أحد مرافقيه كشف أسرار الإجلاء والوصول إلى الخرطوم رياك مشار.. أسطورة (واندينق) لا تزال تسيطر على تحركاته

لا يزال المشهد السياسي في السودان وربما محيطه الإقليمي مذهولا من إعلان الخرطوم عن وصول النائب الأول لحكومة رئيس دولة جنوب السودان د. رياك مشار؛ إلى أراضيها فوجود الرجل الذي تمت إقالته من منصبه بعد “احداث القصر”؛ في الخرطوم يعد مفاجأة كبيرة لها ما بعدها سيما وأن الإعلان عن وجود مشار في الخرطوم واستقبالها له لدواع إنسانية تزامن مع زيارة لخليفته تعبان دينق للخرطوم ايضا.
بعد إعلان وجود مشار بأحد مشافي الخرطوم، خرجت العديد من الشائعات حول صحته ما بين إصابته بالرصاص والاتجاه لبتر إحدى رجليه ونقله بصورة عاجلة إلى الأردن لإجراء عملية عاجلة في العين، ولكن لم تكن تلك إلا شائعات خرجت لا يسندها الواقع فقد كشف أحد مرافقي مشار بالمستشفى الذي يتلقى العلاج فيه أن الرجل انهكه المسير وآثر الخروج إلى الخرطوم لما توفره له من أمن واستقرار نفسي.
خطة الخروج
مشار خرج من جوبا في رحلة عبر الأدغال تم تنفيذها بعناية فائقة ووفق خطط عسكرية فقد أشرف عليها نائب رئيس هيئة الأركان بجيش المعارضة الفريق جيمس كوانغ شول، بدأت باخراجه من جوبا وصولاً إلى الكونغو الديمقراطية، ثم نقله إلى الخرطوم وقد كشف مصدر داخل قيادة الجيش المعارض أن الخطة نفذت على ثلاث مراحل، بدأت أولا بإخفائه عن الأنظار في جوبا لمدة ثلاثة أيام فور اندلاع الأحداث ثم أعقبتها مرحلة مهمة تمثلت في إخراج مشار من جوبا في يوليو الماضي ويشير المصدر الذي تحدث لـ(الصيحة) أن تلك المرحلة استلزمت حذرا كبيرا ونفذت بدقة عالية بعد أن تم تأمين الطرق، التي سيسلكها، مبينا أن المرحلة الثالثة تمثلت في نقله خارج البلاد، مشيرا إلى أن هذه المرحلة بالذات كانت محفوفة بالمخاطر وتأجلت أكثر خاصة بعد انشقاق عدد من القيادات والشخصيات من جانب مشار وانضمامها لسلفا كير، الأمر الذي رتب حذرا كبيرا خوفا من أن تكون هذه القيادات قد سربت لسلفا كير معلومات عن تحرك مشار.
الإجلاء
ذات المصدر في حديثه لـ(الصيحة) أكد أن مغادرة مشار لجنوب السودان لم تكن سهلة في ظل سيطرة الحكومة على المطارات، فكان أن تم تسريب معلومات خاطئة لاستخبارات جوبا، وإيهامها بأن عملية الفرار ستتم عبر الحدود مع إثيوبيا، لتبتلع جوبا الطعم وتدفع بآلاف الجنود على طول حدودها مع إثيوبيا، عندها كان مشار ينطلق عبر غابات الاستوائية، نحو الكونغو مشيرا إلى أن الرحلة كانت محفوفة بالمخاطر، باعتبار أن المناطق الحدودية مع أفريقيا الوسطى تخضع لمليشيات نهب مسلح وغير آمنة، غير أن مشار وصل الكونغو ودخل بلدة غوما، بصحبة 14 شخصاً من معاونيه، إضافة إلى زوجته انجلينا. ليتم إجلاؤه بمعاونة الأمم المتحدة إلى الكنغو ومنها إلى الخرطوم،
رحلة الأيام الـ(48)
