سراج النعيم: أما آن الأوان يا (عمر) أن يرتاح هذا الشعب

لم تعد قرارات رفع الأسعار تشكل هاجس أو تدهش أو تفاجئ المستهلك، ربما لأنه اعتاد على سياسة الحكومة الإقتصادية الفاشلة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني، وهي بلا شك سياسة منتهجة منذ أن سيطر هذا النظام على مقاليد الحكم في البلاد، وهي سياسة اقتصادية لم تنجح في الخروج بالسودان إلى بر الأمان، بل قادت البلاد إلى طريق اللاعودة، بدليل أن الشعب السوداني ظل يعاني من تخبط الحكومة منذ أن تم فصل جنوب السودان، وبالتالي لم تضع خيارات بديلة للنفط.
إن الوضع الراهن أصاب إنسان السودان بإحباط لدرجة أنه يثور في لحظة اصدار القرار، ثم سرعان ما يتأقلم معه، بالرغم من أنه مفروض عليه فرض، ويجعل ذلك الواقع الإقتصادي القاهر، معظم سكان السودان يمدون أيديهم نتاج الغلاء غير المبرر والإرتفاع الجنوني للأسعار بصورة عامة، فهنالك أسعار تقرها وتعلنها الحكومة، وهنالك أسعار تتم بصورة عشوائية يستند فيها من يقرروها على إرتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني، والذي عجزت الحكومة أن تكبح جماحه، ولم تستطيع أن تخلق توازن ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺗﺐ التي هي ضعيفة جدا، ما جعل الحياة تمضي على نحو صعب جدا، وتضاعف الأعباء على المستهلك، فبالأمس أصدرت كبرى شركات النفط في هذا البلد المقلوب على أمره قرارا يقضي بزيادات في أسعار غاز الطهي، بالرغم من أن قرارا سابقا بالزيادات الحكومية لم يمض عليه أشهر من تاريخه، والذي مر كغيره من القرارات التي لم يحرك في إطاره الشعب السوداني ساكنا، بل بدأ مستسلما استسلاما تاما، وبالتالي تصبح هذه الزيادات فاتورة جديدة تضاف إلى فواتيره القائمة أصلا، وبلا شك هي من الفواتير الصعب جدا تمزيقها في ظل واقع إقتصادي متدهور جدا، ويزداد تدهورا يوما تلو الآخر.
إن زيادة أسعار غاز الطهي ﺟﺎﺀﺕ في توقيت يشهد فيه السودان ظروفا إنسانية غاية في التأزم، مع وجود بنود صرف كالمؤتمرات والاتفاقيات والحوارات والمرتبات وغيرها، وبالتالي كلما أشرقت علي (محمداحمد) الغلبان شمس صباح يوم جديد يتفاجأ بزيادات في أسعار السلع، علما بأن المؤشر يؤكد أن الزيادات بدأت على هذا النحو المتصاعد منذ أن تم الإعلان عن زيادات في ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻤﺢ فمن ساعتها عرفت أنها لن تتوقف عند هذا الحد، بالرغم من أن الحكومة ظلت تبرر الزيادات والمواطن يغط في نوم عميق، إلا قلة منهم يستنكرون ثم يستسلمون ثم يتأقلمون على الزيادات الجديدة، وربما هذا السكوت شجع الحكومة وبعض الشركات على زيادة الأسعار، فلا الحكومة ولا الشركات ولا غيرهما يتخوفون من خروج الشعب إلى الشارع أو أن تحدث تلك القرارات التي يصدرونها ثورة الجياع.
من الملاحظ أن الزيادات بدأت تأخذ اشكالا والوانا وابعادا بعد أن تم إجراء تعديلات ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ، الذي شدد على عقوبة وسجن كل مواطن يثير الشغب، فهل إذا خرج الشعب السوداني عن بكرة أبيه إلى الشارع مستنكرا الزيادات يكون قد خالف ذلك القانون، وتضطر الحكومة إلى تنفيذ القانون في مواجهته، حتى لو كان خروجه ذلك سلميا، للتعبير عن حق كفله له الدستور، أرى أن ذلك القانون أن دل على شئ، فإنما يدل على أنه شرع للسيطرة على أي احتجاجات يتوقع حدوثها لأي سبب من الأسباب.
إن الزيادات أصبحت ﻓﻮﻕ ﻃﺎﻗﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ، إلا أنه التزم الصمت، كما صمت من قبل، لذا السؤال الذي يفرض نفسه هل ﺭﻓﻊ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻐﺎﺯ يشير إلى رفع الدعم عن سلع ﺃﺧﺮﻯ على المدى القريب أو البعيد، خاصة وأن الأسعار لا تتناسب ﻣﻊ ﺩﺧﻞ الفرد، الذي لم يعد أمامه خيار سوى أن يناهض تلك القرارات حتى لا يكون سلبيا في حياته، التي تشهد ارتفاعا جنونيا في أسعار السلع الاستهلاكيةالاخري، الأمر الذي يؤرق مضاجع ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ، خاصة ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ.
فيما نجد أن أسعار ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺑﺎﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ تراجعت ﺑﺎﻭﺭﻭﺑﺎ ﺑﺤﻮﺍﻟﻰ %12، بينما نطرح نحن السؤال القديم المتجدد إلى ﻣﺘﻰ ﻧﻈﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻝ والأﺳﻌﺎﺭ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ، إلى جانب عدم وجود ﺭﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ الأﺳﻮﺍﻕ أو الشركات المنتجة أو محطات المواصلات، فكل تاجر أو صاحب شركة أو سائق مركبة عامة يرفع الأسعار بمزاجه الشخصي، فلا ﺭﺍﺩﻉ ﻭﻻ ﻭﺍﺯﻉ ﺩﻳﻨﻲ، ومع هذا وذاك نجد أن الشعب (ﺗﻌﺐ)، ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻓﺎﻗﺪ للدليل، ولايدري ﻣﺘﻰ ﺗﺼﺪﻕ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻭﻋﻮﺩﻫﺎ التي أصبحت مجرد وعود تخدر بها الشعب السوداني الذي ظل صابرا على مدي أكثر (25) عاما، افما آن الأوان يا (عمر)، أن يرتاح هذا الشعب.
من جانبها ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ قد ﺭﻓﻌﺖ ﺳﻌﺮ ﻏﺎﺯ ﺍﻟﻄﻬﻲ ﻗﺒﻞ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺃﺷﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻔﺎﺟﺊ ﻣﻦ 25 ﺟﻨﻴﻬﺎ ﻟﻸﺳﻄﻮﺍﻧﺔ ﺯﻧﺔ 12.5 ﻛﻴﻠﻮ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺛﻼﺙ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻟﻴﺼﻞ ﺳﻌﺮﻫﺎ 70 ﺟﻨﻴﻬﺎ ﻟﻠﻮﻛﻼﺀ ﻭﺗﺼﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﺑـ 95 ﺟﻨﻴﻬﺎ ﻟﻸﺳﻄﻮﺍﻧﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ.

بقلم
سراج النعيم

Exit mobile version