابق لـ (آخر لحظة) إن جوبا ليست غاضبة من فعلة الخرطوم.. لأن الأخيرة أخطرت حكومة الجنوب رسمياً بوجود مشار وتفهمت جوبا الأمر.
تفهم جوبا
حديث ميان ربما يجعل حسبما يرى المحلل السياسي راشد التيجاني.. الطريق سالكاً أمام زيارة الرئيس المرتقبة إلى جوبا.. وحسب التيجاني فإن جوبا أبدت حسن نيتها واستعدادها لمد حبال الود من جديد بينها والخرطوم بالزيارة الأخيرة للمسؤول الثاني في دولة الجنوب.. حيث جاءت كل تصريحاته إيجابية لا سيما حديثه عن الحركات المسلحة والتلويح بعدم السماح لها بالتحرك داخل أراضي الجنوب وإغلاق الباب أمام زعمائها. وطمأن التيجاني أن مسألة وجود مشار بالخرطوم لا يمكن أن تلقي بظلال سالبة على الزيارة واجتماع القمة في جوبا.. وأضاف أن الخرطوم أخطرت جوبا والأخيرة تفهمت الموقف وانتهى الأمر.
توقعات
وحول ما يمكن أن تحققه الزيارة من مكاسب توقع راشد أن يصل الجانبان إلى اختراق كبير فيما يتعلق بوضعية الحركات المسلحة والحد من تحركاتها وإمكانية فتح المعابر بين الدولتين.. الشيء الذي سيعود بالنفع لدولة السودان بشقيها وتنشيط تجارة الحدود ومناقشة كيفية إغاثة الخرطوم لمتضرري الحرب في الجنوب وتنفيذ وعودات الحكومة التي قطعتها مع الرجل الثاني في دولة جنوب السودان.. لا سيما دور الخرطوم في التوسط لحل الخلاف الجنوبي عبر شركاء الإيقاد.
عين فاحصة
ويرى الخبير الإستراتيجي والأمني سليمان عوض أن الزيارة المرتقبة يجب أن تدفعنا إلى إعادة النظر بعين فاحصة في علاقة السودانيين في الجنوب والشمال بعيداً عن حدود سياسية تم تقسيمها.. بل واقع جرى على مدى عقود خلق مصاهرات وعلاقات وتفاعلات ومصالح مشتركة، فالتقسيم كان بداية حرب طاحنة في الجنوب وتوترات على الحدود بين شمال وجنوب السودان، ومضى سليمان قائلاً لا بد أن نجعل من الزيارة مناسبة لإعادة النظر في العلاقات العامة بمفهوم جديد.. فمثلاً شمال السودان هو الأكثر معرفة بحكومة جنوب السودان والمعارضة الجنوبية والقبائل المتحاربة في الجنوب، ويتبين ذلك في وجود الجميع بالخرطوم، وثقة الجنوبيين في الشمال تجعله الوسيط الفاعل لإنفاذ اتفاقية السلام في الجنوب، وكذلك القوات المسلحة الشمالية تجد الثقة بين أبناء شعب الجنوب (المدنيين) رغم الحروب السابقة لكنها لا تزال الأكثر قبولاً.
تقرير:علي الدالي
صحيفة آخر لحظة