(المساخيط) و(الجنائية)!!

*كان اعترافاً فريداً لمتهم أمامها..
*بل لعله الأغرب من نوعه في تاريخ هذه المحكمة..
*فكل الذين مثلوا بين يديها حاولوا التملص من جرائمهم..
*كانوا يرددون عبارة الأفلام المصرية الشهيرة (برئ يا بيه)..
*ومنهم من برأته بالفعل مثل السوداني إدريس (أبو قردة)..
*قالت إنه لا ضلع له في قتل أفراد من قوة حفظ السلام عام (2007)..
*علماً بأنه كان قد مثل أمامها طوعاً ، لا كرهاً..
*وبرأت الزعيم الصربي سيسلي من تهمة جرائم حرب ضد مسلمي الكروات..
*وكان ذلك إبان حرب البلقان الأهلية في مطلع التسعينيات..
*وبرأت الرئيس الكيني أوهورو كينياتا من تهمة اقتراف جرائم ضد الإنسانية..
*وكان قد ذهب إليها بمحض إرادته وهو رئيس..
*أما المتهم الذي نعنيه بكلمتنا هذه فهو (المتشدد) أحمد الفقي المهدي..
*وتهمته هي تدمير آثار تاريخية بدولة مالي..
*آثار مدرجة في قائمة التراث العالمي للإنسانية بمدينة تمبكتو..
*وأقر المهدي بفعلته وقال إنه نادم ويطلب الصفح..
*الصفح من شعبه وحكومته والمسلمين والتاريخ والمجتمع الدولي..
*والآثار المعنية هي أضرحة وقباب ومزارات..
*وهي – للعلم – منهي عنها أصلاً في ديننا الإسلامي..
*ثم إن أولياء الله عرَّفهم الحق في كتابه بأنهم (الذين آمنوا وكانوا يتقون)..
*فكل من آمن واتقى هو – إذاً- ولي و(كفى)..
*ولكن ما من جماعة لها الحق في هدم هذه (البنايات) منفردة اتقاء الفتنة..
*وهذا ما اعتذر عنه الفقي أمام محكمة الجنايات الدولية..
*فهل يعتذر الغربيون عن هدم آثار فرعونية لسرقة ما بداخلها من (مساخيط)؟..
*سواء كانت مصرية الآثار هذه ، أم سودانية؟..
*وهل إن مثل أمامها أحد سارقي الآثار هؤلاء سوف تحاكمه أسوة بالفقي؟..
*و(المساخيط) مفردة صعيدية تُطلق على التماثيل الأثرية..
*ومن مفارقاتنا في السودان أن الذين يحرسونها هم وزراء (أنصار السنة)..
*أي الجماعة التي ترى أن هذه التماثيل حرام..
*وهي كذلك فعلاً إن لم تنتف مسببات الحرمة في أذهان الناس..
*بمعنى أنها ما باتت تذكِّر أحداً باللات والعزى وهبل..
*تماماً مثلما أن طول الجلباب لم يعد يرمز إلى الكِبر والزهو والخيلاء..
*وما من مخالفة للمجوس في إطلاق اللحى وحف الشوارب..
*وربما ينظر أنصار السنة إلى (مساخيطنا) من زاوية الاجتهاد هذه..
*ولهذا يشرف عليها وزراؤهم بدلاً من أن يهدموها..
*وليت المتشددين كافة يعتذرون عن جرائم أفظع من فعلة الفقي..
*يعتذرون عن (هدم) الأرواح ، لا القباب..
*فهؤلاء هم (المساخيط) حقاً !!!

Exit mobile version