ثبتت دراسة أجرتها مؤسسة »وطني الإمارات« وجود علاقة تربط الألعاب الافتراضية بالابتزاز الإلكتروني، وتعد مدخلاً لوقوع الفتيات بشكل خاص في فخ الابتزاز.
وأشار ضرار بالهول الفلاسي، المدير العام لمؤسسة »وطني الإمارات«، أن الدراسة شملت جانبين: الأول نظري تحليلي، والآخر ميداني، اعتمد على عينة من الناشئة في مختلف المراحل الدراسية، إضافة إلى الملتحقين بالبرامج والورش الصيفية.
فريسة سائغة
وذكر أن الدراسة بينت أن 89 % من الفتيات اللواتي أجريت عليهن الدراسة لم يخبرن أولياء أمورهن عن الأضرار أو أنواع الابتزاز التي تعرضن لها أثناء ممارسة الألعاب الإلكترونية أو مشاركة أشخاص مجهولين في اللعب خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
إضافة إلى تردد الذكور بمصارحة أولياء أمورهم أو إخبارهم عن المضايقات التي يتعرضون لها من جراء إدمانهم على الألعاب الافتراضية، حيث بلغت نسبة الذين لم يفصحوا عن الأضرار 49%، مقابل 45% منهم تحدثوا مع أهلهم عن الآثار السلبية والمشكلات التي واجهتم دون ذكر تفاصيلها.
توصيف دقيق
وقال ضرار بالهول: حتى تكون الأمور أو المفاهيم واضحة للأسر وأولياء الأمور قررنا في بداية الدراسة توضيح معنى الابتزاز للناشئة، من خلال 27 ورشة عمل حول الابتزاز الإلكتروني نفذتها المؤسسة في البرامج والمخيمات الصيفية.
وأوضح أن الناشئة الذين يقضون ساعات طويلة أمام شاشات الأجهزة الذكية، يتعرضون لمحاولات غير قانونية من أشخاص مبتزين أو استغلاليين، من أجل الحصول على الأموال منهم، أو إشباع رغباتهم غير السوية.
ويكون ذلك بالإكراه أو بالتهديد بنشر معلومات، أو بفضح أسرار الضحايا، أو صور لهم، أو غيرها من المعلومات الشخصية، مؤكدا أن المشكلة تبدأ بالتفاقم وتصبح مصدر قلق للناشئ، خاصة الفتيات، إن كان ما يملكه الطرف الآخر عبارة عن محادثات، أو صور محرجة تضر بسمعتها.
الأسباب والحلول
وقال ضرار بالهول: إن الدراسة التي حملت عنوان »مخاطر الألعاب الافتراضية والابتزاز الإلكتروني على الناشئة« شملت شباباً وفتيات بين 11 و20 سنة، تم خلالها طرح عدة أسئلة عليهم، لمناقشة الأسباب والدوافع التي تجعل الناشئ يلجأ للعالم الافتراضي، والكشف عما يتعرض له من ابتزاز إلكتروني قد يكون بشكل عاطفي أو مادي.
كما شملت الدراسة آراء أولياء الأمور للتحقق من مدى إدراكهم خطورة الألعاب الافتراضية على أبنائهم، ومدى محاولتهم لإيجاد بديل مفيد لمعالجة مشكلة إدمان أبنائهم على شراء الألعاب وتثبيتها على أجهزتهم وهواتفهم.
وتطرقت الدراسة لضرورة ملاحظة التغيرات التي تطرأ على الأبناء الذين يقضون ساعات طويلة في اللعب الإلكتروني، خصوصاً الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة غير واعية، وبالتالي يصبحون هدفاً سهلاً لأصحاب الأفكار الهدّامة.
سلوكيات مريبة
وأشارت الدراسة في المقابل أن أولياء الأمور أكدوا اهتمامهم بملاحظة سلوك وتصرفات وألفاظ أبنائهم، وأنه بات لديهم قلق من استغلال أصحاب الفكر الظلامي للناشئة والشباب، ومحاولة جرّهم لمستنقع الإرهاب.