احد مرافقي د. رياك يدعي قرنق مول اكد لـ(الصيحة) أن صحته تمضي للأحسن بصورة جيدة بخلاف ماهو متداول في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كاشفا عن مشي مشار وسط الغابات والجبال “48” يوما على قدميه، الأمر الذي تسبب في إصاباته بجروح بالغة استدعت نقله للخرطوم عقب وصوله إلى دولة الكنغو، مبينا أن مشار وصل الخرطوم وكان حينها في أمس الحاجة إلى تلقي العلاج العاجل ما جعل الحكومة تنقله إلى المستشفى بصورة عاجلة وتقدم له أفضل الخدمات الصحية، لافتا إلى أن زوجته انجلينا تينج ومدير مكتبه وشخص آخر “تحفظ عن ذكر اسمه” بالإضافة إليه يرافقون مشار منذ وصوله للمستشفى، وقطع بأن التقارير الطبية التي يعمل وفقها طاقم الأطباء الذي يباشر مهمة متابعة حالة مشار لم تشر من قريب أو بعيد إلى تدهور الحالة الصحية له أو حاجته لتدخل جراحي أو بتر إحدى ارجله بسبب الجروح، معتبرا أن ما يتم تدواله في هذا الشأن محض شائعات لا أساس لها من الصحة.
خروج للعلن
قرنق مول أكد في حديثه لـ(الصيحة) أن د. رياك مشار سيخرج للعلن ويخاطب الرأي العام خلال الساعات القادمة لتوضيح ملابسات خروجه من جوبا حتى وصوله الخرطوم من خلال مؤتمر صحفي سيدعى له لاحقا كما أنه سيقوم بإجراء لقاءات رسمية مع المسؤولين السودانيين وبقية دول الإيقاد للتأكيد على تمسكه باتفاق السلام الموقع بين الأطراف الجنوبية المتصارعة ومن ثم الترتيب للعودة لجوبا فور التوصل لاتفاق لممارسة نشاطه الدستوري وفق ما نص على الاتفاق.
بينما أكد سفير جنوب السودان في الخرطوم، ميان دوت أن حكومته على علم بوجود مشار، في الخرطوم وتتابع حالته الصحية وقال إن “الحكومة السودانية أبلغت النائب الأول لرئيس الجمهورية بأنها استقبلت مشار لأسباب إنسانية، وقد أبلغ الرئيس سلفا كير بهذه التطورات” فيما أكد وزير الإعلام بدولة جنوب السودان، مايكل مكوي لويث في حديث لتلفزيون جوبا أنهم يقدرون استقبال الخرطوم لمشار لدواع إنسانية، بينما قال المتحدث باسم زعيم المعارضة المسلحة بدولة جنوب السودان، جيمس قديت داك بأن الدكتور رياك مشار الذي وصل الخرطوم صباح أمس الأول (الثلاثاء) سيخضع لفترة علاج بالخرطوم لعدة أيام قبل أن يغادر إلى دولة أخرى لم يحددها، مقدما شكره لحكومة وشعب السودان على استقبال مشار في الظروف التي يمر بها.
ويصف الأمين العام للهيئة القومية لدعم السلام بدولة جنوب السودان، أحد أنصار مشار، استيفن لوال، لـ(الصيحة) موقف الخرطوم بأنه إنساني وموفق لجهة علاقتها بالطرفين في جنوب السودان لافتا إلى أن مشار الذي طلب الدخول للخرطوم لإحساسه بالأمن والطمأنينة والاستقرار فيها مشيرا إلى إن حالته الآن مستقرة تماما ويتلقى العلاج وتقدم له الحكومة العناية الصحية المطلوبة معتبرا أن الحديث عن تدهور حالته الصحية محض شائعات تطلقها مجموعة القيادات التي انشقت عن مشار لإضعاف روحه المعنوية حتى لا يعود إلى جوبا لأن عودته إلى جوبا تعني ذهابهم من المناصب التي وضعهم فيها سلفاكير باعتبار أن الإيقاد لا تزال تعترف بمشار كنائب أول لرئيس جمهورية جنوب السودان، مبينا أن مشار يدرك ذلك جيدا ولن تؤثر فيه الشائعات.

الصيحة

Exit mobile version