حيث اعتبر 67% من أولياء الأمور أن الألعاب الإلكترونية قد تكون مدخلاً لأصحاب الأفكار المتطرفة، بينما أبدى 33% ثقتهم بأبنائهم وبكونهم يمتلكون وعياً وطنياً ورقابة ذاتية كافية تحميهم من مخاطر دعوات الإرهابيين الإلكترونيين.
كما أظهرت الدراسة أن 50% من أولياء الأمور لاحظوا تراجع المستوى الدراسي عند أبنائهم بسبب انشغال تفكيرهم باللعب الافتراضي، و38% منهم (أولياء الأمور) صرحوا بوجود تأثير سلبي في صحة أبنائهم من ناحية ضعف نظرهم، واضطرابات نومهم أو رؤيتهم للكوابيس، بينما تنوعت الآراء حول تغير سلوك الأبناء نتيجة الهوس بالألعاب الافتراضية.
حيث اعتبر 50% من أولياء الأمور حدوث تغير في سلوك الأبناء؛ فمنهم من أصبح انطوائياً ولا يختلط مع أقرانه أثناء التجمعات العائلية، ومنهم من أصبح عدوانياً يقلد أبطال الألعاب الإلكترونية.
فراغ قاتل
وأشار الفلاسي إلى أن من بين أهداف الدراسة معرفة العلاقة بين الجمود الفكري والفراغ الذي يجعل الشباب يسلّمون عقولهم لأشخاص لديهم أجندات أو معتقدات دخيلة على المجتمع، ويوهمون الشباب أنهم يرغبون بنصحهم ومساعدتهم، إلا أنهم في الواقع يخدمون مصالحهم وأجنداتهم الخاصة.
موضحاً أن الدراسة كشفت أن 89% من الفتيات يلجأن لألعاب العالم الافتراضي بسبب الفراغ وشعورهن بالملل، و51% من الذكور يلجؤون للألعاب الافتراضية للسبب نفسه، و43% منهم يجدون فيها متعة وتحدياً.
وفي تعليق على هامش الزيارات الميدانية التي نفذتها المؤسسة لإجراء الدراسة طالب الفتيات والفتيان بمشاركة الآباء والأمهات الأبناء في اهتماماتهم العصرية، والتقرب منهم ومناقشة ما يطمحون إليه، خصوصاً أن الأبناء في هذه المرحلة بحاجة لمن يصادقهم.
وحول مشاركة أولياء الأمور أبناءهم في اللعب (الافتراضي أو الإلكتروني)، أكد 74% من الذكور أن الآباء والأمهات لا يشاركونهم اللعب، و63% من الفتيات لا يجدن اهتماماً من الأهل بالمشاركة، بينما 26% أجبن بأنهن يقضين وقتاً ممتعاً بمشاركة أولياء أمورهن اللعب معهن.
الثقافة القانونية
وقال الفلاسي: يأتي هنا دور الأسر لتثقيف أبنائهم وتعليمهم حقوقهم وواجباتهم، وكيف يتعين عليهم التصرف في حال وقوعهم ضحايا لأشخاص مجهولين، وضرورة تنبيههم بألا يستغلوا ضعف شخص قاصر حتى يمارسوا عليه الابتزاز، وألا يقبلوا بذلك في المقابل، مع تعريفهم بالأسباب الحقيقية للابتزاز التي قد تكون في الظاهر ضرورية.
ولكن في المضمون هي أهداف تخريبية تؤدي إلى الضرر في النسيج الاجتماعي، أو لأجل الحصول على المال أو على فرصة عمل أو التعرف من أجل الزواج.
كما ناشد أولياء الأمور بضرورة إدراك وجود رقابة على الأبناء ومشاركتهم في اختيار أنواع الألعاب الافتراضية التي يرغبون بتثبيتها أو شرائها، وأن يكون ولي الأمر على قدر كبير من الوعي بمدى الخطورة التي قد تتسبب بها الألعاب، خصوصاً تأثيرها في المستوى الدراسي أو الصحي، أو السلوكي عند الناشئ.
البيان